كتب حسين إبيش الباحث بمعهد دول الخليج العربي بواشنطن عن خطة فلاديمير
بوتين لتقسيم سوريا.
وقال في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إن "تصعيد
روسيا في سوريا والذي استفاد من الشلل الأمريكي وسياسة واشنطن تجاه الحرب هناك يهدف إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط.
وقال إن قلة من الناس على ما يبدو تفهم بشكل كامل ما يحاول الرئيس الروسي بوتين فعله، مع أن ما يقوم به خارج قدرات موسكو.
ولكن بوتين يشعر وبدهاء أن هناك فرصة يجب انتهازها من أجل إعادة دور روسيا في الشرق الأوسط الذي فقدته في سبعينيات القرن الماضي.
ويقول إبيش إن التدخل الروسي يسعى لتحقيق تقسيم فعلي للأرض السورية، وأشار إلى المقترح الإيراني في آب /أغسطس من أجل القيام بعمل عسكري لإنقاذ نظام بشار الأسد؛ حيث ظهر قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، وهو يتفحص خرائط وخططا عسكرية في الكرملين.
ويعتقد الكاتب أن القوة العسكرية الروسية تهدف إلى تأمين الجزء الغربي من سوريا، وهو ما تبقى من الدولة السورية والذي لا يزال تحت سيطرة النظام، وتقع فيه القواعد العسكرية الروسية في طرطوس واللاذقية.
وبعيدا عن الحملة العسكرية في منطقة شمال سوريا ومناطق مثل حلب، يرغب الإيرانيون وحلفاؤهم من حزب الله تأمين الجزء الجنوبي من شمال سوريا، والذي يمتد إلى الحدود اللبنانية، ويمر بجبال القلمون حتى دمشق، ومن هناك إلى المدن الساحلية ومعاقل العلويين الذين ينتمي إليهم الأسد.
ويضيف الكاتب إلى أنه بعيدا عن مواجهة تنظيم الدولة فهدف روسيا من الدفع داخل سوريا هو تأمين "دويلة"، وبناء عليه، فما يريده الأسد وحلفاءه هو إنقاذ ما يمكن أن يطلق عليها "
سوريا الصغيرة" فهذا هدف يمكن تحقيقه.
وسيترك هذا التقسيم الأجزاء الأخرى من البلد في يد الوطنيين والمقاتلين الإسلاميين والمناطق الكردية في الشمال، وما يطلق عليها الخلافة في شمال وشرق سوريا.
وسجل الكاتب أنه رغم ما تدعيه دعاية الكرملين فتنظيم الدولة يعتبر الفائز الأكبر من التدخل الروسي.
وتابع قائلا: ففي نهاية الأسبوع استفاد التنظيم من الغارات الجوية الروسية التي استهدف 90% منها المعارضة السورية، وسيطر على قرى عدة قريبا من مدينة حلب. وقال التنظيم إن أحد أبرز جنرالات الجيش الإيراني الجنرال حسين حمداني يخدم تقدم أهداف التنظيم والنظام السوري.
ويقول إن رسالة موسكو الواضحة هي محاولة تقديم حل من خلال تطبيق النموذج اللبناني لعزل المناطق السورية وتقسيمها بين الفصائل المسلحة المتنازعة.
ويرى الكاتب أن الرسالة التي تريد موسكو إيصالها لواشنطن، التي لا تعرف كيفية إنهاء الحرب مفادها، أن "الحرب السورية لن تنتهي إلا بموجب الشروط الروسية حتى لو لم يعد الأسد مهما للكرملين".
ويقول إن رغبة الإدارة الأمريكية للتعامل مع نهاية النزاع بدون تحرك أمريكي أدى بعدد من القادة الأمريكيين البارزين كما ورد في تعليق نشره موقع بلومبيرغ إلى الاستعداد لدعم الروس. فلقد انتقلت السياسة الأمريكية في سوريا من التراجيديا إلى المهزلة. وكان آخر مظاهر الفشل هو إلغاء برنامج تدريب المعارضة السورية الذي رصد له مبلغ 500 مليون دولار.
ويتساءل الكاتب إذا كان لدى موسكو سياسة فلماذا لا تدعمها؟
ويرى أن التخلي عن الساحة لروسيا لن يخدم مصالح الولايات المتحدة، ويعني بالضرورة التخلي عن قتال تنظيم الدولة في سوريا، وهو ما يعني عدم نجاعة مواجهة التنظيم في العراق فقط. ويعني هذا أيضا بقاء خطر الأسد أو شخص آخر يهدد السوريين بالإضافة لتنظيم الدولة.
ولهذا السبب أعلن الجنرال جون ألن مبعوث أوباما لتحالف الدول ضد تنظيم الدولة، الذي اكتشف أنه يشرف على مهزلة، ولا أحد يرغب في أن يكون بمقدمة عملية تزييف.
وأخطر من هذا فقبول واشنطن بالإرادة الروسية يعني تعايشا مع إعادة تشكيل الشرق الأوسط. وتحاول روسيا إنجاز تحالف قوي يضم العراق وإيران وحزب الله وسوريا الصغيرة. ومن أجل تحقيق هذا، لا تخاطر روسيا بإمكانية مواجهة مع الغرب بل قامت بتحسين علاقاتها مع القوى الإقليمية مثل تركيا والسعودية.
ولا يوجد أي سبب لعدم دعم أمريكا لهذا، صحيح أن روسيا ليست بقوة أمريكا عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا، ولكن المسألة لا تتعلق بالقوة ولكن الإرادة، فعلى الورق لا تستطيع روسيا الدخول في الشرق الأوسط وتؤكد قوتها فيها. ولكن بعد التدخل في أوكرانيا وضم القرم ومهزلة الأسلحة الكيماوية السورية، فإن بوتين يعرف أن لا أحد سيوقفه.
ويعرف بوتين أنه امتد على أكثر مما يستطيع، ويواجه إمكانية الوقوع في مستنقع سوريا، ولديه الكثير من الخلافات مع إيران، وهو مستعد -والحالة هذه- وفي أي وقت حمل إنجازاته والتحالف مع أمريكا ولكن من موقع متميز.