يستغل عناصر مليشيات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري السلطة الكبيرة الممنوحة لهم، وعدم تبعيتهم لأي جهة رسمية، ليحولوا حواجزهم التي تحاصر مدينة
قدسيا في ريف دمشق الغربي إلى مراكز لجمع الأموال والأتاوات من المواطنين، بمن فيهم الموالون، في ظل حاجة السكان للدخول والخروج من المنطقة.
وباتت هذه
الحواجز توصف من قبل الموالين لبشار الأسد أو المعارضين له على حد سواء؛ بأنها "بنوك صغيرة" تعود أربحاها الصافية التي تقدر بمئات آلاف الليرات السورية يوميا؛ إلى جيوب عناصر المليشيات، رغم الضجة الكبيرة التي أثارها الموالون للأسد مؤخرا حول تكرار مشاهد
الابتزاز عشرات المرات يوميا.
حلا، فتاة دمشقية موالية للأسد، تحدثت عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن مطالبتها من قبل حاجز للمليشيات بدفع مبلغ 75 ألف سورية (200 دولار أمريكي) مقابل السماح لها بإخراج سيارتها من داخل مدينة قدسيا، لكن رغم دفعها ذلك المبلغ الكبير، إلا إنها تعرضت للشتم من بقية الحواجز ومعاملتها بشكل سيء بسبب عدم استفادتهم المادية منها، بحسب قولها.
وأشارت "حلا" إلى تحول عناصر الحواجز العسكرية التابعة لمليشيات "الدفاع الوطني" إلى أعمال الابتزاز والسمسرة، مؤكدة اضطرار إحدى رفيقاتها لدفع مبلغ 100 ألف ليرة لحاجز آخر يحاصر ذات المدينة، مقابل السماح لها أيضا بإخراج سيارتها من داخل المدينة المحاصرة، قبل قرابة ثلاثة أشهر.
الناشط الإعلامي "أبو باسل الدمشقي"؛ أكد بدوره لـ"عربي21"، تشابه كافة الحواجز العسكرية التي تحاصر مدينة قدسيا في سياسة استغلال حاجة المواطنين داخل المدينة وخارجها، حيث تجني تلك الحواجز مبالغ مالية كبيرة تصل إلى ملايين الليرات، مشيرا إلى تعامل كل حاجز من الحواجز المنتشرة بطريقة خاصة به، وكأنه "دولة مستقلة"، بحسب وصف أبي باسل الدمشقي.
وأوضح الدمشقي أن هدف الحواجز الوحيد هو اختلاس أكبر قدر من أموال السوريين لمصلحتهم الشخصية، مقابل السماح للمدنيين بالعبور من أو إلى المدينة، أو إخراج بعض الحاجيات لمن يقطن خارجها.
وأضاف الدمشقي: "دفعك الأموال لأحد الحواجز التابعة للمليشيات لا يعني بالضرورة تسهيل مرورك على بقية الحواجز العسكرية"، لافتا إلى اصطدام عدد من المدنيين مع الحواجز الأخرى التي ترفض السماح بمرور الأشخاص أو السيارات خارج المدينة بسبب عدم حصولهم على المال، "وبالتالي من الممكن جدا إعادتك إلى المدينة في حال عدم دفع الأموال لهم" أيضا، على حد قوله.
مصادر إعلامية غير رسمية مقربة من النظام السوري؛ أكدت بدورها تلقي حواجز المليشيات الأموال من المدنيين المحاصرين داخل المدينة ممن يودون الخروج منها، أو من الموالين الراغبين في الدخول إليها بهدف إخراج بعض حاجياتهم منها، حيث يصل المبلغ من خمسة آلاف ليرة سورية إلى 10 آلاف ليرة سورية للشخص الواحد دون أي حاجيات، في حين أن السماح بخروج سيارة تتراوح تسعيرته من 25 ألف ليرة سورية إلى 50 ألف ليرة، مطالبة بفتح "تحقيق حول تلك الحواجز".
ومدينة قدسيا في ريف دمشق الغربي، والواقعة على أطراف العاصمة السورية دمشق، تعاني من
حصار خانق تفرضه قوات النظام السوري والمليشيات المساندة له منذ أكثر من ثلاثة أشهر، رغم عقدها لاتفاق هدنة منذ عدة أشهر، حيث أعادة النظام فرض الحصار على المدينة بعد اتهام النظام لكتائب مقاتلة فيها بخطف عنصر من قواته، الأمر الذي نفاه الثوار مباشرة.
ويطال الحصار المفروض على قدسيا أكثر من 600 ألف مدني بداخلها، غالبيتهم من أبناء الغوطتين الشرقية والغربية، إضافة إلى أهالي جنوب دمشق، الذين هربوا من جحيم الحصار في مدنهم، ليدخلوا الحصار مجددا في المدينة التي نزحوا إليها.