نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية، تقريرا اعتبرت فيه أن
الكنيسة الأرثوذكسية الروسية أصبحت تسير بحسب رغبات الكرملين، مشيرة إلى أنها "انخرطت منذ فترة في تقديم المديح الديني للزعيم الشيوعي ستالين، وللرئيس الحالي فلاديمير
بوتين، في إطار مخطط وضعه هذا الأخير لإحياء أجواء الحرب الباردة، وضمان التأييد الشعبي لسياساته".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الكنيسة الأرثوذكسية تقوم بتوفير الغطاء الديني لفلاديمير بوتين، وخاصة مع انطلاق طائرات "سوخوي" لضرب المعارضة في
سوريا، لتحفز الشعور القومي لدى الجماهير، وتعيد إحياء الخطاب السوفييتي، وتخلق أجواء مناسبة لبوتين؛ ينفذ فيها سياساته دون اعتراض من شعبه.
وأضافت أن
البطريرك كيريل؛ صرّح الأسبوع الماضي في سياق دفاعه عن ستالين، المتورط في جرائم ذهب ضحيتها الملايين من الناس، أن "نجاح رجل دولة ساهم في التقدم بالبلاد نحو الحداثة؛ لا يمكن التشكيك فيه، رغم الأمور السيئة التي قام بها".
وتابعت: "تناسى البطريرك بذلك الضحايا بالملايين من بين مواطني الاتحاد السوفييتي، الذين قتلوا في معسكرات الاعتقال، أو عبر افتعال المجاعات، ومن خلال عمليات التطهير العرقي، وخاصة أن رجال الدين الأرثوذكس طالتهم أيضا آلة القتل الستالينية".
وذكرت الصحيفة أن تصريحات البطريرك -الذي وصل إلى هذا المنصب الديني في 1 شباط/ فبراير 2009، كثاني بطريرك روسي منذ سقوط الاتحاد السوفييتي- لاقت رفضا شديدا، وخاصة في صفوف معارضي فكر ستالين، حيث نقلت عن أستاذ العلوم السياسية، الكاتب ألكسندر نيفزوروف، قوله: "كيريل انخرط في الحركة الأيدولوجية الظلامية التي تعيشها
روسيا اليوم، أو على الأقل انخرط في الأيدولوجية الرسمية التي تتبناها الدولة".
وأشارت "لوتون" إلى أنه "بعد عام 1917؛ تطورت العلاقة بين الكنيسة والكرملين، خاصة أن ستالين هو من دعم الكنيسة ليكسب دعمها في حشد الشعب في حربه ضد هتلر عام 1943".
وبينت أن هناك أقلية متطرفة داخل الكنيسة الأرثوذكسية؛ تسعى لتقديم ستالين بشكل قديس، مشيرة إلى أن العديد منهم تناسوا أنهم عوقبوا على يد ستالين بسبب رفضه للدين، فيما تقوم وسائل الإعلام التابعة لرجال الدين الروس، بتشبيه ستالين بهتلر، حيث وصفته بأنه "وحش" و"فزاعة".
ونقلت عن الصحفي أندري أركانغويلسكي، في سياق تفسيره للعلاقة بين السلطة والكنيسة، قوله: "حتى الآن؛ الكنيسة هي المسرح الأخير لصراع السلطة التي تسعى للتخلص من الإرث القمعي الستاليني، وبسبب وجوده في موقع مسؤولية؛ وجد كيريل نفسه مجبرا على التصريح بدعمه لسلطة بوتين".
وقالت الصحيفة إن تصريحات البطريرك تقدم دعما واضحا لبوتين، بطريقة تنم عن الدهاء والمكر السياسي، ذلك أن بوتين قدّم نفسه كبلسم للانقسامات الدموية بين الشيوعية والقيصرية، وخاصة بعد الحرب الأهلية الدموية التي وقعت بين عامي 1917 و1922، والتي لا تزال حتى الآن ماثلة في ذاكرة المجتمع الروسي.
وفي الختام؛ أشارت الصحيفة إلى أن فلادمير بوتين يقدم الآن خطابات تاريخية، حول الانتصارات السوفييتية والتراث القيصري، كمحاولة منه لتوحيد المجتمع الروسي خلفه ليضمن الدعم لسياساته.