يستعين النظام السوري بخطباء الجمعة لحض الشباب على الالتحاق بالخدمة الإلزامية والاحتياطية، حيث أصدرت مديريات الأوقاف تعليمات للخطباء للحديث حول هذا الموضوع في ظل امتناع أعداد متزايدة من المطلوبين للخدمة عن الاستجابة لطلبات النظام بهذا الصدد، رغم النظام السوري يصف نفسه بأنه نظام "علماني".
وفي تعميم اطلعت عليه "
عربي21"، توجهت مديرية أوقاف اللاذقية إلى الخطباء بالقول: "نرغب إليكم بتوجيه الشباب المدعوين للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية أو المتخلفين عنها للالتحاق فورا بمراكز تجنيدهم أو لأقرب مركز عسكري تلبية لنداء الواجب الوطني، دون أن يتعرض المتخلف إلى المساءلة القانونية".
ونوه التعميم الذي حمل ختم وتوقيع مدير الأوقاف عبد الفتاح ريحاوي، إلى أن أداء الخدمة سيكون ضمن محافظة اللاذقية حصرا.
وكان خطيب الجامع الأموي في دمشق قد تناول الموضوع ذاته في
خطبة الجمعة الماضية، وهو ما يعني أن هناك قرارا مركزيا للحديث حول هذا الموضوع.
وقال خطيب الجامع الأموي مأمون رحمة، متوجها إلى المشتكين من نقص الخدمات، كالماء والكهرباء: "تريد خدمات بدون أن تقاتل؟ تريد خدمات بدون أن ترسل ولدك ليدافع عن أرضه وعرضه؟”. وأضاف: "(هل) يحق لك أن تختبئ ولا تقاتل؟".
من جهته، قال الشيخ خالد كمال، أبرز الشخصيات الدينية المعارضة لنظام الأسد وهو من مدينة اللاذقية، إن النظام نادرا ما كان يروج للقرارات غير الدينية عبر منابر
المساجد في يوم الجمعة، وهذا يدل على حجم الأزمة التي هو فيها الآن.
وأشار كمال في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن النظام يعتبر المساجد من أنجح الوسائل الإعلامية للترويج لما يريد؛ لأن معظم الناس لا تزال تثق بالرموز الدينية، بحسب قوله.
وأضاف الشيخ خالد: "بالتأكيد أن الخطباء يروجون لهذا القرار مرفقا ببعض الآيات والأحاديث النبوية، وكان النظام أيضا يستخدم المنابر للترويج للاحتفالات غير الدينية مثل حرب تشرين والحركة التصحيحية".
ولفت الشيخ خالد أن النظام يفرض سيطرته على كافة الرموز الدينية في اللاذقية، حيث "لا مفر" من خدمة نظام الأسد.
ويشار إلى أن العديد من النسوة سمعن الخطبة خلال حضورهن في القسم المخصص للسيدات من المساجد.
وقالت إحدى السيدات الحاضرات: "لم يعد لدي أولاد. أنا بقرارة نفسي أكره النظام، ولكن أولادي الذين هربوا بأرواحهم إلى تركيا ولم ينصحوني بالذهاب معهم لغلاء المعيشة هناك".
وقد أثار هذا التطور خوفا وقلقا لدى السكان المحليين، لا سيما المعارضين، منهم بعد فرار العشرات من الشبان خارج
سوريا بسبب طلب النظام لهم للخدمة العسكرية. والقلة الباقية من الشبان تراودهم مخاوف وشكوك الآن من نية النظام زجهم في معاركه الأخيرة التي تشهد سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوفه.
ويلجأ النظام في مدينة اللاذقية إلى زج الشبان العلويين والسنة في معارك طاحنة نادرا ما يعود منها أي من هؤلاء الشبان سالمين إلى ذويهم، في حين تشكو عائلات القتلى من عدم اكتراث النظام بمن يقتل في المعركة، ولا يتكلف عناء إحضار جثة من يقتل، وهذا الأمر أفقد الثقة بالنظام حتى من جانب أبناء الطائفة العلوية الذين بدأوا بإرسال أبنائهم إلى خارج سوريا، وخصوصا في أوروبا.
ووصف ناشطون معارضون أن الإجراءات التي تتبعها حملة اعتقالات كبيرة في شوارع وأحياء مدينة اللاذقية لأكبر عدد ممكن ممن يستطيع حمل السلاح، لإرسالهم إلى جبهات القتال.