نشرت "فايننشال تايمز" تقريرا لجون ريد، حول الأوضاع في
الخليل، بدأه بالحديث عن قيام رجل
فلسطيني بطعن وجرح
إسرائيليين اثنين في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية يوم الأربعاء، قبل أن تطلق عليه القوات الإسرائيلية النار فتقتله. مشيرا إلى أن الصور من مكان الحادث أظهرت جثمان المهاجم ملقى على الأرض مضرجا بدمائه، وبجانبه ما يبدو أنه سكين مطبخ يدها خشبية.
ويشير التقرير إلى أن حادث الطعن ومقتل الفلسطيني، هو الثاني في الخليل خلال ثلاثة أيام، وقد ذكر في معظم الصحف، إلا أنه لم يتصدر العناوين، بل جاء تحت عناوين أخرى، مثل زيارة المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وقد أصبح العنف في هذه البلدة التاريخية روتينا طاحنا.
وتقول الصحيفة إنه بعد أكثر من شهرين من موجة الهجمات التي وقعت في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، التي أدت إلى مقتل 100 شخص، تراجع العنف بشكل كبير في الأماكن الأخرى، بما في ذلك القدس التي بدأ فيها. مستدركة بأن القوات الإسرائيلية تكافح لأجل احتواء التوتر في أكبر مدن الضفة الغربية.
ويلفت الكاتب إلى أن الخليل تحتوي على بعض أكثر العناصر استعصاء في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فمن روايات وطنية متبارزة إلى ادعاءات دينية متنافسة، وصراع على المكان.
ويفيد التقرير بأنه يعيش في المدينة حوالي 800 مستوطن يهودي في منطقة تغطي 20% من مساحة المدينة، تحت حماية مشددة، ويعيش حولهم 40 ألف عربي، ويتعبد اليهود والمسلمون في الحرم الإبراهيمي في وسط البلد التاريخي، ويدخلون إليه من مدخلين مختلفين. ويرى الفلسطينيون وجود المستوطنين في وسط المدينة مثالا صارخا للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي بعد عام 1967. ويوجد في المدينة وما حولها تأييد قوي للسلفيين ولحركة حماس.
وتبين الصحيفة أنه خلال هذا الخريف، فإن مدينة الخليل تعد الأكثر عنفا في الأراضي المقدسة. فبالإضافة إلى حوادث الطعن وإطلاق النار على المشتبه بهم، قام شباب ملثمون بإلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين، الذين ردوا بالرصاص المطاطي والحجارة. ويقول الفلسطينيون إنهم يشعرون بأنهم محاصرون، ويتهمون الجنود والمستوطنين بالإعدام دون محاكمة لأناس أبرياء.
ويجد ريد أن المشكلة لا تنحصر في حدود المدينة، مشيرا إلى أن بعض المواطنين الفلسطينيين عبروا السياج الأمني للقيام بهجمات داخل إسرائيل. ويقول عضو المجلس التشريعي الفلسطيني المعلق حاتم قفيشة من الخليل: "
الانتفاضة، أو مهما سميتها، يقودها الشارع، وليس النخبة ولا الفصائل ولا السلطة الفلسطينية، والدم هو الوقود".
ويكشف التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن أن هناك تقارير غير مؤكدة في الإعلام الإسرائيلي في الأسابيع الماضية، تقول إن الجيش الإسرائيلي يدرس القيام بعملية عسكرية للقضاء على الاضطرابات في المدينة.
وتذكر الصحيفة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قام بإغلاق ثلاث إذاعات في الخليل منذ بداية الاضطرابات، متهما إياها بالتحريض على العنف. ويقول العاملون في إحدى تلك الإذاعات (منبر الحرية)، إنهم كانوا يبثون برنامجا حيا عندما داهمهم الجيش الإسرائيلي بعشرات السيارات العسكرية، وأحاطوا بالمبنى، وصادر الجيش أجهزة البث والمايكروفونات وغير ذلك من الأجهزة، وقالوا إن الإذاعة مغلقة لمدة ستة أشهر.
وينقل الكاتب عن الجيش الإسرائيلي، الذي أغلق المحطة مرتين قبل ذلك في 2002 و 2008، قوله إن المحطة "تشجع عمليات الطعن والمظاهرات العنيفة، وتبث تقارير كاذبة وادعاءات كيدية، حول قيام قوات الأمن بإعدام واختطاف فلسطينيين".
ويورد التقرير أن محرر المحطة أيمن القواسمي ينكر هذه الاتهامات، ويقول إن الجيش الإسرائيلي أغلق المحطة، وصادر أجهزة قيمتها 350 ألف دولار دون تحذير، ويضيف: "إذا قلنا إننا نحب وطننا، وإن تحدثنا عن معاناة شعبنا، يعد هذا إرهابا وتحريضا. وإن تحدثنا عن الاحتلال، وإن تحدثنا عن الشهداء الذين قتلوا، فهذا تحريض. أي شيء غير الرواية الإسرائيلية يعد تحريضا".
وبحسب الصحيفة، فإن المخططين العسكريين الإسرائيليين يرون المدينة أرضا خصبة لما يقولون إنه تحريض فلسطيني في قضايا حساسة، والحديث عن معلومات كاذبة بالنسبة للمقدسات في القدس، التي كانت الشرارة التي أشعلت الاضطرابات هذا الخريف.
ويوضح الكاتب أن المواجهة تبرز الآراء المتصارعة للمجتمعات التي تعيش في الخليل، مشيرا إلى أن العنف الذي جلب القوات الإسرائيلية والحواجز إلى الخليل، أدى إلى إبطاء التجارة والنشاط الاقتصادي في المدينة، التي تعد منطقة جاذبة للتجار والحجاج والصناعات التقليدية.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن أيتان دانغوت، وهو جنرال احتياط في الجيش الإسرائيلي، خدم منسقا لأنشطة الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2009- 2014، يقول: "لدى الخليل طريقتها الخاصة في رد الفعل، التي تختلف عن معظم المدن في الضفة الغربية. فعندما يبدأ الإرهاب، يستمر لفترة أطول وبشكل أكثر وحشية من الأماكن الأخرى".