قالت صحيفة "ديلي تلغراف" إن والد خديجة دير، صاندي دير، يعرف السبب وراء هرب ابنته إلى
سوريا، حيث تزوجت من جهادي، واصفا ما تعرضت له بـ"غسيل دماغ".
ويقول جوي شيوت في تقرير للصحيفة: "ترك صاندي دير شقته جنوب لندن، ومضى نحو الكنيسة الكاثوليكية (أور ليدي أوف أسمشين)، ففي هذه البناية الفيكتورية المبنية من الطوب الأحمر، تم تعميد ابنته قبل عقدين، وهو يصلي لروحها الآن فيها".
ويضيف الكاتب أن "دير قرر هو وزوجته السابقة فيكتوريا تسمية ابنتهما غريس، وهو اسم مسيحي يستخدم بشكل واسع في موطنهما الأصلي نيجيريا، ويعني الخلاص في نظر الرب. ولكن ابنتهما، البالغة من العمر 24 عاما، قررت التخلي عنه. وتسمت الآن باسم خديجة، وتعيش في سوريا، وتؤمن بمثال منحرف، تقدمه ما أطلقت على نفسها الخلافة الإسلامية في العراق والشام".
ويتابع شيوت بأنه "تم استخدام ابنها، حفيد صاندي، عيسى في فيديو أظهر عددا من الإعدامات التي مارسها
تنظيم الدولة. وظهر عيسى في زي عسكري، ولفت على رأسه عصابة تنظيم الدولة، وصرخ (سنقتل الكفار كلهم هناك)".
ويشير التقرير إلى أن صاندي (59 عاما)، طالب القانون غير المتفرغ، لم يجد إلا بعض كلمات ليلخص قرار ابنته وضع نفسها وابنها في أيدي المجرمين، فقال: "لقد غسل دماغها". وحاول تفسير التحول في حياة غريس من فتاة ذكية، وإن كانت مشاكسة، حلمت بأن تدرس علم النفس، وأحبت موسيقى "الغوسبيل" وأغاني جوني كاش وكوين. ويقول إنها درست لامتحانات الثانوية في مدرسة سيندهام، حيث كتب أستاذ لها عندما غادرت المدرسة: "أنت فتاة واثقة من نفسها، مستعدة لترك أثرها على العالم"، ولم يكن يتوقع أن تكون زوجة جهادية متعطشة للدم.
وتبين الصحيفة أنه منذ انتقال غريس مع ابنها عيسى قبل ثلاثة أعوام، ظهرت في عدد من أفلام تنظيم الدولة الدعائية وهي تحمل كلاشينكوف "إي كي 47"، وأعلنت عن رغبتها بأن تكون أول بريطانية تذبح رهينة غربية، وتعهدت بالقتال والموت شهيدة، وقالت إن الإسلام "جعلني حرة".
ويعلق الكاتب بأن "حماس المعتنقين للدين معروف، ولكنه لقي صدى غير مريح في بريطانيا في الأسابيع الماضية. ففي الشريط ذاته ظهر مسلم آخر ملثم من بريطانيا، ويعتقد أنه سيدهارت (32 عاما)، وكان مندوب مبيعات للقلاع النطاطة، التي تستخدم في المتنزهات، ويلعب عليها الأطفال. وهو من منطقة وولذمستو، شرق لندن، وأعتنق الإسلام وترك الهندوسية عندما كان شابا، بعدما قابل زوجته عائشة، وسافر معها وأولادهما الأربعة إلى سوريا عام 2014. وهرب من بريطانيا، رغم أنه خرج من السجن بكفالة، بعد اتهامه بالانتماء لجماعة المهاجرين المحظورة".
ويلفت التقرير إلى أنه في نهاية الشهر الماضي حكم على المتخرجة من الجامعة سناء أحمد خان (24 عاما) مع زوجها محمد رحمان، بتهمة التآمر لتنفيذ هجمات إرهابية في لندن، مشيرا إلى أن خان ولدت في ريدينغ لعائلة ميسورة الحال، فقد كانت والدتها قاضية مشهورة ومديرة جمعية خيرية، وتحولت عائلتها من الهندوسية إلى الإسلام، أما والدها فهو ابن مسيحي.
وتورد الصحيفة أنه في الحكم عليها، قال القاضي جيرمي بيكر لسناء خان: "لقد نشأت منفتحة متسامحة مع بقية الأديان، ولكنك تحولت إلى الإسلام الراديكالي؛ لأسباب ربما لن نعرفها أبدا".
ويقول شيوت إن من يعتنقون الإسلام في أواخر حياتهم ليسوا معتنقين، ولكنهم عائدون، ولا يشكلون سوى نسبة 4% من الـ 2.7 مليون مسلم في بريطانيا. وتظهر دراسة أنهم يشكلون نسبة 11% ممن يدانون بجرائم إرهابية، وأثبت تنظيم الدولة ودعايته نجاحا في جذبهم.
ويوضح التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أنه في دراسة أعدها البريطاني الدكتور سام مولينز، الذي يعمل في مركز جورج سي مارشال للدراسات الأمنية في ألمانيا، المتخصص بمكافحة الإرهاب، كشفت عن الأسباب التي تدفع هذه العينة للنقاط الهامشية والمظلمة. وفي ورقته، التي نشرها الشهر الماضي، وقارن فيها مشاركة الذين اعتنقوا الإسلام بالإرهاب بين كل من بريطانيا وأمريكا، وجد أن نسبة من أدينوا بالإرهاب هم من الذين اعتنقوا الإسلام بنسبة 40%.
وبحسب الصحيفة، فقد لاحظ مولينز أن معظم الأمريكيين الذين اعتنقوا الإسلام جاءوا من عائلات مفككة، ولديهم سجلات إجرامية. وفي بريطانيا قال إن الصورة مختلفة، ولكنها مزيج بين هذا وذاك. ويقول: "لأنك اعتنقت الدين قريبا، فليست لديك معرفة عميقة أو خلفية واضحة عنه، كما أنك لست مؤهلا من الناحية الفكرية لفهم عيوب المتطرفين وجدالهم، ولهذا فأنت تريد إظهار التزامك بالدين".
وينوه الكاتب إلى أن مولينز وجد أن عدد المعتنقات اللاتي انجذبن إلى الإرهاب زاد بشكل كبير في مرحلة ما بعد 11/ 9، رغم أنه لا يمكن فهم السبب الذي يدفع فتيات، مثل خديجة دير أو سالي جونز، إلى الانضمام لتنظيم يقوم باضطهاد المرأة. مشيرا إلى أن الفتيات اللاتي يحرمن من الحريات الأساسية يتم تزويجهن حالا لقادة كبار في التنظيم؛ ربما لكونهن مرغوبات.
ويفيد التقرير بأن دعاية تنظيم الدولة موجهة بشكل محدد إلى النساء اللاتي اعتنقن الإسلام، أما المسلمات الغربيات، اللواتي عشن ودرسن في الغرب، فيتم تحضيرهن وإقناعهن من زميلات لهن، مثل أقصى محمود، التي ولدت في مدينة غلاسجو. وفيما يتعلق بالغربيات المعتنقات للإسلام، فعادة ما يقنعهن رجل بالتخلي عن الغرب.
وتكشف الصحيفة عن أنه قبل سفر خديجة دير إلى سوريا، رتبت زواجها عبر الإنترنت مع جهادي سويدي (قتل عام 2014). وكانت دير قد اعتنقت الإسلام في أواخر سن المراهقة، وبدأت بالتردد على مركز "لويشام" الإسلامي، وتعرفت هناك على قتلة الجندي لي ريغبي، وهما مايكل أديلاو ومايكل إديلاجو، وكلاهما ولد مسيحيا قبل اعتناقه الإسلام.
وينقل شيوت عن المحاضرة في جامعة كينجستون أزادي مؤافاني، التي قابلت عددا من
الجهاديات في سوريا، قولها: "يستغل تنظيم الدولة سذاجة وقلة معرفة المعتنقات الجديدات للقانون الإسلامي وقيمه". وتضيف: "يمكن إقناع شخص بسهولة حول ما يفعلونه، عندما تكون معرفته محدودة ومشوهة". وتقول مؤافاني: "على خلاف الشبان المسلمين المولودين في بريطانيا ممن ينجذبون أيديولوجيا نحو فكرة الخلافة، فالمعتنقون للدين يظهر أنهم ينجذبون إلى طريق العنف والتعطش للدماء".
وتورد الصحيفة أن روب ليتش شاهد شقيقه من أمه ريتشارد دارت يسير في هذا الطريق، ولم يكن قادرا على منعه، فقد نشأ الأخوان تحت سقف واحد في ويموث عندما انتقل والداهما، وهما مدرسان، للعيش معا وكانا في عمر الثامنة والتاسعة. وتمتعا بحياة عادية، ولكنهما بعد انتقالهما إلى لندن، أصبح ريتشارد مهووسا بالأفكار الراديكالية التي بشرت بها حركة المهاجرين المحظورة، التي يقودها أنجم تشاودري، الذي كان ساعده الأيمن في حينه سيدهارت دار. واعتنق الإسلام في سن الـ 25 عاما، وأطلق لحيته، وغير اسمه إلى صلاح الدين البريطاني.
ويشير التقرير إلى أن ليتش، وهو مخرج أفلام، عمل فيلما عن أخيه غير الشقيق، وكيف انتقل إلى التشدد، وأصبح من المشاركين في تظاهرات حركة المهاجرين. ويتذكر نقاشات عدة مع سيدهارت دار، الذي قابله أول مرة عام 2009، ويقول: "كنا نتجاذب الأحاديث ونمزح، وكان يسألني متى سأصبح مسلما، ومتى سأطلق لحية حقيقية؟ وتحدث عن اعتناقه للإسلام، وقال إنه أخذ وقتا طويلا كي يتحرر من جذوره الهندوسية".
ويذكر الكاتب أنه في البداية حاول ليتش مناقشة أخيه، ولكنه تخلى عن المحاولة، ويقول: "إنهم على مستوى مختلف من الفهم، وكانوا يؤمنون بما يفعلون، معتقدين أنهم يقومون بإنقاذ الإنسانية لا تدميرها".
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أنه في عام 2013، حكم على دارت بالسجن مدة ستة أعوام للتآمر والتخطيط لأعمال إرهابية، ورفض الجلوس في قفص الاتهام قائلا إن الله وحده هو الذي سيحاكمه. وكان أخوه يراقب المحاكمة، وكتب له عدة مرات في السجن، ولم يتلق ردا. لافتة إلى أن كل ما يأمله صاندي، والد خديجة/غريس، هو عودتها وأن تتخلى عن هذا الشر.