نهب وسرقة وابتزاز ومداهمات، هكذا هي مدينة
حماة السورية الخاضعة لسيطرة النظام، وهكذا يعيش سكانها، تحت رحمة عناصر النظام الذين يفرضون الإتاوات على التجار وينتزعون الممتلكات من
السكان بذريعة تنفيذ "مهمة وطنية"، ويقتحمون البيوت بذريعة "التفتيش" و"حفظ الأمن"، حسب ما أكده شهود عيان لصحيفة "
عربي21"ّ.
وبحسب المصادر ذاتها، أصبحت المدينة خاضعة لسيطرة مسلحين من تشكيلات مختلفة، فقوات الأمن لها اليد العليا والسلطة المطلقة في التفتيش وابتزاز الناس وسرقتهم، بينما تمارس تشكيلات أخرى كاللجان الشعبية السرقة باسم عناصر الأمن وذلك على مرأى من عناصر الأمن التي تبسط سيطرتها على المدينة.
وفي حديث لـ"
عربي21" قال شاب من سكان المدينة يدعى "أبا عماد"، إن مسلحين يلبسون الزي الرسمي لقوات النظام داهموا بيته بحجة التفتيش، وأخذوا من البيت كل ما خف وزنه وغلا ثمنه بعد ترويع أهل المنزل وتهديد صاحبه.
وعندما ذهب أبو عماد إلى الحاجز القريب من بيته ليشتكي إلى الضابط المسؤول عنه فوجئ برد الضابط الذي قال إنه هو المسؤول عن المنطقة ولم يرسل أحدا للتفتيش.
وتابع الشاب: "رغم إقرار الضابط بأنه لم يرسل أي دورية للتفتيش، لكنه لم يتعهد بمحاسبة المسؤولين عن ذلك ولم يعد حتى بالبحث عنهم، بل تنصل من المسؤولية وقال لي بكل سخرية (عوضك على الله)".
وحسب شهادات السكان، فإن المدينة تتعرض للكثير من الحوادث المشابهة بشكل دائم رغم سيطرة عناصر النظام عليها بشكل كامل، منذ حوالي ثلاثة أعوام، وقوات النظام تعلم بهذه الحوادث ولا تحرك ساكنا تجاهها.
وأكد الناشط في المركز الإعلامي لكتلة أحرار حماة التابعة للمعارضة محمد صافي الحموي، تسجيل حالات كثيرة من السرقات تحت اسم "التفتيش"، حيث يدخل المسلحون المنزل ويحملون الذهب والأموال تحت تهديد السلاح دون أن يجرؤ أحد على المقاومة أو الاعتراض.
ويشير الحموي إلى أن السرقات تتركز في الأحياء التي يقطنها الأغنياء، مثل حي الشريعة، وحي البرناوي حيث تحدث عن عمليات خطف في الغالب ليلا، وتستهدف المواطنين من طبقة الأثرياء بهدف طلب فدية مالية، وأكد أنه بات معلوما لدى الجميع أن اللجان الشعبية هي المسؤولة عن تلك العمليات.
وحسب مركز التوثيق في كتلة أحرار حماة، ينتشر في المدينة قرابة المئة حاجز لقوات الأمن، تتبع لفروع الأمن (العسكري، والسياسي، والأمن الجوي، وأمن الدولة) وهي تسيطر على كافة الأحياء بعد أن خلت المدينة من أي نوع من أنواع المقاومة المسلحة منذ سيطرة النظام عليها.
وتتحكم قوات الأمن بمعظم الخدمات في المدينة حيث تنتشر العناصر في محطات الوقود بحجة تنظيم الدور ويتقاضون مبالغا من الناس مقابل السماح لهم بتعبئة الوقود قبل غيرهم كما ينتشرون في مراكز تعبئة الغاز وعلى أبواب المخابز حيث يقومون بابتزاز الناس بحجة حفظ الأمن والتنظيم.
كما يقومون بأخذ السيارات من المواطنين تحت مسمى المهام الأمنية؛ لنقل الجنود، أو السلاح إلى فروع الأمن، وهو ما حدث مع جابر الذي يملك شاحنة لنقل البضائع، إذ أوقفته عناصر حاجز الأمن الجوي عند مدخل المدينة وطلبوا منه التوجه معهم إلى الفرع لأن سيارته ستستخدم "لغرض وطني"، حسب تعبير الضابط.
ويقول جابر لـ"
عربي21": "صعد أحد الضباط إلى السيارة وطلب مني التوجه إلى اللواء 47 العسكري حيث قامت العناصر هناك بتحميل سيارتي بالسلاح ليتم نقله إلى قرية صوران في ريف حماة".
ويشير جابر إلى أن عناصر النظام يقومون باستخدام سيارات المدنيين لعلمهم بأن قوات المعارضة لا تستهدفها أما الشاحنات العسكرية فهي معروفة بالنسبة لهم.
وحسب تعبير السكان، فقد أصبحت المدينة محكومة بما يشبه منطق العصابات، حيث تأخذ عناصر اللجان الشعبية الإتاوات من أصحاب المحلات التجارية مقابل توفير الحماية لهم، كما يدفع التجار مبالغا مالية مقابل السماح لهم بإدخال البضائع التي يبيعونها في المدينة.