مع اشتداد القصف الجوي لمناطق
تنظيم الدولة من قبل طيران
النظام السوري وروسيا والتحالف الدولي، ومهاجمتها وحصارها برا، فقد ضاقت الأرض بما رحبت على قاطني تلك المناطق، الذين لم يتمكنوا من مغادرتها بسبب تشديد التنظيم لإجراءات السفر وشروطه.
ويقول الناشط الإعلامي في ريف حلب الشرقي، أبو صلاح، لـ"
عربي21" إن تنظيم الدولة "منع الشباب من السفر لأداء مناسك الحج، ووضع للكبار شروطا"، مشيرا إلى أن التنظيم "يتخوف من أن تصبح دولته بلا سكان، أو بلا نخب وكفاءات علمية، ما سيؤدي إلى فشلها".
وبحسب مواطنين يعيشون في مناطق التنظيم؛ فإن سلطته تشترط في الأحوال العادية "أن يكون عند من يريد السفر ما يشبه السجل التجاري، أو كفيل من قاطني
الدولة الإسلامية؛ يضمن عودته إلى أراضيها".
ولا ينطبق هذا على المرضى، بحسب الناشط الإعلامي في ريف حلب، أبي علي، الذي أكد أن "التنظيم يسمح لأغلب المرضى بالسفر، وخصوصا الحالات التي لا يتوفر لها علاج في مناطقه".
رحلة عذاب
ولجأ كثير من الأهالي إلى سلوك طرق التهريب للخروج من مناطق التنظيم، ويقول الأربعيني أبو علي من منبج لـ"
عربي21": "أعطيت أولادي الثلاثة منوما، ووضعتهم مع والدتهم في سيارة الشحن من الخلف، ووضعت فوقهم بضاعة، ريثما وصلنا إلى مناطق الثوار"، مشيرا إلى أنه "من الصعب الحصول على تقارير طبية تسمح بالسفر لكل العائلة، حيث لا يجرؤ أي طبيب على منح تقرير".
وقالت وفاء، وهي شابة هربت من تركمان بارح لتلحق بزوجها في تركيا: "دفعت ثلاثين ألف ليرة سورية للمهرّب كي يوصلني لأعزاز"، مضيفة لـ"
عربي21": "انطلقنا من دويبق بحلب، وسلكنا طريق النهر حتى وصلنا الشريط الحدودي لتركيا، وعند ذلك سرنا بمحاذاة الشريط حتى وصلنا للجيش الحر، الذي نقلنا بحافلات إلى أعزاز".
وقد لا تنجح المحاولة من المرة الأولى كما يقولون، فقد يكتشفهم تنظيم الدولة ويعيدهم لمناطق سيطرتهم دون معاقبتهم، فالعقوبة تطال المهرب فقط. ونتيجة كثرة الهاربين؛ فقد أصدر الثوار مؤخرا قرارا بمنع استقبال أي نازح من المنطقة الشرقية، خوفا من الخلايا النائمة، ومنعا من تغير الخارطة الديمغرافية لصالح الكرد، لكن هذا القرار لم ير النور، فما زالت القوافل تتوالى، بحسب نشطاء سوريين.
متهمون حتى يثبت العكس
وتعد رحلة السفر إلى مناطق الثوار، رغم المشي لأكثر من 10 ساعات؛ نزهة، مقارنة مع الهرب عبر المناطق الأخرى، إذ يعاني أهالي المناطق الشرقية من تمييز عنصري مقيت من قبل وحدات الحماية الكردية، كما يقول الناشط الإعلامي في دير الزور، أبو عمر، مضيفا لـ"
عربي21" أن هذه الوحدات "تمنع أي عربي من السكن في الحسكة، ويحتاج ذلك لكفيل كردي، أو عربي قديم يمتلك عقارات في المنطقة".
وعن معاناة الخروج من مناطق تنظيم الدولة إلى مناطق النظام؛ قال مدير مرصد العدالة من أجل الحياة في دير الزور، جلال الحمد، إن "هناك طريقين للتهريب، الأول من البوكمال للسويداء عن طريق البدو، وفي السويداء يستقبلهم الأمن السوري في معسكر الطلائع، حيث يتعرض الهاربون لظروف احتجاز سيئة قد تستمر لشهر كامل، ليضطروا إلى دفع رشى حتى يُسمح لهم بالسفر إلى دمشق".
وأضاف لـ"
عربي21": "أما الطريق الثاني فيقع قبَل الضمير التابعة لمنطقة دوما بمحافظة ريف دمشق، حيث توقف حواجز النظام الهاربين من يوم ليومين، ريثما يكفله شخص بأنه غير
داعشي، وعند وصوله إلى دمشق تُجرى له دراسة أمنية، فكل قادم من مناطق تنظيم الدولة متهم حتى يثبت العكس".
وتزداد المعاناة -بحسب ناشطين- مع اشتداد القصف والحصار، فلا التنظيم يترك للناس حرية اختيار سكناهم والهجرة، ولا
التحالف والروس والنظام يرحمون المواطنين.