أكدت جماعة
الإخوان المسلمين
المصرية أن ما يتعرض له المرشد العام، الدكتور محمد
بديع، من "حبس انفرادي ومنع العلاج والدواء عنه، فضلا عن الانتهاكات الجسدية واللفظية بحق قامة وطنية وعلمية هو جريمة نكراء ترتكبها سلطة الانقلاب لا يمكن أن تمر مرور الكرام".
جاء ذلك -في بيان لها مساء السبت- تعليقا على ما تردد من أنباء عن تعرض "بديع" لأزمة صحية ونقله إلى إحدى المستشفيات، وهو في حالة خطرة، في حين لم تتمكن أسرته أو محاميه من زيارته أو حتى الوصول إلى أي معلومة موثقة عنه.
وقالت "الإخوان" إن "التسريبات المتناقلة عن تدهور صحة المرشد، ومنع أسرته ومحاميه من الاطمئنان ومعرفة ملابسات حالته دليل على نية سوء مبيتة، ويعكس جريمة السلطة العسكرية الانقلابية تجاه المعتقلين وقيادات العمل الوطني المأسورين في السجون".
ودعت "الإخوان" كل المنظمات الحقوقية، وهيئات المجتمع المدني للانتفاض؛ لكشف الجرائم المرتكبة من منع لزيارة الأهالي، وتعذيب ممنهج، ومنع للدواء والعلاج، وغيرها من عمليات القتل البطيء ضد المعتقلين السياسيين.
وحذرت الجماعة من "إقدام السلطة الانقلابية على المساس بسلامة المرشد العام محمد بديع"، محملة إياها مسؤولية سلامته، وسلامة كافة المعتقلين.
وأضاف المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان طلعت فهمي -في تدوينة له على "فيسبوك"-: "دفعت زهرة عمرك وشيخوختك في سجون المجرمين، وقدمت ولدا شهيدا وشاهدا على جرائم العسكر الخونة"، وذلك في إشارة إلى وفاة نجله "عمار"، الذي توفي خلال مجزرة رمسيس الثانية بعد اعتداءات قوات الأمن على رافضي الانقلاب عام 2013.
من جهتها، أعلنت أسرة المرشد العام للإخوان محمد بديع أنه ليس لديها أي معلومات حول حالته الصحية، مضيفة: "وبناء عليه، فلا صحة لما نشر عن أنها أدلت بأي تصريحات حول حالته الصحية".
وأكدت الأسرة -في بيان لها- أن ما نشر حول الأمر مثير للقلق، وأنه جاري التأكد منه من خلال التواصل مع المحامين، محملة سلطة الانقلاب المسؤولية كاملة عن الحالة الصحية له، مشيرة إلى أنه تم منعها من الزيارة، لثالث مرة على التوالي خلال أسبوعين، كان آخرها صباح السبت.
كما أدان التحالف الثوري لنساء مصر ما يحدث لمرشد الإخوان في محبسه، لافتا إلى أن غياب المعلومات بشأن صحته نتيجة للتضييقيات "الشديدة عليه وعلى غيره من قيادات الجماعة، ومنع الزيارة عنهم إمعانا في التنكيل بهم وانتهاك حقوقهم، ومعهم في ذلك طائفة طويلة من شرفاء الوطن ممن يرفضون الانقلاب العسكري الغاشم، ويصرون على عودة الحرية والكرامة للشعب المصري".
وأكد -في بيان له اليوم- أن "انتهاكات الانقلاب في السجون قد فاقت كافة الحدود والتصورات، وكل ذلك عقابا للثوار على ثورتهم، وعلى عدم قبولهم بالدنية والهوان من أمرهم".
وحمل التحالف الثوري قادة الانقلاب المسؤولية الكاملة عن كافة الأضرار التي تلحق بـ"بديع" وبكافة المعتقلين، الذين أكد أنهم يدفعون "ثمنا غاليا من أعمارهم وصحتهم، في سبيل إقرار أبسط قواعد الديمقراطية التي ارتضت بها كافة الشعوب لإنفاذ خياراتها".
بدوره، قال المجلس الثوري المصري أنه استقبل نبأ نقل "بديع" إلى المستشفى نتيجة انخفاض في الدورة الدموية بقلق شديد على صحته.
وحمل -في بيان له السبت- سلطة الانقلاب المسؤولية كاملة عن تدهور صحته، مضيفا: "وفي هذا الصدد، نذكر المجتمع الدولي بأن السجون المصرية تحت الانقلاب تتعمد إهمال المحتجزين وعدم توفير الرعاية الطبية لهم وفق المعايير المتعارف عليها، ما أدى إلى وفاة المئات؛ نتيجة الإهمال الطبي".
وناشد المجلس الثوري منظمات حقوق الإنسان الدولية بسرعة التدخل لمراقبة السجون المصرية وظروف رعاية المحتجزين والمعتقلين في السجون والمستشفيات، مؤكدا أن "مسؤولية سلامة ورعاية د. بديع -كما عشرات الآلاف من المعتقلين- هي مسؤولية مباشرة يتحملها نظام الانقلاب وقائده، وأنهم سيحاسبون بقدر إهمالهم وجرمهم في حق كل المحتجزين والمعتقلين".
وكشف مصدر من هيئة الدفاع عن قيادات الإخوان عن أن وفدا من المحامين سوف يزور سجن العقرب، الأحد، للتأكد من صحة الشائعات التي انتشرت مؤخرا حول صحته وسلامته.
وقال المصدر -في تصريحات نشرتها بوابة "الحرية والعدالة"- إنهم لا يملكون أي دليل على ما يشاع بشأن صحة المرشد العام، وإن ما يتردد هو مجرد شائعات حتى الآن لم يتم التأكد منها، ولا توجد وسيلة للتأكد منها سوى بالزيارة أو جلسات المحاكمات.
وأوضح أن الزيارة ممنوعة عن المرشد وقيادات الإخوان، ولكن ذلك لا يمنع من معرفة أحوالهم من خلال المعتقلين الآخرين، مؤكدا أن فريق الدفاع سوف يتحرك بقوة لاستخراج تصريح بزيارة للمرشد العام، والتأكد من سلامته، محملا سلطات الانقلاب المسؤولية كاملة عن صحة وحياة الدكتور بديع وقيادات الإخوان.
من جانبها، قالت سناء عبد الجواد، زوجة القيادي الإخواني محمد البلتاجي، إنه في سجن مقبرة العقرب وملحق المزرعة تم صدور قرار بمنع الزيارة عن أشخاص بعينهم، وهم محمد البلتاجي، ومحمد سعد الكتاتني، وأسامة ياسين، وخيرت الشاطر، وباسم عودة، وصفوت حجازي، ومحمد بديع، الذي تم منع أسرته من الاطمئنان عليه بأي وسيلة، متسائلة: "لماذا تمنع الزيارة عن هؤلاء؟".
وحملت "عبد الجواد" -في تدوينة لها على "فيسبوك"- وزارة الداخلية وكل مسؤول المسؤولية الكاملة عن سلامتهم، داعية كل "الحقوقيين والمنظمات للقيام بدورها في تمكين الأهالي من الزيارة والاطمئنان على ذويهم".
وكانت مواقع مقربة من سلطة الانقلاب قد نشرت شائعات حول تعرض "بديع" لوعكة صحية، تم نقله على أساسها إلى المستشفى؛ لتعرضه لهبوط حاد ومفاجئ، في حين يستمر الغموض حتى تلك اللحظة بشأن حقيقة حالته الصحية، خاصة في ظل صمت وزارة الداخلية، وعدم إصدارها بيانا بشأن صحة المرشد، فضلا عن رفضها تمكين أسرته أو أحد محاميه من مقابلته أو الاطمئنان على صحته.
وأكد عضو فريق الدفاع عن قيادات جماعة الإخوان المسلمين، عبد المنعم عبد المقصود، عدم وجود أي معلومات دقيقة وواضحة بشأن صحة "بديع"، وأن كل الأخبار التي تحدثت عن وفاته أو تعرضه لوعكة صحية شديدة مصدرها خبر صحفي فقط، نشر على أحد المواقع الإخبارية.
وقال عبد المقصود - في تصريح صحفي-: "لم يصلنا أي شيء حتى الآن بشأن صحة المرشد، والداخلية لم تصدر أي بيانات، ونحن ممنوعون من زيارته، كما أن أهله غير مسموح لهم بزيارته.
وعن التحركات القانونية للتأكد من سلامته، قال "عبد المقصود": "للأسف لا نملك أي وسيلة للاطمئنان على حالة المرشد، ورفض طلبنا بتمكين أحد الأفراد من التأكد من حقيقة حالته الصحية صباح السبت"، لافتا إلى أن الحل الوحيد هو الانتظار للخميس المقبل، 14 تموز/ يوليو، حيث إنه على موعد لحضور إحدى جلسات محاكمته، ومن المفترض أن يكون "بديع" حاضرا بها، وهو أقرب موعد لمعرفة مصيره وحقيقة حالته الصحية.
ونوه إلى أنه "في حالة عدم حضوره للمحكمة الخميس المقبل، يكون هناك جواب من إدارة السجن يقدم للمحكمة "جواب تعذر"، يكشف أسباب عدم حضوره، وبالتالي سيتبين لنا كل شيء خلال تلك الجلسة، وسنبدأ في اتخاذ الإجراءات القانونية على إثر ذلك.
وذكر أن آخر مرة ألتقت فيها أسرة "بديع" به، كان منذ حوالي أسبوعين، وكانت حالته مستقرة إلى حد ما، مضيفا: "وبالنسبة لنا، نحن المحامين، كانت آخر مرة التقيناه منذ حوالي شهر".
وقال "عبد المقصود": والحقيقة أن رؤيته لنا –المحامين- تكون فقط داخل قاعة المحكمة ومن خلف قفص زجاجي، وبالتالي لا نتمكن من التحدث معه بشكل مباشر، أو الاطمئنان عليه بشكل جيد، وهذا أمر غير قانوني وغير دستوري، حيث يجب أن يتمكن المحامي من الجلوس مع موكله.
وأشار إلى أن شائعة وفاة المرشد ليست الأولى من نوعها، التي يخرج فيها خبر مثل هذا، موضحا أنه سبق أن خرجت بعض الصحف منذ عدة أشهر بخبر وفاته، ثم تبين أنها كانت شائعة، وبالتالي، فتحركاتنا ينبغي ألّا تكون على أساس شائعة تنشر في الصحف.
ولفت "عبد المقصود" إلى أن "بديع" يعاني من عدد من الأمراض المزمنة، التي تستوجب الحصول على الأدوية الخاصة به بانتظام، وأنه في حالة الإهمال الطبي أو عدم تمكينه من الحصول عليها، فإن هذا يهدد حياته، ويعرض صحته للتدهور الحاد، الأمر الذي يثير القلق حول مصيره.
إلى ذلك، صرح مصدر طبي رفيع المستوى بالإدارة الطبية التابعة لقطاع مصلحة السجون، بأن حالة الدكتور محمد بديع الصحية مستقرة داخل مستشفى السجن، ويخضع للعلاج والفحص الطبي بشكل دوري؛ نظرا لطبيعة سنه المتقدم، على حد قوله.
وقال المصدر في تصريحات لموقع مصراوي، إن "مستشفى السجن يستقبل يوميا جميع الحالات التي تتعرض إلى وعكة صحية، وتقوم الإدارة الطبية بعمل الفحوصات اللازمة تحت إشراف دقيق، مشيرا إلى أن الحالات الصحية المتأخرة والصعبة التي تستلزم نقلها إلى الخارج يتم نقلها إلى مستشفيات خارجية متخصصة.
"بديع" في سطور
وُلد "بديع" في 7 آب/ أغسطس 1943 (73 عام) في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية (شمال مصر)، وقد حصل على بكالوريوس طب بيطري جامعة القاهرة سنة 1965، ثم دكتوراه طب بيطري ومدرس سنة 1979 من جامعة الزقازيق، وترأس قسم الباثولوجيا بكلية طب بيطري جامعة بني سويف سنة 1990 لدورتين.
وعمل وكيلا لكلية الطب البيطري بمحافظة بني سويف لشؤون الدراسات العليا والبحوث سنة 1993 لدورة واحدة، وأمين عام النقابة العامة للأطباء البيطريين لدورتين، وأمين صندوق اتحاد نقابات المهن الطبية لدورة واحدة، ورئيس مجلس إدارة جمعية الباثولوجيا لكليات الطب البيطري على مستوى الجمهورية، وهو أحد مؤسسي المعهد البيطري العالي في اليمن.
وانتُخب "بديع" لعضوية مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1993، وصنفته الموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها الهيئة العامة للاستعلامات في 1999 واحدا من "أعظم مئة عالم عربي".
وتعرض للاعتقال في عهد "عبد الناصر" و"مبارك" عدة مرات 1965 (محاكمة عسكرية وحكم بالحبس 15 سنة قضى منها 9 سنوات)، و1998 (75 يوما)، و1999 (محاكمة عسكرية وحكم بالحبس 5 سنوات)، و2008 (شهرا واحدا).
وانتُخب مرشدا عاما لجماعة الإخوان المسلمين في 16 كانون الثاني/ يناير 2010، ليصبح المرشد الثامن للجماعة. واعتقلته سلطة الانقلاب في 19 آب/ أغسطس 2013، بعد أن توفي نجله "عمار" في 16 آب/ أغسطس 2013 في مجزرة رمسيس، التي أعقبت مذبحة رابعة بيومين فقط.
و"بديع" محبوس انفراديا منذ اعتقاله، وكثيرا ما يتم منع الزيارات عنه، ويتم رفض دخول الأطعمة والملابس له. وقد تم الاعتداء عليه بالضرب والسب عند إلقاء القبض عليه، ومرتين أخريين في سيارة الترحيلات أثناء ذهابه للمحاكمات.
واتهمته سلطات الانقلاب بـ48 قضية عسكرية ومدنية، وهو رقم قياسي في عدد القضايا الموجهة لشخص واحد، وصدر ضده 3 أحكام بالإعدام (تم نقض حكمين)، و7 أحكام بالمؤبد، وأحكام أخرى بعدة سنوات، بعدما وُجهت له اتهامات وصفها معارضون بالعبثية والمفبركة، أبرزها الاعتداء على الثكنات العسكرية، واستعمال القوة والإرهاب، والتحريض على العنف وقتل المتظاهرين، والتخابر لصالح جهات أجنبية لزعزعة الأمن القومي.
وبحسب مقربين منه، يعرف عن "بديع" الصبر والاحتساب وكثرة الدعاء والتقرب من الله. وقد اشُتهرت أنشودة "هتفرج هتفرج بإذن الإله" بإنشاده لها، وهي من كلمات الراحل سعد سرور كامل، التي كتبها في سجون "عبد الناصر" في الستينيات. كما أنه صاحب المقولة الشهيرة -التي أطلقها من فوق منصة رابعة العدوية- "سلميتنا أقوى من الرصاص".