أخطر شيء هو أن تعيش في فقاعة من صنع خيالك، وتبصر العالم من خلالها، ليس العالم الخارجي فقط، بل ذاتك.
هذه بالضبط هي الحال التي يعيشها بشار الأسد، فهو «مصدق» الكلام الذي يقوله، كما يصدق بغدادي «داعش» سلامة قضيته وقدسيتها، وكما يفعل أيضا سليماني إيران، ونصر الله لبنان.
هؤلاء ليسوا كذبة، بمعنى أنهم من داخل أنفسهم يفعلون ما يفعلون، ويقتلون، ويفجرون، ويقترفون كل الشنائع والفظائع، عن رضا نفس وسكينة بال.
القتل حين يكون مدفوعا بعقيدة صارمة، يصبح واجبا يتحتم القيام به، عند هذا الصنف من الناس.. مثلما كان خلخالي، جزار النظام الخميني، الذي كان يصدر أحكام الإعدام على خصوم الخمينية، أو من يشتبه به مجرد اشتباه، مثلما يقنص قناص العصافير صيده، ثم يذهب لبيته، يأكل مرق الآش الإيراني، بحبور وغبطة.
في مقابلة مع محطة «إن بي سي» الأميركية، أذهل المحلق في فقاعته، بشار الأسد، محاوره الأميركي، بالإجابات الباردة، وكأنه يتحدث عن كيفية زيادة إنتاج سوريا من الحمضيات والموالح!
قال له الصحافي الأميركي في تلك المقابلة، حسب «العربية نت»: «الانطباع الذي تعطيه، هو لرجل يشعر بأنه لا يتحمل أي مسؤولية عن الأشياء المريعة التي يتم فعلها باسمه ضد الشعب السوري».
ثم يسأله مباشرة: «ما هي خطواتك المقبلة، هل ستستمر وتستمر؟ لقد مضى على وجودكما في السلطة أنت ووالدك 46 عاما، هل هذا صحيح؟».
فيجيب صاحب الفقاعة، مع ابتسامته الزومبية الباردة: «لا، هذا ليس صحيحا، لأنه كان رئيسا، وأنا رئيس آخر. هو انتُخب من قبل الشعب السوري، وأنا انتُخبت بعد وفاته. هو لم يضعني في أي منصب. أنا رئيس، وهو رئيس. أنا في الحكم منذ 16 عاما، وليس منذ 46 عاما».
«الأخ» يتحدث كأنه رئيس وزراء النرويج، وكأن حافظ، والده، منافس حزبي، وفي أحسن الأحوال، سلف حزبي سابق!
يسأله بإلحاح: «تعلم ما تقوله المسودة الأولى للتاريخ: أي أنت ديكتاتور قاس، إنكَ رجل تلوثت يداه بالدماء، وإن الدماء التي على يديك أكثر حتى من التي كانت على يدي والدك». فيبدع طبيب العيون الإجابة الدموية، بالابتسامة الزومبية نفسها، مستحضرا صورة الطبيب الجرّاح الذي يقطع يد المصاب بالغرغرينا، ثم يستخلص الحكمة الزومبية: «فلا تقول عندها إنه طبيب قاتل، بل يقوم بعمله لإنقاذ بقية الجسم».
هذا النوع من القتلة، الصراع معه صفري، غير قابل للحلول والتسويات، إما هو وإما الإنسانية، إما الحق وإما الباطل، رغم كل ألاعيب واشنطن ومؤامرات موسكو وطهران.