تشهد مناطق شمال
العراق تحضيرات لوجستية حثيثة لتأمين وصول مئات الآلاف من النازحين قبيل البدء بمعركة استعادة محافظة
نينوى، فيما فجر إعلان مليشيات
الحشد الشعبي مشاركتها في المعركة جدلا واسعا بين الأطراف السياسية.
وقالت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، إن "أربعة ممرات سيتم افتتاحها بإشراف الأمم المتحدة، التي منحت العراق أكثر من ملياري دولار لإغاثة النازحين".
وأكدت الوزارة أنه ليس بمقدورها أن تعالج أزمة النازحين بشكل تام، وإنما تخفيفها بسبب محدودية النفقات المخصصة التي لا تتناسب وحجم أعداد النازحين وما حل بهم من دمار.
أكبر عملية إغاثة
وتعكف الأمم المتحدة في محيط الموصل، على ما تقول إنها ستكون أكبر عملية إغاثة هذا العام، وتشعر المنظمة الدولية بالقلق من أن تفر أعداد كبيرة من السكان للابتعاد عن طريق القوات العراقية لدى تقدمها.
وقالت المنسقة الإنسانية لبعثة الأمم المتحدة في العراق ليز كراندي، إن "عمل المنظمة ينصب على إعادة الاستقرار والخدمات في المناطق المحررة".
وتعد مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، ثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد، حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي مليوني نسمة قبل سيطرة "
تنظيم الدولة" عليها. وتبعد عن بغداد حوالي 465 كلم.
من جانبها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الجمعة، إن ما يصل إلى مليون شخص قد يضطرون للنزوح عن ديارهم بالعراق في الأسابيع والأشهر القادمة، مع تزايد حدة القتال في حملة للقوات العراقية لاستعادة مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة.
وقالت اللجنة ومقرها جنيف: "ما يصل إلى مليون شخص قد يضطرون للنزوح عن ديارهم بالعراق في الأسابيع والأشهر القادمة، وهو ما سيمثل مشكلة إنسانية هائلة للبلاد".
وقالت اللجنة إنها تسعى إلى جمع 17.1 مليون فرنك سويسري أخرى لبرنامجها في العراق، وهو ثالث أكبر برامجها على مستوى العالم لتصبح ميزانيتها لهذا البلد 137 مليون فرنك سويسري (140.8 مليون دولار).
وأشارت إلى أن عشرة ملايين عراقي يحتاجون إلى مساعدات بالفعل، منهم ثلاثة ملايين نزحوا في الداخل ومن الممكن أن تزيد أعدادهم كثيرا مع فرار المزيد من المدنيين.
إلى ذلك، قال روبرت مارديني مدير عمليات الصليب الأحمر في الشرق الأدنى والشرق الأوسط: "علينا أن نستعد للأسوأ.. وربما يتحرك مئات الآلاف في الأسابيع والشهور القادمة سعيا للحصول على المأوى والمساعدة".
الحشد مجددا
فجر إعلان أبو مهدي المهندس نائب رئيس مليشيات الحشد الشعبي، مشاركة فصائل الحشد في معركة الموصل جدلا بين الأطراف السياسية العراقية، حيث أكد محافظ نينوى نوفل العاكوب أن مشاركة الأخير تحتاج إلى توافق سياسي.
وصعدت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة، حملتها العسكرية على تنظيم الدولة، ويتوقع أن تزحف على الموصل ثاني أكبر مدن العراق وأكبر معقل للتنظيم قريب، وفقا لتصريحات عراقية.
وقال العاكوب، إن "لقاءنا الأخير برئيس الحكومة حيدر
العبادي لم نناقش فيه قضية إشراك قوات الحشد الشعبي في عمليات تحرير محافظة نينوى"، لافتا إلى أن "مسألة إشراك الحشد من عدمه يحتاج إلى التوافق السياسي بين الحكومة وممثلي محافظة نينوى".
وكان نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، أعلن الخميس الماضي، أن فصائل الحشد الشعبي ستشارك في العمليات العسكرية المزمع انطلاقها لتحرير محافظة نينوى وقضاء الشرقاط الواقع شمالي مدينة تكريت.
وأكد المهندس أن "الحشد وبعد مشاركتها الفاعلة في تحرير القيارة وغيرها من المناطق المحتلة من داعش، فإنها مستعدة بكل طاقاتها العسكرية للمشاركة في عمليات تحرير نينوى والشرقاط".
ولفت نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي التي أصبحت جزءا من الجيش العراقي، إلى "الأنباء الأخيرة التي تشير إلى موافقة القائد العام للقوات المسلحة على مشاركة الحشد الشعبي في تلك العمليات".
ويقول قائد شرطة محافظة نينوى اللواء الركن بهاء العزاوي: "لا يزال هناك مليون نسمة في مدينة الموصل التي تحمل دلالة رمزية لأنها المكان الذي أعلن منه تنظيم الدولة قيام ما يسميها (دولة الخلافة) في حزيران/ يونيو 2014".
وفيما أعرب العزاوي عن توقعه أن "يقاتل عناصر التنظيم بصلابة في المدينة"، فقد أكد أن "المعلومات الاستخباراتية تؤكد وجود ما يقارب العشرة آلاف مقاتل التابعين للتنظيم أغلبهم (انغماسيون) أي انتحاريون، متواجدون في المدينة".
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمر بإعادة هيكلة مليشيات الحشد الشعبي وتحويلها إلى تشكيل عسكري يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب، بعدما كان قد أقر في وقت سابق بارتكاب "الحشد" انتهاكات ضد المدنيين بالفلوجة.
وجاء في أمر ديواني أصدره العبادي الأربعاء، أنه "بناء على مقتضيات المصلحة العامة ولغرض إعادة تشكيل هيئة الحشد الشعبي، فقد تقرر جعل الحشد تشكيلا عسكريا مستقلا وجزءا من القوات المسلحة مرتبطا بالقائد العام للقوات المسلحة".
وكان نشطاء وإعلاميون عراقيون نشروا في 13 حزيران/ يونيو الماضي، مقاطع فيديو لمجازر مروعة ارتكبتها مليشيات الحشد الشعبي، بحق مدنيين فروا من معارك مناطق الصقلاوية شمال غرب مدينة الفلوجة.
وبحسب شهادات أدلى بها ناجون في مقاطع فيديو نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي في وقت سابق، فإن "المليشيات ارتكبت جرائم قتل وتنكيل وتعذيب بحق هؤلاء المعتقلين الذين كانوا محتجزين لدى مليشيات الحشد الشعبي".
وقال ناجون، إنهم "عذبوا بطريقة وحشية ومهينة وهناك من تم ذبحهم ودفنهم وهم أحياء في مقابر جماعية، وهشمت العشرات من رؤوسهم وكسرت أطرافهم، وأربعة منهم فارقوا الحياة من شدة التعذيب".
وتتهم منظمات حقوقية دولية في تقارير عدة، مليشيات عراقية منضوية تحت مليشيات الحشد الشعبي، بارتكابها جرائم قتل واختطاف وحرق للمنازل ودور العبادة في المناطق التي يتم استعادتها من تنظيم الدولة.