كشف فالح الفياض مستشار الأمن الوطني في الحكومة العراقية ورئيس "هيئة
الحشد الشعبي" الشيعية، السبت، عن إمكانية دخول قوات بلاده الأراضي السورية بعد تحرير مدينة
الموصل، عازيا السبب في ذلك إلى "ملاحقة
تنظيم الدولة".
وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها العراق عن هذا التوجه منذ بدء الحرب ضد تنظيم الدولة الذي استولى على مناطق واسعة في شمال وغرب البلاد، وكذلك في
سوريا عام 2014.
جاءت تصريحات الفياض هذه خلال مشاركته في ندوة بعنوان "تحديات الأمن الوطني بعد تحرير الموصل"، عقدها معهد العلمين للدراسات العليا، التابع لوزارة التعليم والبحث العلمي، السبت، في محافظة النجف وسط العراق.
وقال الفياض في كلمته التي تابعتها "الأناضول"، إن "قوات الأمن العراقية تقوم الآن بتحرير القرى المحيطة بمدينة الموصل، وهي تحرز تقدما ملحوظا في العمليات، وعلى مقربة كيلومترات قليلة عن مركز المدينة".
وأضاف أن "العراق يشترك مع سوريا بحدود ومناطق مشتركة واسعة"، مشيرا إلى أن "الساحة السورية متداخلة بالساحة العراقية، وقد نضطر للدخول في مناطق سوريا لردع تنظيم الدولة، بعد تحرير الموصل".
بدوره قال متحدث باسم الحشد الشعبي، السبت، إن قوات الحشد تعتزم عبور الحدود إلى سوريا للقتال مع قوات حكومة الرئيس السوري بشار
الأسد بعد طرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من العراق.
ويحارب مقاتلون شيعة عراقيون بالفعل مع قوات الحكومة في سوريا وتشارك قوات الحشد الشعبي حاليا في هجوم للحكومة العراقية يستهدف استعادة مدينة الموصل في شمال العراق من الدولة .
وسيضفي إعلان الحشد الشعبي صبغة رسمية لمشاركته في سوريا.
وقال أحمد الأسدي في مؤتمر صحفي في بغداد "إننا في العراق وبعد تطهير كل أرضنا من هذه العصابات الإرهابية نحن على استعداد تام إلى الذهاب إلى أي مكان يكون فيه تهديد للأمن القومي العراقي".
وتأتي تصريحات الأسدي والفياض بعد يوم واحد من تصريحات مماثلة لنائب رئيس مليشيات الحشد الشعبي أبي مهدي المهندس، التي قال فيها إن الوجهة القادمة للحشد بعد معركة الموصل هي الأراضي في الشرق السوري (دير الزور والرقة).
وفي مقابلة له مع صحيفة "الأخبار" اللبنانية، كشف المهندس أن إحدى مهمات الحشد الشعبي المستقبلية هي تأمين الحدود مع سوريا، وقطع إمدادات تنظيم الدولة من هناك.
وتابع بأن الحرب يجب أن تستمر إلى "ما بعد الحدود" وفي كل مكان يمكن أن تنطلق منه تهديدات للأمن العراقي".
وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، انطلقت معركة استعادة مدينة الموصل من "داعش"، بمشاركة نحو 45 ألفا من القوات التابعة للحكومة العراقية، سواء من الجيش أم الشرطة، فضلا عن "الحشد الشعبي" و"حرس نينوى" (سني) إلى جانب قوات البيشمركة وإسناد جوي من التحالف الدولي.
وللعراق وسوريا، ترابط جغرافي وتداخل اجتماعي، ومصالح مشتركة.
وبين العوائل السورية والعراقية تداخل في منطقة الجزيرة، بين نهري دجلة والفرات، حيث تنتشر قبائل شمّر التي يتوزع أبناؤها بين محافظتي الحسكة ونينوى، في كلا البلدين.
وينطبق الأمر ذاته على منطقة وادي الفرات، حيث دير الزور بسوريا والأنبار في العراق.
وتشكل الأنبار أكبر المحافظات العراقية من حيث المساحة (ثلث مساحة العراق البالغة 438.3 ألف كيلومتر مربع)، فيما تُعد دير الزور مركز الصناعة النفطية السورية، وهي ثاني أكبر محافظات سوريا مساحة، بعد حمص.
ويعتبر معبر القائم/ البوكمال المنفذ الأهم على مستوى الحركة البشرية بين العراق وسوريا.
في حين يُعد منفذ الوليد الممر الرئيس لحركة السلع والبضائع بين البلدين. وهو يقع بالقرب من مثلث الحدود العراقية الأردنية السورية، ويعتبر الأقرب إلى دمشق، بيد أنه ذو طبيعة صحراوية في الغالب.
وحول مشاركة إرهابيي "بي كا كا"، في عملية تحرير الموصل، أكد مستشار الأمن الوطني العراقي أن "هذه المنظمة لم تشترك في معارك تحرير الموصل، ولن يُسمح لها".
وعن دور إيران في العمليات العسكرية الخاصة بتحرير الموصل، ذكر الفياض أنها "تساعد العراق في حربه ضد الإرهاب، لكن تنظيم الدولة لا يهزم إلا في العراق".
وتشكل إيران فاعلا رئيسا في الساحة العراقية، وعلى مختلف الأصعدة، كونها بمثابة بوابة مهمة للدخول إلى المنطقة العربية، ومن خلالها يتحقق التواصل الملائم لطهران مع حلفائها في باقي دول المنطقة.
وأُتيحت الفرصة الأولى لإيران لمد نفوذها في العراق بعد الاحتلال الأمريكي، في مرحلة ما بعد 9 نيسان/ إبريل 2003.
وجاءت الفرصة الثانية في ظل الأزمة الأمنية التي يشهدها العراق منذ مطلع عام 2014، وتفجرت في 10 حزيران/ يونيو من العام ذاته، بعد استيلاء تنظيم الدولة على عدد من المحافظات العراقية.
ومرّ الدور الإيراني بمرحلة جديدة حينما أخذ شكلا أمنيا حاسما في الحرب ضد تنظيم الدولة، من خلال وجود ضباط وخبراء وقوات إيرانية بشكل مباشر في الساحة العراقية، وكذلك عن طريق بيع الأسلحة والمعدات العسكرية وتقديم المعلومات الاستخبارية لقوات الأمن، بحسب مراقبين.