يسعى النظام السوري لإتمام تشكيل "فوج الحرمون"، ليكون بمثابة قوة عسكرية جديدة له في منطقة الحرمون، بريف دمشق الغربي، ليضم المقاتلين الذين وافقوا على على الانخراط في "التسويات المحلية".
ويسعى النظام ليضم هذا الفوج نحو 1200 مقاتل، وخصوصا من مناطق سعسع وبيت تيما وكفر حور وبيت سابر، بحسب وسائل إعلام مقربة من النظام.
ويأتي تشكيل "فوج الحرمون" في إطار التسويات التي يقوم بها النظام السوري في
ريف دمشق. ففي أقل من شهر، انخرطت ست مناطق كانت تحت سيطرة الثوار في المنطقة؛ في تسوية شاملة مع النظام، وهي كناكر، ودير خبية، وسعسع بيت سابر، وبيت تيما، وكفرحور.
ورفض قرابة 500 مقاتل الانضمام إلى التسوية التي تشترط تسليم الأسلحة للنظام، وفضلوا الخروج إلى إدلب، بحسب الحقوقي عبد الناصر حوشان، الذي قال في حديث لـ"عربي21"، إن الدفعة الأولى وصلت في 5 كانون الثاني/ يناير إلى قلعة المضيق في حماة.
بدوره، قال المعارض السوري ناصر العربي؛ إن بلدة سعسع كانت منذ فترة بعيدة خاضعة لسيطرة النظام السوري ضمن هدنة موقعة بين الطرفين، مشيراً في حديث مع "عربي21"؛ إلى أن وفداً روسياً دخلها على خلاف بقية المناطق بريف العاصمة، وذلك بغرض إقناع شبابها بالانضمام إلى "الفيلق الخامس – اقتحام"، في حين يسعى النظام السوري إلى إلحاق شبابها بفوج الحرمون.
خيارات محدودة
وعمد النظام إلى تخيير المطلوبين للخدمة العسكرية؛ بالانضمام إلى فوج الحرمون، أو الخروج نحو إدلب، وهو يهدف من وراء ذلك، وفق الحقوقي حوشان، إلى عدم قطع طريق التسويات في باقي المناطق، حيث يمكن أن يُحجم الأهالي في المناطق الأخرى عن القبول بالتسويات في حال إجبار الشبان على الانضمام لقوات النظام.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مساعي النظام من عمليات
المصالحة والهدن، تدخل ضمن التوصيات التي حضت عليها مقررات مجلس الأمن الدولي، واعتبرتها وسيلة ناجعة في تحقيق الأمن الذي يؤمن أرضية قوية للانتقال السلمي، "على الرغم من التشكيك من التزام النظام بذلك"، وفق حوشان.
ويرى حوشان أن النظام السوري عمل على استقطاب شباب منطقة الحرمون، سواء من مقاتلي الفصائل أو الفارين من الخدمة العسكرية، من خلال فكرة تشكيل جديد تنحصر مهمته بالأمن في المنطقة، وخصوصا لمحاربة تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام، على أن يقدم النظام في هذا الحال كافة أنواع الدعم والتغطية النارية لتلك الفصائل، والتي تشمل "الذخيرة والغذاء واللباس والعلاج"، وفق ما تنص عليه بنود التسوية.
ويقول الخبير العسكري، العميد أحمد رحال، إن الفصائل في منطقة الحرمون كانت أمام خيارات محدودة، في ظل حالة الضعف التي فرضتها حالة إغلاق الحدود الأردنية بشكل كامل، ما يمنع أي فرص لمعارك فتح طرق الإمداد أو الضغط من قبل فصائل الجبهة الجنوبية.
وأضاف رحال لـ"عربي21"، أن النظام السوري استغل هذا الواقع، وجعل المصالحات تتضمن تشكيل قوى عسكرية مؤلفة من مقاتلي الفصائل الذين يقبلون الانخراط فيها، بدلا من الخروج باتجاه إدلب، وهذا الأمر لم يقتصر فقط على تشكيل "فوج الحرمون"، بل تعداه إلى تشكيل "لواء مغاوير الجنوب" أيضاً منذ أيام في ريف العاصمة دمشق، وفق رحال.
سلطة إيرانية
ويؤكد المعارض السوري ناصر العربي؛ أن معظم مقاتلي المعارضة الذين فضلوا الخروج باتجاه إدلب من منطقة الحرمون؛ هم من بلدة كناكر التي اضطرت للمصالحة بسبب الحصار منذ أكثر من سنتين، مع انعدام آمال إنهاء هذا الحصار بالسبل العسكرية أو السياسية، مشيرا إلى أن أهالي البلدة معظمهم من السنة، ما يستدعي الإشارة إلى الواقع الديمغرافي الذي يوظفه النظام السوري، ومن ورائه إيران، في استراتيجيته العسكرية والسياسية، كما يقول.
والمقاتلون في منطقة الحرمون، وجبل الشيخ تحديدا، هم من غالبية درزية مع وجود أقلية سنية ومسيحية. وينقسم أبناء الطائفة الدرزية في المنطقة بين من يقاتلون مع النظام السوري بقيادة السياسي اللبناني وئام وهاب، بالإضافة إلى انخراطهم ضمن تشكيل عسكري يدعى "فوج الجولان" الذي يضم قرابة 600 مقاتل أغلبهم من أبناء الطائفة الدرزية، والقسم الآخر يقاتل في منطقة الحرمون مع الثورة السورية.
وجاءت التسوية الأخيرة في منطقة الحرمون لتفرض تشكيل "فوج الحرمون"، الذي هو فصيل درزي بالكامل، في حين إن مقاتلي هذه المجموعة يرفضون أي تعامل مع وئام وهاب وجماعته، وفق العربي.
وأشار إلى أن فوج الحرمون هو فصيل تشرف على خطته إيران، باعتباره جزءاً من عملية المصالحات التي تعمل عليها في محيط العاصمة لتأمين الطوق الآمن حولها، وما ترافق مع ذلك من مساعٍ للتغيير الديمغرافي.
و"فوج الجولان" هو فصيل تشرف عليه إيران، من خلال ارتباطه بشكل مباشر بحزب الله، وقد اعتبر سمير قنطار، أحد قيادييه الذين قتلوا في
سوريا، بأنه "مشروع المقاومة السورية في الجنوب".
وتجدر الإشارة إلى أن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى كان قد نشر في آذار/ مارس 2015 دراسة بعنوان "جنوب سوريا: جبهة جديدة لإسرائيل"، قال فيها إن إيران وحزب الله يسعيان منذ فترة؛ إلى إنشاء بنية تحتية عملياتية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وسوريا.
وأشارت الدراسة إلى أنه وفقاً لمعلومات الاستخبارات الإسرائيلية، فإن مخطط إيران المستقبلي يهدف إلى تجنيد الأهالي في القرى المحيطة.