نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية، تقريرا عن الشكوى التي تقدمت بها مواطنة إسبانية ذات أصول سورية لدى المحكمة العليا الإسبانية، لمقاضاة
النظام السوري ومخابراته؛ بسبب احتجازهما غير القانوني لأخيها، وإعدامه سنة 2013، "ويتمثل دليلها الوحيد في صور تدوّن انتهاكات للنظام السوري تظهر فيها جثة الضحية".
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذه الشكوى هي الأولى من نوعها في المحاكم الأوروبية، وفي حال الاعتراف بها؛ ستكون الأولى من نوعها في العالم، مشيرة إلى أن "ما قام به النظام السوري يعد جريمة إرهاب دولة".
وأضافت أن الفريق جي37 من المكتب الدولي للمحكمة العليا؛ أجرى تحقيقا في الشكوى التي تقدمت بها المرأة المتحصلة على الجنسية الإسبانية منذ خمس سنوات، وأقر بأنه "وفقا للقواعد والمعايير الدولية؛ تعد هذه المرأة ضحية غير مباشرة للتعذيب والإعدام الذي تعرض له شقيقها. وبالتالي؛ فإن الطرف المتضرر، حسب ما تنص عليه المحاكم الإسبانية، يمكنه التحقيق في القضية، وملاحقة مرتكبي الجريمة قضائيا، عند الضرورة".
وبينت الصحيفة أن الشقيق الأصغر لصاحبة الشكوى، البالغ من العمر عند اختفائه 42 عاما؛ كان يوزع يوميا الفواكه الجافة والمواد الغذائية على عدة نقاط بيع بين بلدته التي يقطن بها ومدينة حمص، إلى أن قبضت عليه قوات النظام السوري، واقتادته إلى مركز اعتقال في دمشق خاضع لإدارة أجهزة الاستخبارات السورية.
وأشارت إلى أن ناقل البضائع كان قد عبّر قبل اعتقاله عن رغبته في ترك هذا العمل، بسبب خطورة الطريق وانتشار نقاط التفتيش فيها، إلا أنه اعتقل قبل أن يتركه.
وقالت الصحيفة أن عضوا في الشرطة العسكرية انشق عن قوات النظام السوري في أيلول/ سبتمبر 2013، حصل قبل انشقاقه على حوالي 50 ألف صورة من "أرشيف" جثث الضحايا التي تعرضت للتعذيب والإعدام، والتي كانت تجمعها قوات الأمن منذ سنة 2011.
وأوضحت أنه بفضل هذه الصور؛ تمكنت المواطنة الإسبانية من التعرف على جثة أخيها السوري، وطلبت التحقيق في هذه القضية، "وقد ظهر إلى جانب صورة شقيقها، التي بدت على جثته علامات واضحة من
التعذيب؛ العديد من جثث ضحايا النظام السوري، فضلا عن عدد من المساجين في مركز الاعتقال غير القانوني".
وأضافت أن هذه الصور التي التقطت لحوالي ست آلاف جثة، بإمكانها أن تساهم في التعرف على العديد من ضحايا اعتقالات نظام الأسد على المستوى الدولي، على أمل التنديد بها، وطلب فتح التحقيق في هذه الجرائم.
وأفادت الصحيفة بأن الشكوى التي تلقتها المحكمة العليا الإسبانية، الثلاثاء الماضي، موجهة خاصة ضد تسعة أعضاء من قوات الأمن والاستخبارات السورية، من بينهم ثلاثة عاملين في مركز الاعتقال الذي توفي شقيق صاحبة الشكوى بين جدرانه، إضافة إلى أحد المسؤولين.
وفي هذا الصدد؛ قالت عضو الفريق القانوني المهتم بالتحقيق في الشكوى، المحامية الجنائية مايتي باريخو، إن "الهدف من هذه الإجراءات ليس محاكمة النظام السوري، وإنما التثبت فيما يحصل؛ لأن هذه الوقائع قد حدثت وفقا لما يمليه قانون القمع الذي أسسه النظام السوري".
ونقلت الصحيفة عن المواطنة الإسبانية ذات الأصول السورية التي تابعت الصراع السوري من إسبانيا، قولها إن "من الصعب مشاهدة كل ما يحدث من موقعها، فكل شيء مؤلم"، مشيرة إلى أن "لديها الكثير من الأقارب في
سوريا، كما أن الوضع أصبح أسوأ بالنسبة لها منذ أن اختفى شقيقها".
وبالنسبة لهذه المرأة؛ فإن الشكوى التي تقدمت بها تعد بمثابة بوابة للأمل من أجل التغيير في مسقط رأسها سوريا. وفي هذا السياق، أكدت المرأة أن "توحد العديد من الناس على المستوى الدولي أصبح ضرورة، من أجل منع الجرائم التي لا يبدو أنها في طريقها إلى التوقف".
وقالت الصحيفة إن الأساس القانوني للشكوى يستند على مبدأ أنه يمكن في المحاكم الإسبانية، وفقا للقانون الأساسي للقضاء، تتبع مواطنين إسبان أو أجانب ارتكبوا جرائم إرهاب خارج الإقليم الوطني، في حال "كانت الضحية تحمل الجنسية الإسبانية عند حدوث الواقعة".
وأوضحت الصحيفة أنه في القانون الإسباني والقانون الأساسي لضحايا الجرائم الإسباني؛ فإن الأشقاء يعتبرون ضحايا غير مباشرين في حالات الوفاة والاختفاء التي تحدث في صفوف أفراد عائلاتهم، الذين يعدون بدورهم ضحايا مباشرين.
وفي الختام؛ نقلت الصحيفة عن المودينا برنابيو، عضو الفريق جي37 من المكتب الدولي والمختصة في القانون الدولي، قولها إن "الهدف من هذه الخطوة الأولى؛ هو إعادة الأمل في نفوس الآلاف من المدنيين السوريين الذين لا زالوا يعانون من عواقب هذه الجرائم الوحشية".