اتفقت
الجزائر وتونس ومصر، على عقد اجتماع لوزراء الخارجية، يوم الأول من آذار/مارس، المقبل لـ"بحث ما يمكن فعله بملف الأزمة في
ليبيا"، على أن تعقد قمة لقادة الدول الثلاث بتاريخ ومكان لم يتحددا بعد.
هذا ما أكده مصدر دبلوماسي جزائري رفيع المستوى، خلال لقاء صحفي مصغر، عقده بالعاصمة الجزائر، الإثنين، طالبا عدم ذكر اسمه. وقال المصدر باللقاء الذي تابعته "
عربي21"، "إن لقاء القمة الذي سيجمع قادة دول الجزائر وتونس ومصر، اقترحه الرئيس
التونسي، الباجي قايد السبسي ووافقت عليه السلطات الجزائرية والمصرية".
وأوضح المصدر، أن اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث "سيبحث ملف ليبيا الثقيل، الذي لا ينبغي أن يخرج حله عن الإطار الليبي"، ويقصد المسؤول الجزائري، بذلك، ضرورة أن تتوصل العواصم العربية الثلاث إلى توافق بمعالجة الأزمة الليبية سياسيا، دونما تدخل قوى أجنبية عن دول الجوار الليبي، وفق شرحه.
وكان رئيس المجلس الرئاسي بطرابلس، فايز السراج زار الجزائر أواخر شهر كانون الثاني/ يناير المنصرم، والتقى الوزير الأول عبد المالك سلال، ووزير الخارجية رمضان لعمامرة، اللذان أكدا له أن "الجزائر يهمها ألا تتعدد القنوات الدبلوماسية في مسار حل الأزمة الليبية".
وزار السراج الجزائر بعد أسبوع من زيارة مماثلة لخليفة حفتر، وبحث مع الوزير الأول عبد المالك سلال، سبل التوصل إلى حل لأزمة ليبيا.
ومنذ كانون الأول/ دسمبر من العام الماضي 2016، رمت الجزائر بكل ثقلها بغرض حلحلة الأزمة الليبية وتقريب وجهات النظر بين الجنرال حفتر المدعوم من حكومة طبرق، وبين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، وبينهما وبين الفصيل الإسلامي، الذي تسعى القاهرة إلى استبعاده من مشهد المفاوضات السياسية، بحسب مراقبين.
ويعتقد المحلل الاستراتيجي الجزائري، منتصر بودان، أن "الجزائر تختلف مع القاهرة بنقطة واحدة بشأن الملف الليبي، ويكمن الخلاف في أن الجزائر تعتقد أن الأزمة الليبية لا يمكن حلها دون إشراك الإسلاميين بالمفاوضات، بينما القاهرة ترغب باستبعادهم كليا".
وتابع بودان بتصريح لـ"
عربي21"، الإثنين" أكيد هذا الخلاف سيطرح خلال اجتماع وزراء خارجية كل من الجزائر وتونس ومصر لاحقا"، مضيفا: "تونس منخرطة تماما بشاكلة الحل الذي تقترحه الجزائر، كما لا يستبعد أن تجد القاهرة نفسها مجبرة على مسايرة المقاربة الجزائرية والمقترحات التي رتبتها بغرض تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين".
وكان أحمد أويحيى، مدير ديوان الرئاسة بالجزائر، التقى علي الصلابي، أبرز أعضاء الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، يوم الثاني من شباط/ فبراير الجاري، بمنزل زعيم حركة "النهضة التونسية"، راشد
الغنوشي، وفقا لما ذكره الغنوشي بمقابلة مع صحيفة "الخبر" الجزائرية.
وذكر الغنوشي أن "أويحيى أبلغ الصلابي تصور الجزائر لحل توافقي للأزمة الليبية، بناء على تنازلات مشتركة تقدمها كل الأطراف الليبية، سواء حكومة طرابلس أو حكومة طبرق أو اللواء خليفة حفتر".
وزار الغنوشي الجزائر والتقى الرئيس بوتفليقة، بقصر الرئاسة بالعاصمة، ونقلت تقارير إعلامية بالجزائر، عن تفاصيل اللقاء الغنوشي بالرئيس بوتفليقة، أن الرئيس الجزائري طلب من الزعيم الإسلامي التونسي أداء دور، لإقناع الاسلاميين الليبيين بالانضمام إلى مسار الحوار السياسي والمصالحة بين الأطراف الليبية.
ويقول المصدر الدبلوماسي الذي عقد اللقاء الصحفي المصغر إن "مساعي الجزائر محل إشادة من كثير من الدول". مضيفا أن بلاده "تعارض تعدد المسارات التي تقترح حلولا لمشاكل ليبيا، فما دامت الأمم المتحدة احتضنت الحل السياسي والمصالحة بين الليبيين، يفترض أن ينخرط الجميع في هذا التوجه".
وتابع المتحدث: "لقد ُطلب من الجزائر
المبادرة بحل ينهي الأزمة، وهي اختارت الحذر وقالت إن الحسم العسكري ستنتج عنه عواقب وخيمة على ليبيا، وعلى كامل المنطقة".
وحذر الدبلوماسي الجزائري من خطورة المنخرطين بتنظيم الدولة في ليبيا والمنتمين للدول المغاربية، قائلا: "إن عودة المقاتلين إلى بلدانهم، شيء مرعب بالنسبة لهذه البلدان، والجزائر تتفهم ذلك لأنها من أكثر البلدان التي تضررت من هذه الظاهرة، التي عاشتها في ثمانينيات القرن الماضي، لما عاد مقاتلون جزائريون من مناطق الصراع ببيشاور بباكستان".