رد الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي التحية بمثلها، طالبا من مؤيديه الإصلاحيين أن يقترعوا للرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية يوم الجمعة المقبل. وعلى طريقتهم بادر الإصلاحيون إلى وضع الشال الأخضر الذي يرمز إلى «الثورة الخضراء» عام 2009 على كتفي روحاني، خلال مهرجان انتخابي في أصفهان نهاية الأسبوع الماضي.
مؤشرات صغيرة تكشف تبني الحركة الإصلاحية الرئيس المنتهية ولايته بعد توجيهه التحية لخاتمي في أكثر من مهرجان أخيرا، الأمر الذي لم يبادر إليه بصراحة في الانتخابات السابقة قبل أربع سنوات، ربما لتفادي إثارة حساسيات زائدة لدى الأصوليين، أو تحسبا لنفور اللامبالين الذين يشكلون عادة نسبة كبيرة، إنما صامتة. في ذلك الحين فاز روحاني بـ50.7 في المئة من أصوات الناخبين المشاركين، في مقابل 16.5 في المئة لمنافسه محمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران الذي بات يستحق لقب «المرشح الدائم للرئاسة» نظرا إلى تنافسه في كل استحقاق.
ربما اضطر الإصلاحيون هذه المرة إلى حشد قواعدهم بعدما بينت استطلاعات أجريت عبر الهاتف، وجود مقدار كبير من اللامبالاة لدى الناخبين، انعكس في أن نحو 52 في المئة لم يحسموا أمرهم بعد، ما يعني أن معظم هؤلاء قد لا يتوجهون إلى مراكز الاقتراع ويفضلون البقاء في منازلهم، خصوصا بعد تحذير المرشد علي خامنئي من أجواء استقطاب تعيد إلى الذاكرة توترات رافقت انتخابات 2009 التي ربحها محمود أحمدي نجاد، وانتهت بوضع منافسيه مير حسين موسوي ومهدي كروبي في «إقامة جبرية» مستمرة حتى اليوم.
لم يتمكن روحاني خلال عهده من اطلاق موسوي أو كروبي، وهذا بحد ذاته يمكن أن يشكل مأخذا عليه، على رغم اطلاق يده من قبل النظام لتحقيق أشياء أخرى، أهمها إبرام الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، ووضع البلاد على سكة رفع العقوبات وإخراجها من العزلة.
الرئيس الذي تأمنت له أصوات 18.6 مليون إيراني في الانتخابات السابقة التي بلغت النسبة المعلنة للإقبال فيها 72 في المئة، بدا وكأنه أتى لمهمة محددة لا تتعلق بدحض التقارير في الغرب عن تراجع الحريات الشخصية ولا بإعادة توزيع الثروات في شكل يحقق العدالة الاجتماعية، هو رئيس أتى لتذليل التوتر مع العواصم العالمية لـ «تتمكن إيران من أداء دورها بالمشاركة في تسوية الأزمات الإقليمية»، كما قال هو في إحدى المناظرات الرئاسية.
ويبدو أن روحاني مرشح لاستكمال هذا الدور، طالما أن المرشد حريص على عدم هدم الجسور مع القوى العالمية الفاعلة، بمقدار حرصه على رفع ما تبقى من عقوبات، وهو البند الأكثر أهمية في برنامج روحاني. وهذه مهمة لا يقدر عليها أبرز منافسيه، رجل الدين الأصولي إبراهيم رئيسي الذي لا ينفك يلمح إلى قربه من مركز النظام، من دون أن يظهر قدرات ومواهب تجعله مؤهلا أكثر لخدمة النظام.
يتوجه الإيرانيون إلى مراكز الاقتراع ويبقي المرشد «كلمة السر» في جيبه، ثم يسربها بطرقه الخاصة إلى الكتلة الناخبة الأكبر في البلاد وهي «الحرس الثوري» وفروعه. ولا غرابة في الأمر، فلماذا نفيه والقول إن «الحرس» لا يتدخل في الانتخابات؟ إلا إذا كان الأمر من باب الحرص على تفادي الحرج تجاه مرشحين لم يسعفهم الحظ.
ومن الطبيعي أن تكون لدى «الحرس» قدرة على حشد ملايين الأصوات وتوجيهها في اللحظة الأخيرة لتصب في مصلحة مرشح دون الآخر. ومن هنا كان حرص روحاني على تأكيد وقوفه إلى جانب المؤسسات العسكرية و «الثورية». فهل تشي كلمة السر التي يحتفظ بها المرشد بولاية جديدة لروحاني؟
الحياة اللندنية