بعد سيطرة قوات النظام على بلدة عقيربات، في ريف
حماة الشرقي، وسط
سوريا، ومحاولات
تنظيم الدولة استرجاعها، تتفاقم معاناة آلاف العائلات العالقة هناك، ولم تفلح كل الجهود التي بذلها بعض وجهاء عشائر المنطقة في تأمين خروج المدنيين المحاصرين بالتفاهم مع روسيا، حتى هذه اللحظة.
وحول الأوضاع التي يعيشها المدنيون، يقول الناشط من ريف حماة، عبيدة أبو خزيمة، لـ"
عربي21": "يعاني المدنيون المحاصرون في ريف حماة الشرقي من أوضاع إنسانية توصف بالمأساوية، نتيجة غياب الكثير من مقومات الحياة، وأهمها النقص في المياه والطعام والإقامة في العراء نتيجة تركهم لبيوتهم ومحاولتهم الهرب من ويلات الحرب الدائرة بين تنظيم الدولة والنظام".
اقرأ أيضا: نظام الأسد يستغل خفض التصعيد ويوسع سيطرته شرق البلاد
وبيّن أن الطحين مفقود، والمياه مفقودة أيضا نتيجة عدم توفر الوقود لتشغيل مضخات الآبار، كما أن هناك نقصا حادا في الخدمات الطبية، حيث يُترك الأشخاص المصابون لمصيرهم، وخصوصا الإصابات البالغة.
وأشار إلى أن المفاوضات التي يجريها وجهاء العشائر للتوصل لاتفاق يُخرج المدنيين؛ قد فشلت. وقال: "كانت هنالك مفاوضات لإخراج المدنيين باتجاه المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، بعد وساطات من وجهاء بعض العشائر الموالية للنظام في المنطقة، ولكن خلافا روسيا إيرانيا أدى إلى فشل تنفيذ الاتفاق؛ لأن روسيا طلبت بأن يكون الاتفاق برعاية قاعدة حميميم، في حين رفضت القوات الإيرانية ذلك، وتم ترك المدنيين لمصيرهم في المنطقة المحاصرة في وادي العذيب".
وأوضح أن أعداد المدنيين تقدر بسبعة آلاف شخص في منطقة عقيربات، يتوزعون في المناطق التي ما زال يسيطر عليها التنظيم ووادي العذيب شرقي طريق أثريا- خناصر، محذرا من "مذابح قد ترتكبها قوات النظام بحق المدنيين المحاصرين هناك.
ولفت الناشط إلى أن "التنظيم كان قد حذر الأهالي من الخروج باتجاه مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام؛ بحجة الألغام التي زرعتها قوات النظام على جانبي الطريق".
من جهته، يقول الناشط مناحي الأحمد، مراسل صفحة "بوابة حماة الإلكترونية: "يمر اليوم الثاني والعشرون على
الحصار الذي تفرضه قوات النظام بمشاركة قوات إيرانية وروسية، وبغطاء جوي روسي على ما يقارب 10 آلاف مدني بناحية عقيربات، ضمن سياسة يتبعها النظام السوري؛ ألا وهي القتل جوعا، ويرافق ذلك القصف المتواصل"، وفق قوله لـ"
عربي21".
اقرأ أيضا: تنظيم الدولة يدافع عن آخر مناطق نفوذه في عمق النظام
وأضاف أن طائرت النظام وروسيا استهدفت تجمعا صغيرا لعائلات هاربة من قرية رسم العوابد باتجاه قرية الجابرية بريف حمص، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين وإصابة 30 آخرين، بينها إصابات خطيرة وبتر في الأطراف.
وأشار إلى وجود عدد من الأطفال تقل أعمارهم عن السنتين، في ظل عدم وجود أي نقطة طبية أو إسعافية، "ما أجبر الكثير من العائلات على استخدام التراب لسد الجروح وإيقاف نزيف الدم للمصابين، عدا عن انقطاع المياه بشكل كامل عن تجمعات النازحين في منطقة وادي العذيب، ما أدى لحالات جفاف شديد عند الأطفال وأمهاتم، كما توفي طفل حديث الولادة، عمره شهر تقريبا، بسبب الحر الشديد".
وحول موقف التنظيم من إخراج المدنيين، يقول الناشط: "بالنسبة للحديث عن موقف التنظيم من نقل المدنيين إلى ريف حماة الشرقي أو إدلب، فهذا هو الحل الذي يبحث عنه التنظيم بعد اشتداد الحصار يوما بعد يوم، ولكن لا يوجد أي أحد يطرح هذا الخيار، ولا توجد لدى التنظيم أي ورقة ضغط تمكنه من إجبار النظام على الرضوخ لمطالبه وإخراج المدنيبن".
اقرأ أيضا: رغم خسائره الكبيرة: لماذا يدفع الأسد بقواته للسلمية بحماة؟
وتابع: "إلا أنه في نفس الوقت، فإن النظام يريد الانتهاء من هذا الجيب الداعشي لإكمال السيطرة على منطقة جنوب شرق السلمية وتأمينها بشكل كامل، لكي يخفف من وقع الخسائر الكبيرة التي مني بها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث يُتوقع أن تتم عملية نقل للمقاتلين باتجاه دير الزور كما حدث في القلمون، ولكن بعد الانتهاء من صفقة القلمون التي تعرقلها قوات التحالف وتقوم باستهداف قوافل التنظيم"، كما قال.
أما عن تمكن بعض العائلات من الهرب والوصول لمناطق المعارضة، يقول الأحمد: "المنطقة الفاصلة بين وادي العذيب والمنطقة المقابلة لها من جهة الريهجان تبعد أقل من 10 كيلومترات، وهي مرصودة من النظام ومزروعة بالألغام، ومن خرج فإنه غامر بدمه، وهربا من الموت جوعاً وعطشاً، واستطاع تجاوز الألغام والحواجز والوصول إلى الجهة المقابلة، حيث استطاع العشرات من المدنيين الفرار في اليومين الماضيين".