كشفت مصادر بشركة حديد المصريين التي يمتلكها رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة استولى بالشراء خلال الأيام الماضية على 95% من أسهم الشركة التي تسيطر على 22% من إنتاج الحديد بمصر.
وقالت المصادر إنه تم الاتفاق على استمرار أبو هشيمة في إدارة الشركة حتى تنتهي كل عمليات البيع والنقل خلال الفترة المقبلة.
يأتي هذا بعد استحواذ القوات المسلحة على مصنعي "صلب مصر" للجارحي عام 2016 و"بشاي للصلب" آيار/ مايو 2018، نتيجة تعرض مالكي الشركتين لضغوط كبيرة من قبل البنوك لتسديد المديونات المستحقة عليهم.
وأكدت المصادر أن مصنع بشاي للصلب الذي افتتحه رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي مطلع هذا الأسبوع كان إعلانا بانتهاء عمليات البيع لصالح القوات المسلحة، خاصة وأن المصنع ليس منشأ حديثا.
وطبقا لتصريحات رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء كامل الوزيري فإن مصنع صلب مصر بالعين السخنة والذي كان ملكا لشركة الجارحي بالشراكة مع المستثمر اللبناني رفيق الضو، تبلغ طاقته الإنتاجية 2 مليون طن سنويا، لمواكبة الزيادة الكبيرة في الإنشاءات بالمشروعات القومية الكبرى، حسب تصريحاته.
اقرأ أيضا: الأمن القومي.. طريق "الجيش المصري" للسيطرة الاقتصادية
وقال اقتصاديون لـ "عربي 21" إن القوات المسلحة باستحواذها على شركة حديد المصريين وقبلها شركتي بشاي للطب وصلب مصر التابعة للجارحي تكون قد امتلكت ما يقرب من 50% من سوق إنتاج الحديد بمصر، بالإضافة للسيطرة على سوق الأسمنت من خلال مصنعين أحدهما الأكبر بمنطقة شرق الأوسط وهو مصنع بني سويف، والآخر مصنع أسمنت الجيش بالعريش.
وأوضح الخبير الاقتصادي أيمن النجار أن سيطرة الجيش على سوق الحديد بالإضافة لسوق الأسمنت يأتي ترجمة لتوجهات السيسي بعدم اعتماد الجيش في مشروعاته المدنية على ضغوط الشركات غير العسكرية.
وقال النجار لـ "عربي 21": "تكليفات السيسي كشف عنها رئيس الهيئة الهندسية كامل الوزيري بأن القوات المسلحة لن تعتمد في مشروعاتها على الشركات القائمة، وأنه تلقى تكليفا رئاسيا بإقامة مصنع للحديد والصلب سواء منفردا أو من خلال الشراكة مع مستثمرين وهو ما يحدث الآن".
وأضاف: "الجيش يسيطر على أكثر من 80% من سوق العقارات والإنشاءات بمصر، سواء من خلال الهيئة الهندسية أو الشركات التابعة لجهاز المشروعات الوطنية التابع للقوات المسلحة، وبالتالي هي تريد مزيدا من الأرباح والتحكم في السوق العقاري، مستغلة الضغوط التي يتعرض لها المستثمرون ورجال الأعمال من البنوك نتيجة توقف معظم النشاط الاقتصادي".
وأكد النجار أن القوات المسلحة كانت تشتري طن الحديد من الشركات المنتجة بسعر مخفض للمساهمة في مشروعات تحيا مصر وإسكان مصر وغيرها من المشروعات العقارية التي يشرف عليها الجيش، ولكنها كانت تقوم باحتساب سعر طن الحديد في الاتفاق مع الحكومة طبقا لأسعار السوق وبزيادة تصل لأكثر من ألفي جنيه (120 دولارا)، وهو ما يعد أحد أسباب رفع أسعار شقق الإسكان الاجتماعي بمصر، موضحا أن الهيئة الهندسية التابعة للجيش تشرف على أكثر من 1600 مشروع بأنحاء البلاد، أكبرها العاصمة الإدارية والأنفاق والطرق والكباري والمدن الجديدة بالقاهرة والمحافظات.
اقرأ أيضا: "أمنيَّة" السيسي لاقتصاد الجيش تثير غضب مؤيديه ومعارضيه
وقال الخبير الاقتصادي فكري عبد العزيز لـ "عربي21 " إن سيطرة القوات المسلحة على المشروعات القومية سواء بالإنشاء أو الإدارة يهدف في الأساس للسيطرة على مفاصل الاقتصاد المصري، وهو ما يمثل خسارة للقطاع الخاص، كما أنه يمثل خسارة أكبر لموازنة الدولة، في ظل الإعفاءات التي يحصل عليها الجيش من الضرائب والجمارك، وحصوله على أراضي الدولة بالمجان، ولديه عمالة بدون مقابل ممثلة في المجندين الذين يؤدون الخدمة العسكرية وهم متخصصون في مختلف المجالات، الهندسية والتجارية والإنشائية، كما أن أعمال الجيش سواء المدنية او العسكرية لا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات أو وزارة المالية.
وأوضح عبد العزيز أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية المعني بإدارة المشروعات المدنية التي يشارك فيها الجيش أنشأ 21 شركة خلال الأعوام الثلاثة الماضية في مجالات البناء والنظافة والزراعة والأمن والطرق والأنفاق والكباري، ويمتلك هذا الجهاز وحده 97% من الإنتاج الزراعي والحيواني بمشروع شرق العوينات، كما أن الشركة الوطنية للمقاولات العامة والتوريدات والشركة الوطنية للطرق والكباري، تحتكران سوق الإنشاءات بمصر الآن.
وأضاف: "مشروعات الجيش تتمتع بأكثر من 20 امتيازًا تجعلها خارج نطاق المنافسة وتمنحها فرص كثيرة للاحتكار وخاصة في مجال العقارات، أبرزها الإعفاء الكامل من الضرائب والجمارك، بما فيه إعفاء المنشآت المدنية التي ينشئها الجيش من الضرائب العقارية المفروضة على سائر المنشآت، كما يتمتع الجيش بأحقية الحصول علي مناقصات الدولة بالأمر المباشر دون الدخول في مزايدات أو عطاءات، مع حظر الطعن على العقود التي يكون الجيش طرفا فيها، وهو ما يمنح الشرعية لعقود الإسناد المباشر التي تمنحها الحكومة لشركات جهاز الخدمة الوطنية".
رفع أسعار الغاز يشعل غضب المصريين.. وهذه التداعيات
هكذا خيب المصريون آمال السيسي بالعاصمة الإدارية الجديدة
أكاديمي يقدم حلا لإنقاذ اقتصاد مصر.. لماذا لا يقره السيسي؟