فندت الأرقام مزاعم القوات المسلحة
المصرية، بأنها تهدف إلى خفض أسعار المنتجات من خلال زيادة نفوذها في العديد من الصناعات
والمنتجات الاستراتيجية التي دخلت فيها حديثا كلبن الأطفال، أو توسعت فيها واستحوذت
على جزء كبير منها مثل صناعة
الحديد والإسمنت.
وبمقارنة أسعار الحديد والصلب
اليوم، فقد تراوح سعر طن
الإسمنت بين 840 جنيها و900 جنيه، وتراوح سعر طن الإسمنت الأبيض
بين 2230 جنيها، و2300 جنيه للطن، وتراوحت أسعار الحديد بين 12 ألفا و600 جنيه، و12
ألفا و900 جنيه.
وفي مطلع عام 2018 تراوح سعر
طن الإسمنت بين 840 جنيها و900 جنيه، وتراوح سعر الإسمنت الأبيض بين 1700 جنيه و1780
جنيها، وتراوحت أسعار طن الحديد بين 12 ألفا و200 جنيه، و12 ألفا و300 جنيه.
ارتفاع لا انخفاض
وتعكس تلك المقارنات أن أسعار
العديد من الصناعات والمنتجات الاستراتيجية كانت أقل قبل نحو عام، وقبل زيادة القوات
المسلحة نفوذها فيها مما هي عليها الآن، وأن استحواذها أو زيادة نفوذها لم يسهم في
أي خفض في الأسعار إن لم يكن زيادتها.
وكان
الجيش قد دخل في أيلول/ إبريل 2016 على خط أزمة نقص ألبان الأطفال، وقام بعد شهور من اندلاع الأزمة، بتوفير
عبوة اللبن بسعر 30 جنيها بدلا من 17، واليوم واصل سعر عبوة لبن الجيش ارتفاعه ليصل
إلى 75 جنيها قبل أن يتراجع إلى 60.
ومنذ نهاية عام 2017 وحتى الربع
الأول من عام 2018 استحوذت القوات المسلحة على عدد من شركات الحديد والصلب من بينها
شركة الجارحي الشهيرة "صلب مصر"، ثم شركة حديد "المصريين" التابعة
لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة.
وفي منتصف شهر آب/ أغسطس الجاري،
افتتحت القوات المسلحة مجمعا صناعيا ضخما لإنتاج الإسمنت في صعيد مصر، لإنتاج 20% من
إنتاج مصر من الإسمنت، إلا أن أسعار طن الإسمنت لا تزال على ارتفاعاتها القياسية دون
تغيير، وسط مخاوف من تعرض المصانع الخاصة إلى خسائر حادة.
وحذر تجار تحدثوا لـ"
عربي21"
من تعرض أسعار الإسمنت إلى ضغوط بسبب زيادة
الإنتاج، وتراجع الطلب، وزيادة تكاليف الإنتاج على المصانع الخاصة؛ نتيجة ارتفاع أسعار
الطاقة التي تمثل 60% من تكلفة الإنتاج، وارتفاع الضرائب.
الأسعار لن تتراجع
وقال صاحب مستودع لبيع الإسمنت
بمحافظة الجيزة، الحاج سلامة، لـ"
عربي21": "كان من المتوقع أن يسهم
افتتاح مجمع إسمنت بني سويف الجديد في زيادة المعروض في السوق المحلي من الإسمنت، إلا
أن الأسعار لم تتغير كثيرا كما توقع البعض".
وأوضح أن: "أسعار الإسمنت
تحددها الشركات وليس التجار"، مشيرا إلى "وجود فجوة بين الإنتاج والاستهلاك
قد تزيد بعد عودة المغتربين إلى دول الخليج، ودخول موسم الشتاء، الذي يشهد ركودا نسبيا،
ورغم ذلك لا توجد في مصر أسعار تهبط مطلقا".
وكان عضو شعبة مواد البناء، حسن
علي، قد أكد في تصريحات صحفية سابقة، "أنه لا علاقة بين إنتاج مصنع بني سويف للإسمنت
وانخفاض الأسعار، لأنه منذ بدء إنتاج المصنع لم تتراجع أسعار الإسمنت على الرغم من
زيادة المعروض".
قبضة الجيش
وفند أستاذ
الاقتصاد والتمويل،
أشرف دوابة، توجه الجيش المتزايد نحو الاستحواذ على الصناعات الكبرى بمصر، واستغلال
نفوذه وصلاحياته، قائلا: "الجيش يسيطر على أكثر من 60% من الاقتصاد المصري، وسياسته
مبنية على أساس الاستحواذ على مفاصل اقتصاد الدولة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن
"سياسة الجيش في السيطرة على الاقتصاد، جعلته يتجه للصناعات الاستراتيجية"،
محذرا في الوقت نفسه "من تداعيات هيمنة الجيش المتنامية على مقدرات البلاد، وتحقيق
مكاسب على حساب القطاعات المدنية الأخرى".
أما فيما يتعلق بازدهار صناعة
الإسمنت في مصر دون غيرها من الدول الغربية، أجاب أنه "يعود إلى التلوث الذي تحدثه
تلك الصناعات سواء على مستوى البيئة أو الصحة؛ ولذلك تعمد الدول الغربية إلى نقل
مصانعها وخبراتها إلى دول مثل مصر تحت ستار الاستثمار الأجنبي".
لا خفض في الأسعار
بدوره؛ قلل الباحث الاقتصادي،
محمد نبيل، من أثر استحواذ الجيش على العديد من الصناعات في خفض الأسعار، وبرر تنامي
نفوذ الجيش في الاقتصاد من أجل إحكام السيطرة على مقدرات البلاد، قائلا: "جميع
المؤشرات تؤكد دخول القوات المسلحة في أغلب الصناعات الاستراتيجية في مصر بهدف تملك
عصب الاقتصاد، والتمكن من مفاصل الدولة، وليس بهدف خفض الأسعار".
مضيفا لـ"
عربي21":
أن الموضوع لا يتوقف على صناعة وإنتاج الإسمنت بجميع أنواعه، ولكن امتد إلى قطاعات
أخرى حيوية؛ مثل قطاع الحديد، والمقاولات، والدواء والأجهزة الطبية، وحتى ألبان الأطفال
كما رأينا في الأزمة الأخيرة التي هزت مصر كلها".