في ظل تعثر الجهود المصرية في تقريب وجهات النظر بين حركتي حماس وفتح، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة في 12 من تشرين الأول/ أكتوبر 2017، طرحت شخصيات فلسطينية في الآونة الأخيرة مبادرات جديدة لإنهاء الانقسام.
نقاط مشتركة
تباينت المبادرات الجديدة في بنودها وتفاصيلها والجهات التي طرحتها، إلا أن العامل المشترك الذي اتسمت به هذه المبادرات هو ضرورة رفع السلطة لإجراءاتها العقابية ضد قطاع غزة، وإلغاء مصطلح التمكين الذي تشترطه حركة فتح لإتمام المصالحة.
من أبرز المبادرات التي طرحت؛ مبادرة مركز مسارات للدراسات السياسية التي حملت عنوان (الرزمة الشاملة طريق الوحدة الوطنية)، كان من أبرز بنودها رفع السلطة للإجراءات العقابية المفروضة على غزة، والشروع في حوار وطني شامل لمدة أسبوعين كحد أقصى، وتشكيل حكومة وحدة وطنية على أسس وطنية، وعقد اجتماع قيادي ينبثق عنه مجلس وطني توحيدي.
فيما طرح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، مبادرته التي تضمنت ثلاث نقاط، من أبرزها عقد اللجنة التحضيرية لاتفاق بيروت التي ضمت كل الفلسطينيين، للشروع في معالجة كل الخلافات التي تعيق دخول الفصائل والقوى السياسية في منظمة التحرير، بالإضافة للتأكيد على خيار المقاومة، والعمل على تطويرها في الضفة والقدس؛ للتصدي لصفقة القرن.
فيما طرحت شخصيات مستقلة مبادرات جديدة، كان من بينهم أمين عام المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، والعالم الفلسطيني عدنان مجلي، التي اتفقت في نقطتين أساسيتين، وهما إجراء انتخابات عامة تشريعية ورئاسية، وإعادة بناء منظمة التحرير على أساس الشراكة الوطنية.
وأرجع مراقبون أن فشل الجهود المصرية في تحقيق اختراق حقيقي في ملف المصالحة منذ أكثر من عام، قد يكون سببه بحث الفلسطينيين عن مبادرات جديدة تنهي حالة الانقسام في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها قطاع غزة.
تنازلات لنجاح المبادرات
وفي السياق ذاته، أكد مدير مركز مسارات في غزة، صلاح عبد العاطي، أن "المبادرات التي طرحت في الآونة الأخيرة تأتي في سياق وضع طرفي الانقسام أمام مسؤولياتهما الأخلاقية في ضرورة تقديم تنازلات حقيقية لإنهاء حالة الانقسام، خصوصا من طرف الرئيس محمود عباس، الذي ما يزال يصر على استمرار فرض العقوبات على غزة، ويضع اشتراطات جديدة في كل جولة من المباحثات كمصطلح التمكين الكامل للحكومة".
ونوه إلى أن "تجاوب حركة حماس مع هذه المبادرات اتسم بالإيجابية، ولكن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة لحركة فتح بأن تقدم على تنازلات تخدم هذه المبادرات لتحقق أهدافها".
وأضاف عبد العاطي، في حديث لـ"عربي21"، أن "نقاط الخلاف بين طرفي الانقسام يمكن حلها في حال كان هنالك رغبة بضرورة تغليب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية، ولتحقيق هذا الهدف كان اتفاق بيروت 2011 هو المرجعية الأساسية لهذه المبادرات، في حين أن حركة فتح تصر على أن اتفاق القاهرة 2017 هو المرجعية الأساسية لأي اتفاق للمصالحة، وهذا ما أعاق تطبيق أي من المبادرات السابقة".
الدور المصري
من جانب آخر، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، حمزة أبو شنب، أن "مبادرات إنهاء الانقسام لا تعبر بالضرورة عن فشل مصر في رعاية ملف المصالحة؛ لأن الدور المصري يأتي في سياق الوساطة وتقريب وجهات النظر، وهي غير ملزمة لأي طرف، وهذا قد يكون سببا في تعنت الرئيس محمود عباس في الإصرار على وضع اشتراطاته، كتمكين الحكومة، وسحب سلاح المقاومة، ونبذ العنف".
وأضاف أبو شنب في حديث لـ"عربي21": "يدرك الجانب المصري أن نجاح المصالحة سيرفع من مكانتها ودورها في المنطقة، ومن هذا المنطلق فهي تدعم هذه المبادرات، حتى لو اختلفت في سياقاتها لما جاء في اتفاق القاهرة 2017".
ولكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، حسام الدجني، يرى أن "تكرار المبادرات التي تطرح من شخصيات وأحزاب فلسطينية لإنهاء الانقسام تضعف من فرص نجاحها، ويعود السبب في ذلك إلى تباين وجهات النظر في كل المبادرات السابقة، سواء من ناحية بنودها والنقاط التي ترتكز عليها، أو من خلال المرجعية الفكرية لأصحاب هذه المبادرات".
وأوضح الدجني في حديث لـ"عربي21": "هنالك ثلاثة أسباب تقف خلف إصرار حركة فتح على عدم القبول بهذه المبادرات أو التجاوب معها، وهي العقلية الإقصائية التي يتمتع بها الرئيس محمود عباس، فهو يريد أن يحتكر كل السلطة، ويرفض مبدأ الشراكة، أما السبب الثاني؛ فقد تكون الأصوات من داخل حركة فتح مستفيدة من استمرار الانقسام، فتضغط على الرئيس؛ لمنعه من تطبيق ما تم الاتفاق عليه، والسبب الثالث هو أن يكون الرئيس محمود عباس متورطا بشكل أو بآخر ضمن صفقة إقليمية أو دولية تجبره على عدم القبول بشروط المصالحة، ودفع غزة نحو الانفصال عن الضفة الغربية".
تحذير من دعوة "ثوري فتح" لحل "التشريعي" وإجراء انتخابات
هكذا قرأ مختصون دعوة عباس لحلّ "التشريعي" وإجراء انتخابات
محللون يقرأون تداعيات قرار قطر بإدخال شاحنات الوقود لغزة