نشرت مجلة "باري ماتش" الفرنسية حوارا مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي يشغل هذا المنصب منذ 14 سنة، الذي يعد الذراع الأيمن لفلاديمير بوتين.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سيرغي لافروف أجاب على عدة أسئلة حول العديد من الملفات التي تعد روسيا طرفا أساسيا فيها، على غرار ملف التلاعب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح ترامب، والملف السوري.
وفي سؤال المجلة عن الاتهامات التي تطارد روسيا في خصوص تورطها في التلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وقرصنة موقع الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات وموقع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أفاد وزير الخارجية الروسي، أنه "في الحقيقة، من الصعب التعامل مع كل هذه المواضيع".
وأوضح أنه "خاصة وأن كل الأدلة التي قدمت في الغرض، التي من المفترض أنها تدين روسيا، تم تداولها من طرف وسائل الإعلام فحسب. وبالتالي، لا يمكن تصوير روسيا على أنها مصدر كل هذه "الذنوب الكارثية" دون العودة إلى المعايير القضائية والقانونية".
وأضاف لافروف، أنه "بالنسبة لاتفاقيات حظر الأسلحة الكيميائية، فهي تنص قبل كل شيء على ضرورة إجراء فحص دقيق للحقائق على يدي محترفين، قبل توجيه أي اتهامات".
روسيا وفرنسا
وذكرت المجلة أن إيمانويل ماكرون تحدث بشيء من القسوة عن روسيا، معربا في الوقت ذاته عن رغبته في إعادة تعزيز العلاقات بين موسكو وباريس.
وفي تعليقه على ذلك، صرح وزير الخارجية الروسي، قائلا: "أتمنى أن يعمل الرئيس الفرنسي على جعل هذه الرغبة واقعا ملموسا، لا سيما في ظل توجيه باريس العديد من الاتهامات لموسكو، بالإضافة إلى عدم سماحها لبعض وسائل الإعلام بالولوج إلى قصر الإليزيه، على غرار وكالة "سبوتنيك" الروسية، ووكالة أنباء "نوفوستي"، بالإضافة إلى الشبكة التلفزيونية، روسيا اليوم".
وأضاف لافروف أن "الفرنسيين تجاهلوا حقيقة أنه إثر العملية الإرهابية التي هزت مدينة نيس في 14 من تموز / يوليو سنة 2016، زار الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند روسيا، حيث التقى بنظيره الروسي، الذي وعده بتعزيز أسس التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين البلدين".
وتابع: "فيما يتعلق بالملف السوري، وبمبادرة مشتركة بين بوتين وماكرون، وقع تسهيل وصول مساعدات إنسانية فرنسية إلى محافظة الغوطة الشرقية أمنتها وسائل نقل روسية. كما وقع التعاون بين البلدين بشأن الملف الأوكراني، وذلك من أجل الامتثال لاتفاقية مينسك".
وتساءلت المجلة بشأن وجهة نظر لافروف إزاء الاتهامات التي وجهت لروسيا بشأن استخدام قوة جوية مكثفة ضد المدنيين الموجودين في المناطق الواقعة تحت سيطرة المقاومة في سوريا على غرار، ما جدّ في حلب والغوطة سنة 2015.
في هذا الشأن، أفاد لافروف، أن "المعاهدات الدولية التي تعد كل من روسيا وفرنسا وبعض الدول الأخرى طرفا فيها، تفرض حماية المدنيين أثناء الاشتباكات وتجنب استهداف المرافق العمومية على غرار المدارس والمستشفيات، فضلا عن المناطق الآهلة بالسكان".
وأردف لافروف، أن "السؤال المطروح في هذا الصدد: كيف لروسيا والعالم الغربي تطبيق هذه الاتفاقيات؟ فعلى سبيل المثال، في سنة 1999، لم يميز حلف الناتو خلال قصفه ليوغوسلافيا بين المناطق المزدوجة (أي المدنية والعسكرية) والمناطق الآهلة بالسكان، كما كانت ليبيا بدورها في مرمى نيران الناتو، حيث تعرضت لقصف جوي تحت إشراف فرنسا".
وأشار لافروف إلى أن "هذا القصف يعتبر انتهاكا للمعاهدات الموقعة في مجلس الأمن. وعلى الرغم من الحظر المفروض وقتها على الأسلحة، لم تمتنع فرنسا عن تزويد معارضي القذافي بالعتاد العسكري، الأمر الذي أدى في الوقت الحاضر إلى حدوث أزمة إنسانية، وتزايد تدفق موجات الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، فضلا عن انتشار جماعات إرهابية في أفريقيا جنوب الصحراء، مزودة بأسلحة فرنسية".
ونوه لافروف إلى أنه بعد فترة من قصف حلف الناتو لليبيا، تلقى اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، آنذاك. وقد أكد له لافروف أن فرنسا ستضطر لمواجهة الجماعات ذاتها التي سلحتها في ليبيا. وقد أجابه فابيوس، في ذلك الوقت، ضاحكا: "إنها الحياة".
اتفاق سوتشي
وفي استفسار المجلة بشأن وضعية مدينة إدلب، التي تعد آخر معاقل الثوار في سوريا، وما إذا كان يعتقد أن الحليف التركي قادر على نزع أسلحة المتطرفين في هذه المنطقة، أورد لافروف، أنه "في الحقيقة إن الاتفاق مع الجانب التركي يعد اتفاقا مؤقتا تماما كما جاء على لسان بشار الأسد سابقا".
وقال: "نص اتفاق سوتشي بشأن مسألة مدينة إدلب على تركيز منطقة منزوعة السلاح، إضافة إلى أننا وضعنا استراتيجية من شأنها أن تساعد على نزع الأسلحة الثقيلة. وقد ضغط الجانب السوري من جانبه على المعارضة من أجل ضمان مشاركتها في عملية نزع الأسلحة".
وأضاف لافروف، أنه "في خضم هذه الجهود المكثفة التي نقوم بها، تعمل الولايات المتحدة مع الأكراد على الجانب الشرقي من نهر الفرات على تأسيس مناطق شبه مستقلة في منأى عن السلطة الشرعية في سوريا".
وفي الختام، قالت المجلة إن لافروف تطرق إلى خطورة انعدام الحوار بين روسيا وحلف الناتو. وقد أكد لافروف أن "هذه المسألة تشغل روسيا كثيرا، خاصة وأن مجلس ثنائي يضم عسكريين من روسيا والناتو اجتمعوا في ثلاث مناسبات دون تحقيق نتائج تذكر فيما يتعلق بحل الخلافات فيما بينهم، وبالأساس الملف الأوكراني والحضور العسكري لحلف الناتو في دول البلطيق".
ناشونال إنترست: هذه دوافع نشر نظام "أس-300"
خبير روسي: سوريا قُسّمت إلى 3 مناطق نفوذ.. أين إيران؟
إي بي سي: خلاف إسرائيل مع موسكو يعرضها للتهديد.. كيف؟