نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها في الخرطوم توم ويلسون، تحت عنوان "زعيم المليشيا المسلحة حميدتي يقترب من السلطة".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" كان تاجرا للإبل، وبتعليم ابتدائي عندما حمل السلاح قبل أن يصل من حقول الموت البعيدة في دارفور إلى الإدارة العليا في الخرطوم، وعين نائبا لرئيس المجلس العسكري في نيسان/ أبريل، بعد إطاحة الجيش بالرئيس عمر حسن البشير.
ويقول ويلسون، إنه في الوقت الذي يتبع فيه حميدتي رسميا لرئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الفتاح البرهان، إلا أنه هو الذي أصبح وجه المجلس في الوقت الذي أحكم فيه الجيش على المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أنه بحسب معظم الروايات فقد أصبح الزعيم الفعلي للبلاد.
وتفيد الصحيفة بأن قوات الدعم السريع، التي تكونت من بقايا الجنجويد التي استخدم أفرادها الخيول في هجماتهم على القرى وسكان الإقليم، تسيطر على كل مفصل من مفاصل العاصمة الخرطوم، مشيرة إلى أن حميدتي يظهر بشكل منتظم على التلفزيون الرسمي، وقد التقى مع المسؤولين الأجانب، وسافر إلى السعودية لمقابلة أهم داعمي المجلس العسكري هناك.
ويلفت التقرير إلى أن هناك مخاوف اليوم من أن بحث زعيم المليشيات السابق عن السلطة، قد يؤدي إلى ردة فعل من داخل مؤسسات الجيش، التي يعد حميدتي بالنسبة لها شخصا حديث نعمة من منطقة بعيدة.
وينقل الكاتب عن الخبير في شؤون السودان جيروم توبيانا، قوله: "منذ تشكيل الجنجويد في عام 2003 شعر جزء من الجيش بالسخط وعدم الاحترام"، وأضاف: "التوترات موجودة هناك بالفعل، ومخاطر الانقسام مؤكدة".
وتنوه الصحيفة إلى مزاعم دقلو التي قال فيها إنه رفض مطالب البشير اليائسة لإرسال قواته وقمع المتظاهرين، وهو ما منحه احتراما مؤقتا من الداعين للديمقراطية، الذين اعتصموا أمام مقرات القيادة العامة في الخرطوم، إلا أن هذا الأمر تبخر عندما أطلق العنان لقواته هذا الشهر لتفريق المعتصمين وقتل أعداد منهم وجرح المئات.
ويذكر التقرير أنه في أقل من 12 ساعة قتل أكثر من مئة شخص، وتلاشت آمال التحول السلمي في البلاد، وفي الوقت الذي طالب العالم بتحقيق في الجريمة حاول دقلو (45 عاما) التصدي للنقد، ففي مناسبة يوم السبت قال إن قادة الغرب يحاولون إضعافه وتقويض سمعته، مشيرا إلى أن دقلو لم يستجب لمطالب الصحيفة للتعليق على التقرير، فيما لم ترد وزارة الإعلام على طلب مقابلته.
ويشير ويلسون إلى أن رئيس سلاح الجو، الجنرال صلاح عبد الخالق، نفى في مقابلة معه أن يكون دقلو قويا أو أن تكون لديه طموحات للوصول إلى السلطة، وقال عبد الخالق: "كان الجنرال حميدتي هو من أصدر الأوامر لقوات الدعم السريع، لكن القرار ليس قراره فقط"، "وهم جزء منا، وهم من القوات المسلحة".
وأضاف عبد الخالق أن البعض يتصور أنه في مركز السلطة "لأنه يظهر على الإعلام، ولأن قواته ظاهرة في شوارع الخرطوم، يقوم بدوره جيدا كونه قائدا عسكريا وليس بصفته قائدا سياسيا".
وتورد الصحيفة نقلا عن عبد الخالق، الذي تحدثت معه "فايننشال تايمز" الأسبوع الماضي في القصر الرئاسي، قوله، إن قوات حميدتي التي تستخدم الشاحنات المحملة بالرشاشات ليست في الجيش، "وهناك قوات أقوى منها، ولدينا قوات مشاة ومدفعية وسلاح جو، وعدد كبير من المقاتلات، فهو ليس الرجل الأقوى في الخرطوم، ربما كان كذلك في دارفور".
ويفيد التقرير بأن الجيش وقوات الدعم السريع في الوقت الحالي في جبهة واحدة، إلا أن انقساما بينهما سيكون كارثيا، بحسب دبلوماسي غربي، فالجيش وإن كان مسلحا بشكل جيد، إلا أن مقاتلي حميدتي صهرتهم الحروب، وبعد دمج البشير قوات الدعم السريع في الجيش عام 2013 تفاوض حميدتي على نشر عناصرها في اليمن للقتال إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية هناك، واستطاع من خلال هذا الحصول على صداقات مع شخصيات مؤثرة مثل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وحصل على موارد مالية، ما أسهم في تلميع صورته، حيث رأى الكثيرون جوانب إيجابية في صعوده إلى السلطة.
ويلفت الكاتب إلى أن قوات الدعم السريع كانت حتى عام 2015 تقوم بعمليات مكافحة التمرد في الإقليم، وهي مسؤولة بحسب منظمة "هيومان رايتس ووتش" عن مهاجمة القرى، وحرق ونهب البيوت، وضرب وقتل واغتصاب سكانها.
وتنقل الصحيفة عن السياسي رضوان داوود الذي يعيش في الإقليم، قوله إن عناصر الدعم السريع أصبحوا أثرياء من الحرب، لذلك ظهرت ملامح الغنى على الإقليم، وأضاف داوود: "منذ استقلالنا عام 1956 لم يصل إلى سلم السلطة شخص من دارفور مثلما فعل حميدتي.. هو من الخارج يقوم بتحطيم النظام، وطالما بقي هذا النظام موجودا فلا مستقبل لدارفور".
ويورد التقرير نقلا عن وزير الخارجية السوداني السابق إبراهيم غندور، قوله، إن وضعية "الخارج" مفيدة سياسيا، لأنها تجعل حميدتي تهديدا على القيادة السياسية التقليدية والعسكرية، ويرى البعض أن التظاهرات هي تعبير عن مطالب أبناء النخبة الذين استفادوا من النظام في الخرطوم، أما حميدتي فيمكنه بناء قاعدة دعم من خارج العاصمة
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول غندور: "هو ليس من الوسط أو الشمال، وهذا أمر مفيد لحميدتي؛ لأن هذه واحدة من المناسبات القليلة التي يصل فيها شخص من دارفور إلى قمة السلطة.. السودان ليس الخرطوم، وحميدتي يعرف هذا الأمر جيدا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
نيويورك تايمز: حميدتي يؤكد أنه "منقذ" السودان ليس "مدمره"
بوليتكو: ما هو دور الكونغرس لوقف العنف في السودان؟
FP: هذا هو الحل الأمثل للحفاظ على آمال الديمقراطية بالسودان