بعد ثلاثة أيام من المواجهات العسكرية المتقطعة، وبعد تعثر ملحوظ في قدرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي الانفصالية المدعومة من الإمارات خلال اليومين الأوّلين من المواجهات، جاءت نتائج اليوم الثالث حاسمة لصالح هذه القوات، ليتبين أن مدينة عدن وقعت تحت تأثير صفقة بيع مماثلة لتلك التي تعرضت لها العاصمة صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر 2014 نفذتها الأطراف ذاتها وهي دول التحالف والرئيس المنتهية ولايته.
مخطط إسقاط عدن
حاول الانفصاليون في بادئ الأمر أن يسقطوا قصر المعاشيق بعدن باعتباره المعقل المتبقي تحت سيطرة السلطة الشرعية عبر هبة شعبية، لكنهم فشلوا في حشد الشارع الجنوبي والعدني بشكل خاص، وكانت النتيجة أن جنازة أحد قادة الحزام الأمني ويدعى أبا اليمامة الذي لقي مصرعه في تفجير معسكر الجلاء غرب مدينة عدن في الأول من شهر آب/ أغسطس الجاري في هجوم أعلن الحوثيون المسؤولية عنه، جاءت متواضعة ولم تنجح في استقطاب الأعداد المطلوبة من المشيعين الذين خطط الانتقالي ومن خلفه تحالف الرياض-أبوظبي أن يكونوا وقود مواجهة على أبواب المعاشيق تنتهي بإسقاطه في ثورة شعبية.
حينما فشلت خطة كهذه جرى اللجوء إلى الأدوات العسكرية البحتة والتي تتشكل من قوة كبيرة دربتها الإمارات وأسلحة إماراتية حديثة هي التي حسمت المواجهات في اليوم الثالث.
مخطط إسقاط عدن وإخراجها من تحت نفوذ وسيطرة السلطة الشرعية، مثل التجلي الأكثر وضوحاً للسياسة السعودية التي شكلت طيلة السنوات الأربع الماضية غطاء للسلوك الإماراتي الأكثر وقاحة وصلفاً خصوصاً في الساحة الجنوبية، وبقيت معه محل أمل ورجاء من معظم اليمنيين.
فقد كان رهان الجميع منعقدا على القوات السعودية في منع الثورة المسلحة التي أعلنتها الكتائب الانفصالية على السلطة الشرعية، لكن السعودية هي التي قامت في آخر المطاف ورغم وصول تعزيزات عسكرية تابعة لها إلى عدن، بتسليم قصر المعاشيق للانفصاليين، وتأمين خروج ما تبقى من وزراء الحكومة في عدن وكلهم من أبناء المحافظات الجنوبية، ليتحول الأمر إلى دورة تسليم وتسلم كاملة الأركان، وليُفرضُ واقعٌ جديدٌ في عدن عنوانه الانقلاب على السلطة الشرعية.
مخطط إسقاط عدن وإخراجها من تحت نفوذ وسيطرة السلطة الشرعية، مثل التجلي الأكثر وضوحاً للسياسة السعودية
إهانة الرئاسي في صنعاء وعدن
تعرض الموقع الرئاسي السيادي في اليمن لإهانة لا سابق لها بسبب سلوك هذا الرئيس الذي وصل إلى منصبه على قدرٍ، وبعد أن رغبت الأغلبية من الشعب اليمني في جسر الثقة مع النخب الجنوبية التي تعرض جزء منها للتهميش في عهد الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح.
استبيح القصر الجمهوري في صنعاء واستبيح القصر الجمهوري في عدن من قبل مجاميع غوغائية تلتقي عند نقطة التمرد على الدولة اليمنية بصيغتها الجمهورية الديمقراطية الاتحادية متعددة الأقاليم. إلى حد لا يمكن بعده إلا تحميل هذا الرجل وزر هذه الدماء التي تسقط اليوم بسبب الحرب الطاحنة التي تواطأ على إشعالها.
السعودية باتت اليوم جزء من تحالف عدواني بأهداف احتلالية يجثم على اليمن ويستدعي إعادة تموضع مدروسة
إضعاف الدولة اليمنية
فالسعودية رأت ومعها الإمارات، أن تحقيق أطماعهما الجيوسياسية يستدعي إضعاف الدولة اليمنية وتفكيكها إلى مكونات سياسية ضعيفة، خصوصاً أن السعودية حددت عمليا مجال اهتمامها الجيوسياسي والمتمثل في السيطرة على محافظة المهرة، فيما حددت الإمارات مجال اهتمامها الجيوسياسي بمحافظة أرخبيل سقطرى على المحيط الهندي.
وبعد تحقيق السيطرة على هاتين المحافظتين، سيمارسان هيمنة على الكيانات الجنوبية الضعيفة التي ستنشأ وستفسد حتماً النشوة التي يشعر بها حالياً مسلحو المثلث الأكثر فقراً في جنوب البلاد والذي يضم يافع والضالع وردفان، حينما يدركون أنهم كانوا عبارة عن أدوات رخيصة مرحلية، فيما يستغرقون الآن بالتفكير كيف يعيدون حلم استعادة الدولة الجنوبية التي وحدتها النخبة السياسية الشمالية في الأساس الاستقلال عن بريطانيا في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967.
السعودية حددت عمليا مجال اهتمامها الجيوسياسي والمتمثل في السيطرة على محافظة المهرة، فيما حددت الإمارات مجال اهتمامها الجيوسياسي بمحافظة أرخبيل سقطرى على المحيط الهندي.
التحالف السعودي الإماراتي: نحمل الخراب للمنطقة!
القانون الدولي والمواجهة الأمريكية-الإيرانية
الإمارات ومخطط فرض الانفصال عبر فوضى الأدوات