كشفت تقارير اقتصادية متخصصة، أن 63 بالمئة من المصانع المصرية، كانت تعمل خلال عام 2019، بأقل من 75 بالمئة من طاقتها الإنتاجية.
وقالت التقارير إن القطاع الصناعي يساهم بنسبة 15 بالمئة من الأيادي العاملة، كما أن نسبته في الصادرات غير البترولية تصل لأكثر من 80 بالمئة، وسط تساؤلات حول أسباب تراجع القطاع الخاص بمصر وخاصة الصناعي.
وأجمع برلمانيون واقتصاديون مصريون، على أن السبب الرئيس وراء الخسائر التي حققها القطاع الخاص والصناعي بمصر خلال 2019، هو الإجراءات الاقتصادية "الفاشلة" التي اتخذها نظام الإنقلاب العسكري، برئاسة عبد الفتاح السيسي، بالإضافة لمزاحمة المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية، في كثير من الأنشطة الاقتصادية للقطاع الخاص.
اقرأ أيضا: القطاع الخاص بمصر يتراجع لأدنى مستوى منذ أكثر من عامين
ونقلت جريدة البورصة المتخصصة، عن مسؤولين بوزارة التجارة والصناعة، أن قطاع الأسمنت، كان الأكثر في تحقيق الخسائر، يليه الحديد، والسيراميك، والمصنوعات النسيجية.
وتشير البيانات الصادرة عن شعبة الأسمنت، باتحاد الصناعات المصرية، أن قطاع الأسمنت شهد انهيارا في استثماراته خلال 2019، رغم قرار الحكومة بخفض سعر الغاز لمصانع الأسمنت إلى 6 دولارات للمليون وحدة حرارية، بدلا من 8 دولارات، وأرجعت الشعبة السبب زيادة فائض إنتاج الأسمنت ليصل إلى 20 مليون طن خلال عام 2019، لتشغيل مصنع أسمنت بني سويف المملوك للجيش.
كما أعلنت مجموعة حديد عز، كبري الشركات الخاصة في صناعة الحديد، ببيانها السنوي، أنها حققت خسائر بلغت 4.321 مليارت جنيه (270 مليون دولار) خلال عام 2019، وواصل قطاع المنسوجات خسائره المستمرة، والتي تجاوزت 5 مليارت جنيه (312 مليون دولار) خلال عامي 2018/2019.
3 أسباب
وكشف الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق، ممدوح الولي، لـ"عربي21"، عن تعرض رجال الأعمال، والجمعيات والاتحادات الصناعية، لضغوط كبيرة من النظام المصري لعدم الحديث عن خسائرهم، في إطار سعي النظام للتأكيد على أن الأوضاع الاقتصادية تشهد تقدما بعد الإجراءات الاقتصادية التي نتجت عن اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي في 2016.
وحسب الولي، فإن مصر بها أكثر من 7000 شركة مساهمة، ورغم ذلك فإن عدد الشركات المسجلة بالبورصة، لا يتجاوز 218 شركة، وهذه الشركات هي التي تقوم بالإعلان عن موازناتها وأرباحها بشكل دوري وفقا لقانون سوق المال، ومن خلال هذه الموازنات يتضح حجم الخسائر التي يعاني منها القطاع الخاص والصناعي بمصر.
اقرأ أيضا: في 2019.. خطوات خطاها جيش مصر لتوسيع سطوته على الاقتصاد
ويؤكد الولي أن أبرز القطاعات الصناعية التي حققت خسائر خلال عام 2019، ومرشحة للاستمرار خلال العام الجاري، هي شركات الأسمنت وقطاع النسيج وشركات الحديد، والصناعات كثيفة استهلاك الطاقة، وقطاعات السيراميك والبورسلين، والألومنيوم، وعدد كبير من قطاع الصناعات الغذائية، وقطاع الطباعة.
وعن أبرز أسباب هذه الخسائر، يشير الخبير الاقتصادي، إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يأتي بالمقدمة، خاصة وأن كل الشركات، قامت بتغيير نظام التشغيل لديها من الكهرباء والمازوت، للغاز الطبيعي، على اعتبار أن مصر لديها وفرة من الغاز الطبيعي وسوف يساعد ذلك على تخفيض مدخلات الصناعة، إلا أن الواقع كان خلاف ذلك، حيث باعت الحكومة الغاز الطبيعي للمستثمرين بأسعار أعلى من الأسعار العالمية، ما أفقد المستثمرين ميزة التنافسية مع المستوردين.
ووفق الولي فإن ارتفاع أسعار الفائدة يمثل الأزمة الثانية لقطاع الخاص والصناعي، حيث تصل الفائدة لـ 16% رغم التخفيضات التي أدخلها البنك المركزي خلال عامي 2018/2019، ولكن بالمقارنة مع الاتحاد الأوروبي فإن أسعار الفائدة، في حدود صفر في المئة، وفي اليابان لا تزيد عن ربع في المئة، وهو ما يجعل القطاع الخاص خارج المنافسة أيضا.
ويري الولي أن الأزمة الثالثة التي تعانيها بعض الصناعات التي دخلت مرحلة انهيار واضح، مثل الأسمنت والطباعة والحديد، والقطاع العقاري، والمنتجات الغذائية، يرجع لمزاحمة المؤسسة العسكرية، ووزارة الداخلية المستثمرين في هذه القطاعات.
اقرأ أيضا: هل يضحي السيسي بالجيش لجذب الاستثمارات ؟ خبراء يجيبون
مزاحمة الجيش
ويؤكد عضو لجنة الصناعة بمجلس الشوري المصري سابقا، طارق مرسي، لـ "عربي21"، أن نظام السيسي، لم يلتفت للقطاع الخاص، وهو يفرض سطوته وقبضته على كل مجالات النشاط الاقتصادي بمصر، ما كان له نتائج سلبية وخسائر متواصلة للمستثمرين، وخاصة العاملين في المجال الصناعي.
ويشير مرسي، إلى أن السيسي منح الجيش تفويضا بأن يكون هو المستثمر الأوحد والأول في مصر، وحتى القطاعات التي لم يكن للجيش عمل فيها، مثل الطباعة، أصبحت تحت سطوته، بعد تشغيل مطابع الجيش العملاقة، واستحواذها على حقوق طباعة الكتب المدرسية، وكل ما يتعلق بمتطلبات الحكومة.
وحسب البرلماني السابق، فإن القطاع الخاص ليس وحده الذي يشهد مرحلة انهيار، حيث تعاني شركات قطاع الأعمال العام المملوكة للدولة، من انهيار هي الأخرى، وحققت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، خسائر متواصلة، وهو ما كان واضحا في فشل خطة الحكومة للدفع بها في البورصة خلال 2019.
ويشير مرسي، إلى أن القطاع الخاص يتحمل ضرائب تصل إلى 36 بالمئة موزعة بين ضريبة القيمة المضافة، والضرائب الأخري التي تفرضها الحكومة، بخلاف ارتفاع أسعار الأراضي الصناعية، وحالة الركود التي يشهدها السوق المصري، والمنافسة غير العادلة مع وزارة الإنتاج الحربي وباقي المؤسسات العسكرية العاملة في المجال الاقتصادي.
هذه أهم عقبات طرح السيسي شركات الجيش بالبورصة
هل تنقذ الصكوك الإسلامية نظام السيسي من كارثة الديون؟
"20 تريليون دولار" تكشف "جهل" السيسي بالاقتصاد.. هل يتراجع؟