غيّرت قوات النظام السوري محور قتالها تجاه ريف حلب الجنوبي والغربي، تزامنا مع بدء اتفاق وقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد بمحافظة إدلب، بحسب ما أعلنته روسيا وتركيا، رغم خروقاته للهدنة وقتله 19 مدنيا على الأقل الأربعاء في غارات جوية على "إدلب".
وبدأت قوات النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين،
هجوما عنيفا بريفي حلب الغربي والجنوبي، بعد حشد القوات الموالية لإيران قواتها في
هذه الجبهة، واستقدامها تعزيزات عسكرية من دير الزور وحماة واللاذقية.
ويتبادر للأذهان تساؤلات عدة، أبرزها؛ ماذا وراء تحول
هجمات النظام وحلفائه إلى حلب؟ وهل استكفى بما جرى تحقيقه في مناطق إدلب وتحديدا
قرب مدينة معرة النعمان؟ وما الأهداف التي يسعى لتحقيقها من الهجوم الجديد؟
ويجيب على ذلك، الخبير العسكري العقيد أحمد حمادة
قائلا: "النظام يؤمن بالحسم العسكري، ويتخذ من الهدن والتوافقات التي تحصل،
المزيد من الوقت، لأجل تعزيز جبهات القتال، ونقل المعركة من مكان إلى آخر"،
لافتا إلى أن "النظام بدأ منذ أمس عمليات حربية بواسطة الطائرات والمدفعية والصواريخ
بالريف الغربي والجنوبي لحلب".
اقرأ أيضا: قتلى بقصف النظام لحلب والمعارضة تزيد ضرباتها بإدلب (شاهد)
ويوضح حمادة في حديث لـ"عربي21" أن
"النظام يقوم بالمفهوم العسكري بتمهيد ناري كثيف في هذه المنطقة، ليتخذ بعد
ذلك من هذا المكان محور جديد، من أجل الهجوم البري"، معتقدا أنه يهدف إلى
إبعاد قوات المعارضة عن حلب والطريق الدولي، تمهيدا للسيطرة عليه، إذا لم يكن هناك
أي منع سياسي.
ويرى حمادة أن "السيطرة على الطريق الدولي وهيئة
تحرير الشام، تعد ذرائع لروسيا من أجل زيادة السيطرة الميدانية على الأرض"، حيث
أن ريف حلب الغربي يقع على طريق حلب دمشق الدولي، الذي يعد أحد أهم الطرق الرئيسية
في سوريا.
ويستبعد حمادة أن "يتخلى النظام عن خططه في إدلب
ومدينة معرة النعمان"، مؤكدا أن "المحور الجديد يعتبره النظام أكثر
حيوية للسيطرة على الطريق الدولي"، مضيفا أن "النظام يعتمد ضمن
استراتيجيته على السيطرة الميدانية على الأرض، وروسيا وإيران تدعمان هذا
التوجه".
ويشدد على أن "فتح جبهة حلب يعد أكثر تأثيرا من
منطقة معرة النعمان، لأنها قريبة على مدينة حلب"، لافتا إلى أن النظام في
الفترات السابقة اتهم المعارضة بضرب مناطق مدنية بحلب، لكن هذه الضربات يقف وراءها
النظام وشبيحته ومخابراته، من أجل استخدامها كذريعة لأي عمل عسكري في هذه المنطقة.
اقرأ أيضا: النظام السوري يطلق هجوما بريا في حلب والمعارضة تتصدى
ويشير حمادة إلى أن "النظام يحاول من خلال هجومه
الجديد الضغط على الحاضنة الشعبية للثوار من جهة، وكذلك الضغط على الضامن التركي
من جهة أخرى، من أجل القبول بما يطرحه الروس والنظام عليهم من تسويات
سياسية".
من جهة أخرى، يرى الخبير العسكري أديب عليوي أن
"المخطط الجديد بدأ بالقصف الجوي والمدفعي لتهجير الأهالي"، مبينا أن
"هدف ذلك يعود إلى محاولة تهجير المدنيين وإبعاد الثوار عن المنطقة، حتى لا
يكون احتكاك مباشر".
ويتابع عليوي في حديث لـ"عربي21":
"النظام والمليشيات الروسية ليس لديهم فائض بشري، للانتشار على الجبهات
والقيام بمعاركة برية، لذلك يعمل النظام وحلفاءه على تحقيق ما يريدون بأقل الخسائر
ودون معارك برية، وذلك من خلال التركيز على تهجير السكان وتكثيف الضربات
الجوية".
ويعتقد عليوي أن "الضغط الأوروبي والتركي أدى إلى
التوصل لهدنة هشة، في ظل استمرار روسيا والنظام في قصف مناطق خفض التصعيد"،
مستدركا بقوله: "الهدنة قيدت الثوار، وجعلتهم غير قادرين على فتح معارك برية
رسمية".
وينوه إلى أن النظام يستغل "الهدنة" لنقل
العديد من حشوده باتجه منطقة ريف حلب الجنوبي والغربي، لفتح محاور قتال جديدة، كون
هذه المناطق لا يشملها قرار وقف إطلاق النار المقتصر في إدلب فقط، مشيرا إلى أن
"روسيا والنظام حققا بعضا من أهدافهما، باقترابهما من معرة النعمان
وسراقب".
اقرأ أيضا: نظام الأسد مستمر بخرق الهدنة بإدلب.. وهذه حصيلة تصعيده
ويردف قائلا: "جرى نقل المعركة إلى حلب من أجل الوصول إلى الطريق العام والسيطرة عليه"، مبينا أن "روسيا والنظام حققا معظم أهدافهما من معركة إدلب، لذلك انتقلا الآن إلى حلب لتحقيق الجزء الآخر من الأهداف".
وبحسب عليوي، فإن قرار وقف إطلاق النار في إدلب، جاء
بفعل الضغط على روسيا التي تسببت بتهجير السكان، نتيجة الهجمات الجوية، لكنها
انتقلت إلى حلب، لتحقيق الهدف نفسه، بتهجير السكان، لمساعدتها في السيطرة على
الطرق الدولية.
ويؤكد أن "أحد أهداف النظام السيطرة على الطرق
الدولية، إلى جانب التمدد في الأراضي وتقليل المنطقة التي يسيطر عليها الثوار،
إضافة إلى زيادة الضغط على تركيا"، مشددا على أن روسيا والنظام لم ينتهيا من
إدلب، وسيستكملان خططهما فور انهيار "الهدنة" الهشة.
معاناة النازحين بالشمال السوري تتفاقم مع برودة الشتاء (صور)
إدلب 2019.. تصعيد دموي للنظام وروسيا وتراجع للمعارضة (ملف)
نقاط المراقبة التركية بقلب معارك إدلب.. ما مصيرها؟ (خريطة)