استبق النظام العسكري الحاكم في مصر ذكرى ثورة 25 يناير
2011، التي تحل السبت المقبل، بعدة اعتقالات وإجراءات أمنية وإدارية طالت مباريات فريقي
الأهلي والزمالك القارية؛ تحسبا لهبة شعبية غاضبة ضد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي.
وعلى الرغم من اعتراف دستور الثورة في 2012، ودستور
ما بعد الانقلاب في 2014، بثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وإقرار يومها عيدا رسميا
للدولة المصرية؛ إلا أن رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي قاد على مدار السنوات السبع
الماضية حملة لتشويه الثورة المصرية، محمّلا إياها ما وصلت إليه البلاد من أوضاع سيئة.
إداريا، أعلنت الحكومة المصرية، الجمعة، أن يوم 25 يناير إجازة رسمية مدفوعة الأجر للقطاعين
العام والخاص بمناسبة عيد الشرطة، دون أي ذكر لمناسبة ذكرى الثورة.
وأمنيا، استبق البرلمان المصري ذكرى الثورة بمد حالة
الطوارئ بالبلاد لمدة ثلاثة أشهر جديدة، وذلك
قبل موعد انتهاء الطوارئ بأسبوعين كاملين، وفي الوقت ذاته أعلنت وزارة داخلية الانقلاب
حالة الاستنفار والطوارئ بين أفرادها وجميع قطاعاتها ومديرياتها.
وعلى طريقتها في غلق سلم نقابة الصحفيين، المعروف بوقفاته
الاحتجاجية قبل عدة أشهر، بدأت السلطات بإشغال معظم ميادين المحافظات المصرية ببعض
الأعمال حتى يصعب على المتظاهرين التواجد فيها.
وتقوم السلطات بعمليات إنشائية بميدان التحرير بوسط
القاهرة قبل أشهر، بداية من وضع مسلة أثرية قديمة بعد نقلها من منطقة صان الحجر الأثرية
بالشرقية، ووضع 4 كباش تاريخية حولها بعد نقلها من مدينة الأقصر.
ولم تكتف السلطات بهذا، بل قامت بإغلاق عدة محاور وطرق
مؤدية لميدان الثورة الشهير، فيما طالت عمليات الغلق عدة مناطق بوسط البلد بالقاهرة،
بينها مجموعة مقاه شهيرة يرتادها المثقفون، مثل مقهى "البستان" القريب من
التحرير.
وكتبت الناشطة المصرية دينا الحناوي، عبر "تويتر":
"جميع ميادين القاهرة، والإسكندرية، والزقازيق، ومعظم الأقاليم فجأة تعرضت جميعا
للهدد بحجة التوسيع"، معلقة بقولها: "الخوف مالي قلوبهم".
والخميس، أعلنت وزارة النقل تركيب كاميرات مراقبة فائقة
القدرة بمحطات مترو أنفاق الخطين الأول والثاني، وربطها بقاعدة بيانات مصلحة الأمن
العام، ومخزن عليها بيانات المطلوبين أمنيا، لضبطهم فورا.
ويتزامن مع تلك الإجراءات حملة اعتقالات طالت أربعة
أعضاء من حزب الدستور -أسسه الدكتور محمد البرادعي- من محافظات الشرقية والبحيرة وكفر
الشيخ، وهم حمدي زكي، وطارق يوسف، وموسى أحمد صابر، وخالد إبراهيم.
تلك الحملة تشهدها أيضا بعض شوارع القاهرة، وطالت أربعة
صحفيين ليلة الجمعة من فوق أحد كباري نهر النيل، بعد تفتيش هواتفهم المحمولة، واحتجازهم
عدة ساعات، ليتم إخلاء سبيلهم لاحقا، وهم (أحمد سمير، وخالد حماد، وبشرى محمد، وأحمد
عايد).
وأكد نشطاء ومعارضون أن حملات الاعتقال الأمني العشوائي
عادت ثانية بالتزامن مع دعوات التظاهر في 25 يناير.
ولم تسلم الرياضة المصرية من القرارات الأمنية، حيث
كانت أهم إجراءات النظام تحسبا ليوم 25 يناير، هي تأجيل مباراة الأهلي المصري مع نادي
النجم الساحلي التونسي من يوم 24 يناير إلى 26 يناير، بطلب رسمي من مصر، وتأجيل مباراة
الزمالك المصري مع فريق مازيمبي الكونغولي لتكون يوم 24 يناير بدلا من 25 يناير، وذلك
بناء على طلب الأمن المصري من "الكاف".
وبرعاية حزب "مستقبل وطن" وحزب "حماة
وطن"، يتم جمع بطاقات آلاف المواطنين لحضور احتفال يتم إعداده يوم 24 كانون الثاني/
يناير المقبل باستاد القاهرة الدولي، مع تقديم وجبات لهم، ونقلهم مجانا، وهو الاحتفال
الذي دعا إليه أيضا اتحاد القبائل والعائلات المصرية تحت عنوان "في حب مصر"،
لمساندة السيسي، وبحضور بعض كبار المطربين.
وفي السياق ذاته، قاد الإعلام المصري حملة تشكيك بثورة
يناير ورموزها، وتتهم جماعة الإخوان المسلمين بالتحريض على الدولة، حيث خرجت عناوين
بعض المواقع الإلكترونية المؤيدة للنظام لتقول: "الإرهابية" تحرض على الإضراب
مع اقتراب ذكرى 25 يناير".
وفي الوقت الذي انتشرت فيه هاشتاغات مثل"#ارحل"،
و"#ارحل_يا سيسي"، و"#نازلين_يوم25" و"#لساها_ثورة_يناير"،
عبر "تويتر"، واجهت تلك الهاشتاجات تغريدات مضادة لأنصار النظام.
"استنفار معتاد"
وأكد ضابط في مديرية أمن القاهرة لـ"عربي21"
أن هناك استنفارا كبيرا ومعتادا ككل عام لقوات الأمن وعناصر الأمن المركزي وقوات فض
الشغب والقوات الخاصة منذ بداية العام، كما أنه تم منع الإجازات والراحات حتى تنتهي
ذكرى يناير.
ورفض الحديث عن نوع التعليمات التي يتلقونها وطرق التعامل
مع أي تظاهرات محتملة يوم 25 يناير، لكنه أكد أن أي تعليمات لا تخرج عن إطار ما يسمح
به القانون في فض أعمال الشغب.
"سذاجة مفرطة"
وفي تعليقه، قال الكاتب والناشط المصري المعارض حسن
حسين: "كعادة نظام السيسي المنقلب على ثورة يناير، يفرض كل عام إجراءات مشددة
قبل أسابيع من 25 يناير، في سذاجة مفرطة".
حسين، أضاف بحديثه لـ"عربي21": "وكأن
الثورات تكرر نفسها في نفس مواعيدها كل عام، متناسيا ومتجاهلا أن ما يخشاه سوف يقع
إن آجلا أو عاجلا، لأن دوافعه وأسبابه متوفرة وتتزايد يوميا".
وأشار إلى أن "الاحتقان الشعبي وصل إلى ذروة لم
يصلها من قبل في تاريخ مصر الحديث"، مؤكدا أن "القبض العشوائي واعتقال القيادات
السياسية لا يمكنه أن يوقف الزحف الجماهيري الذي يحشد نفسه ببطء وبهدوء، لكن بقوة قد
تذهل المراقبين السياسيين في العالم بأسره".
هذه خسائر مصر من حماية أمريكا لخط "إيست ميد" لغاز المتوسط
مصر تحشد أذرعها للترويج لحرب بليبيا.. كيف تفاعل النشطاء؟
وزارة الإنتاج الحربي: "مصر 7 آلاف سنة صناعة سلاح".. أين هو؟