لم يتوقف قادة الكيان الإسرائيلي عن إطلاق التهديدات لقطاع غزة والمقاومة الفلسطيينة على مدى العام كاملا؛ وسواء ارتبطت التهديدات بأحداث أمنية أو سياسية أو انتخابات في السابق؛ فإن التهديدات الأخيرة تبدو مختلفة باتساع قاعدة المشاركين فيها من الطبقة السياسية والأمنية، والأهم من ذلك حملها ذات المضمون الخطير في بيئة متغيرة مشبعة بالتطبيع والدعم الأمريكي المطلق والتخاذل الأوروبي الفاضح.
فهل بات شن حرب على غزة متطلبا أساسيا لتمرير صفقة القرن أم أنها مبالغة ومجرد محاولات لردع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عن التصعيد قبيل الانتخابات؛ علما بأن التهديدات الإسرائيلية تؤكد وجود خطة قديمة، خطة السور الواقي التي نفذها شارون في الضفة الغربية عام 2002؛ استراتيجية جربت في عدوان العام 2009 وفشلت حينها فهل من الممكن أن تعمل وتنجح في بيئة جديدة من التطبيع العلني وفي ظل إدارة أمريكية يمينية؟
حملة التهديد والوعيد
طوال الأسابيع القليلة الماضية لم يستنكف مسؤول إسرائيلي أمني أو عسكري أو سياسي عن المشاركة في حملة التهديد والوعيد لقطاع غزة كان آخرها تسريبات صحفية إسرائيلية، قالت: "إن الوفد المصري الذي زار قطاع غزة مؤخراً، عطّل قراراً إسرائيلياً، باغتيال القياديين في "حماس" يحيى السنوار ومروان عيسى، باعتبارهما مسؤولين عن التصعيد الأخير في قطاع غزة".
حملة شارك فيها رئيس الوزراء نتنياهو وزعيم حزب كاحول لافان المعارض "بيني غانتس" ووزير الدفاع الحالي "نفتالي بينيت" وقائد هيئة الأركان "أفيف كوخافي" تضمنت تهديدات كررها ولخصها "آفي ديختر" نائب وزير جيش الاحتلال مؤخرا بقوله: سننفذ عملية عسكرية بغزة مماثلة لعملية السور الواقي .. وسيتم تدمير البنية التحتية لـ "حماس".. لا يوجد أمامنا خيار آخر .. لا تستطيع إسرائيل تحمل "كيان إرهابي يهدد مواطنيها ولديه القدرة على تعطيل حياتهم".
شن هجوم على قطاع غزة مغامرة محسوبة من الممكن أن يقدم عليها الكيان الإسرائيلي لتأمين مصالحة وتشجيع المطبعين المتشككين في قدرات الكيان الإسرائيلي على هزيمة خصومه
صواريخ غزة
المتتبع لمسار تطور الأحداث في قطاع غزة يجد دوافع متباينة تقف خلف التهديدات تارة تمثل تعبيرا عن الإحباط الذي يعانيه قادة الكيان من وقف الهجمات الصاروخية والبالونات المتفجرة رغم اغتيال القيادي في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا قبل أشهر.
حالة إحباط يقابلها تفاؤل مفرط ونشوة تبعث موجات التطبيع الواسعة في العالم العربي؛ والإعلان عن صفقة القرن ودعم الإدارة الأمريكية غير المحدود لخروقات الكيان للقانون الدولي من خلال خطة الرئيس ترامب المعروفة بصفقة القرن؛ تفاؤل يرفع فرص شن الكيان الإسرائيلي لعدوان على قطاع غزة بعيد الانتخابات الإسرائيلية في آذار (مارس) المقبل لتقارب أو تتجاوز نسبة الـ 60% تدعمها بيئة متعيرة داعمة للكيان في البيت الأبيض والمنطقة العربية.
ختاما: شن هجوم على قطاع غزة مغامرة محسوبة من الممكن أن يقدم عليها الكيان الإسرائيلي لتأمين مصالحة وتشجيع المطبعين المتشككين في قدرات الكيان الإسرائيلي على هزيمة خصومه ليتحول إلى قوة إقليمية حقيقية تصدر الطاقة إلى أوروبا وتتزعم منظمات إقليمية؛ فالكيان بحاجة إلى انتصار عسكري يعزز مكانته كقوة اقتصادية وأمنية وعسكرية؛ أمر لن يتحقق ما دام قطاع غزة شوكة قاتلة في خاصرة مشروع السلام الإسرائيلي للهيمنة المنطقة.
انظروا وأبصروا واتعظوا يا أُولي الأَلباب
72 عاما على إنشاء الدولة الطارئة
ماذا يحصل في الجولان السوري المحتل؟