سلط موقع "ميدل ايست أي" الضوء على الصراع القائم بين الفصائل المسلحة وهيئة تحرير الشام، وتمكن الأخيرة من إحكام السيطرة على إدلب، بعد أن تخلصت من خصومها، في محاولة لكسب الدعم الغربي.
وقال الموقع في تقرير له، إن الهيئة اعتقلت أواخر آب/ أغسطس زعيم فرقة الغرباء المتشدد، الذي ينحدر من أصول فرنسية - سنغالية، عمر ديابي، المعروف باسم "عمر أومسين"، دون أن يعقب ذلك أي رد فعل من فرقته وغيره من المقاتلين الأجانب في البداية، ممن يشتهرون بشراستهم.
وأكد المتحدث باسم هيئة تحرير الشام، تقي الدين عمر، في تصريح للموقع، اعتقال أومسين دون توضيح الأسباب، لكنه أصدر بعد ثلاثة أيام بيانا، قال فيه إن هناك عدة دعاوى قضائية ضد أومسين. وقد ورد في البيان أن "أومسين أنشأ إدارة للأحوال المدنية، مثل الزواج والطلاق، ويدير الآن سجنا في المخيم، متجاهلا إدارة المقاطعة".
وأضاف البيان أن "هذه التصرفات تمثل بابا للفساد والشر، ولن تسمح السلطات التي تتحكم في الملف الجنائي والمدني أبدا بمثل هذه الأعمال".
وإزاء هذا التطور، لم يتأخر بيان "فرقة الغرباء" الذي قالت فيه إن محكمة هيئة تحرير الشام اعتقلت أومسين بتهمة الإشراف على عملية مع بعض أعضاء الحزب الإسلامي التركستاني في إدلب.
ولفت الموقع إلى أن أومسين كان متحالفا مع الحزب الإسلامي التركستاني، ويُعتقد أنه حاول الانفصال عنه والتحالف مع مجموعة أخرى، وهي خطوة تسببت في حدوث خلافات بين الفصائل حول الأسلحة ومناطق النفوذ.
اقرأ أيضا: هل يحصل "تحرير الشام" بالفعل على "تأهيل سياسي" غربي؟
وفي تفاصيل رحلة اوسمين بين الفصائل بسوريا قال الموقع: "بعد وصوله إلى سوريا سنة 2013، تقرّب من تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، ثم تحالفت فرقته مع تنظيم الدولة، قبل أن ينفصل عنها عندما انتقل مع معظم المقاتلين الفرنسيين إلى محافظة الرقة شرقي سوريا.
في ذلك الوقت، وجد أومسين نفسه وحيدا وسط العداء المتزايد ضد تنظيم الدولة وحلفائه السابقين في إدلب، لذلك اضطر إلى تزييف موته في آب/ أغسطس 2015. وقد ظهر مرة أخرى في مقابلة تلفزيونية في أيار/ مايو 2016 وادعى أنه زيف موته من أجل الخروج من سوريا؛ لكي يخضع لعملية جراحية، دون أن يُكشف أمره.
الموقع نقل عن أحد قادة هيئة تحرير الشام قوله، إن أومسين قُبض عليه بسبب ارتباطه بتنظيم حراس الدين، أبرز تنظيم معارض لهيئة تحرير الشام، وفرع القاعدة المتحالف مع الجماعات الإسلامية في غرفة عمليات عسكرية تسمى "كن ثابتا".
وقدر القائد أن مقاتلي أومسين يتراوحون بين 75 و125 مقاتلا، واصفا إياهم بأنهم جماعة سيئة، وغير نشطة، وذات أهداف غير واضحة.
وأضاف القائد، الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن "هناك بالفعل مخاوف من ارتباط بعض المقاتلين الأجانب بأجهزة المخابرات العالمية". وفي شأن متصل، قال مصدر آخر لموقع "ميدل إيست آي" إنه "منذ سنوات، اندلع صراع حاد بين "فرقة الغرباء" وهيئة تحرير الشام بسبب امرأة".
وحول تفاصيل الحادثة قال: "عندما قُتل أحد عناصر فرقة الغرباء في معركة، حاولت أرملته الأجنبية العودة إلى أوروبا، لكن أومسين منعها، وأجبرها على الزواج منه، لكن المرأة هربت إلى محكمة تديرها هيئة تحرير الشام، التي بدورها حاصرت خيام فرقة الغرباء بعد أن رفض أومسين المثول أمام المحكمة".
وفي حادثة أخرى تورط فيها أومسين، قال الموقع إنه في أعقاب مقتل الفرنسي مهدي جند الله، الذي سافر إلى سوريا مع ابنته ياسمين، طالبت أرملته، وهي بلجيكية الأصل، بإعادة ابنتها إليها، لكن فرقة الغرباء طلبت منها فدية تقدر بحوالي 20 ألف دولار، وعلى خلفية ذلك، أحاطت هيئة تحرير الشام خيام فرقة الغرباء، واعتقلت أومسين. وبعد أسبوعين من التوتر، توسط تنظيم حراس الدين لتسوية النزاع من خلال لجنة قررت إعادة الطفلة، البالغة من العمر أربع سنوات، إلى والدتها عبر سفارة بلادها في تركيا.
وأشار القيادي في هيئة تحرير الشام إلى أن تنظيم حراس الدين أصبح الملاذ الأخير لجميع المقاتلين الأجانب، بمن فيهم مقاتلو تنظيم الدولة، الذين تفرقوا منذ مقتل زعيمهم أبو بكر البغدادي في إدلب خلال عملية عسكرية أمريكية سنة 2019.
اقرأ أيضا: المعارضة توضح لـ"عربي21" خطوة نقل معسكراتها لخارج عفرين
حيال هذا الشأن، أوضح هذا القيادي: "إنهم ينعتوننا بالكفار المتحالفين مع الغرب، لذلك يسمحون بسرقة أموالنا وسياراتنا، ويحاولون قتلنا بالعبوات الناسفة". ولكن تنظيم الدولة وحراس الدين لم يتفقوا مع بعضهم البعض، ما أدى إلى انقسامات تمخض عنها تكوين جماعات جديدة".
ويذكر الموقع أن المعارضين السوريين كانوا كثيرا ما يتقاسمون سرا نحو ثلث ما يتلقونه من الدعم الغربي مع جبهة النصرة، التي كانوا يعتبرون مقاتليها بمثابة أشقاء، كما أنهم كُلّفوا بالقتال في الصفوف الأمامية أثناء القتال العنيف. لكن هذا التعاون تلاشى تدريجيا في ظل مزاعم عن انتشار السرقات في صفوف المعارضين، وتراجع كفاءتهم القتالية، هذا بالإضافة إلى محاولات جبهة النصرة إقامة حكم إسلامي، خاصة خلال معركة حلب في أواخر سنة 2016.
وفي الوقت الراهن، لا تزال هيئة تحرير الشام تُصنف على أنها جماعة إرهابية، حتى بعد انفصالها عن تنظيم القاعدة، وتحالفها مع جماعة من المعارضين المدعومين من قبل تركيا، الذين يُطلق عليهم اسم جبهة التحرير الوطني، تحت إشراف غرفة عمليات الفتح المبين، التي تضم أيضا جيش العزة.
ولفت الموقع إلى أن الهيئة "تحاول إرضاء الغرب بشكل صريح، وكسب دعمه، فقد أقالت الأجانب من صفوفها واعتقلت بعضهم، وأصبحت تتألف بالكامل من أهالي إدلب وسكان المحافظة النازحين. في غضون ذلك، أنشأت الهيئة حكومة محلية لإدارة منطقتها.
وبينما تحاول هيئة تحرير الشام تلميع صورتها الدولية، تواصل القوات الجوية الملكية البريطانية والطائرات الأمريكية عملياتها ضد المسلحين في العراق وسوريا، بعيدا عن قادة ومقاتلي هيئة تحرير الشام، بحسب الموقع.
AP: أمريكا أرسلت قواتها إلى سوريا "لمواجهة روسيا"
"أوبزيرفر": هكذا حققت مقامرة ميركل بشأن اللاجئين مكاسب عظيمة
هل يتستّر نظام الأسد على شحنة مشبوهة بميناء طرطوس؟