نشرت صحيفة "واشنطن بوست"
تقريرا لمراسلها كريم فهيم في إسطنبول قال فيه إن الجنرال المتقاعد، الأدميرال جيم غوردينيز، البالغ من العمر 62
عاما هو صاحب مصطلح "الوطن الأزرق" حيث تفرض تركيا قوتها في المياه
المتنازع عليها حول الشواطئ التركية.
وكان غوردينيز قد وضع عقيدة بحرية
سماها الوطن الأزرق، قبل أكثر من عشرة أعوام، لأنه كان منزعجا مما قال إنه تردد من
جانب الحكومة في تأمين حقوق تركيا. واكتسبت رؤيته شعبية في وقت مضطرب حيث هناك
خلافات تركية يونانية في شرق البحر الأبيض المتوسط مما يثير مخاوف اندلاع حرب داخل
الناتو.
وهذا المفهوم الذي كان سابقا مرتبطا
بالقوميين اليساريين أصبح يتردد على ألسنة المسؤولين الأتراك بمن فيهم الرئيس رجب
طيب أردوغان لدى التحدث عن الخلافات البحرية. وحركت رؤية الوطن الأزرق مشاعر
الأتراك الذين يشعرون أن بلادهم حرمت بشكل غير عادل حقهم في البحر إذا ما اعتبرنا
طول السواحل التركية.
وقال غوردينيز في مقابلة له في مقهى
مطل على البوسفور: "لا يمكننا أن نهمل البحر ثانية ولا يمكن أن يتم إقصاؤنا
عن سياسات وعن حضارة البحر الأبيض المتوسط".
وعلى مدى الأشهر الأخيرة تركز التوتر
على سفينة أبحاث زلزالية تقوم بالبحث عن النفط والغاز في مياه متنازع عليها بينما
تحميها سفن البحرية التركية وتتابعها الفرقاطات اليونانية.
وبشكل متزايد وجد المروجون للوطن
الأزرق أرضية خصبة في المواقف العدوانية تجاه أوروبا بين عناصر من المؤسسة
السياسية التركية. وقال أردوغان في خطاب له الشهر الماضي: "كما حققت أمتنا
النصر في حرب الاستقلال بالرغم من الفقر والحرمان فلن تتردد في إحباط معاهدة سيفر
بتحقيق الوطن الأزرق أيضا".
اقرأ أيضا: أردوغان: لن نسمح بـ"بلطجة اليونان" في "وطننا الأزرق"
وأشارت وزارة الدفاع التركية إلى رؤية
غوردينيز – "مافي وطن"، على أنها "ميثاق".
وأصبح الأدميرال ضيفا مترددا على برامج
التلفزيون. كما أن رؤية الوطن الأزرق تسربت إلى الثقافة أيضا حيث استخدمت مؤخرا في
إعلان على الراديو لشركة ألواح طاقة شمسية تركية.
وكتب ريان غنغيراس، الأستاذ في كلية
البحرية العليا في مونتري كاليفورنيا أن هناك "أدلة مهمة تشير إلى أن آراء
غوردينيز كان لها أثر عميق".
واتفقت تركيا واليونان، فيما يبدو أنه
اختراق، على أن تبدءا جولة جديدة من المفاوضات
"في المستقبل القريب" بشأن الخلافات الحدودية البحرية، بحسب بيان لوزارة
الخارجية اليونانية.
وبحسب سينيم أدار، الزميلة في مركز
الدراسات التركية في برلين فقبل أي محادثات وضعت كل من تركيا واليونان
"مواقف قصوى.. والتوصل إلى حل وسط
سيكون صعبا وطويلا إن حصل".
وجعلت الخلافات على الحدود البحرية
البلدين تقتربان من الحرب بما في ذلك عام 1996 عندما تدخلت أمريكا لتنزع فتيل
الحرب على جزيرة مهجورة مساحتها 10 فدادين. والرهانات أكبر الآن بسبب السباق على
استخراج النفط والغاز في المياه المتنازع عليها حول قبرص.
وقبل قيام الكثير من السياسيين الأتراك
بتبني "الوطن الأزرق" كان ينظر إليها على أنها تعكس نظرة القوميين الذين
يعارضون ميل أنقرة إلى الناتو وأمريكا والاتحاد الأوروبي ويفضلون علاقات أقرب مع
روسيا والصين.
وقال غوردينيز الذي درس في الكلية البحرية
للدراسات العليا وعمل مع الناتو وتعامل مع ضباط البحرية الأمريكيين إنه يتفق مع
تلك الآراء ولكنه ليس قوميا "متحمسا". وقال إنه "كمالي" نسبة
إلى مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة ونأى بنفسه عن سياسات أردوغان. ولكنه
أضاف: "أنا لا أتدخل في السياسة اليومية في تركيا".
وانضم غوردينيز للبحرية التركية عام
1972 عندما كان عمره 14 عاما وأصبح ضابطا بعد سبع سنوات وتم ترفيعه لأدميرال عام
2004. وخرج بفكرة الوطن الأزرق عندما كان يعمل في مكتب التخطيط والسياسات التابع
للبحرية عام 2006، وألهم العبارة من أمه المتوفاة والتي قال إنها كانت "شاعرة".
وقال غوردينيز في مقابلة إن سبب تلك
العقيدة يكمن في تاريخ من المظلومية يعود إلى الفترة العثمانية والتي تظهر أن
تركيا أضاعت فرصا لفرض حقوقها البحرية أو أنه تم تقليص مياهها من القوى الأجنبية.
وقال إن نقطة تحول حصلت عام 1974 عندما
غزت تركيا قبرص وقسمت قبرص بين الشمال التركي والجنوب اليوناني. ولا يعترف بحكومة
شمال قبرص سوى تركيا. وقال إن تركيا غيرت الخارطة.. ما يعتبر أحد أكبر الإنجازات في التاريخ
العسكري.
وليس واضحا كم سيبقى مفهوم الوطن
الأزرق يحظى بشعبية. وقد أظهر استطلاع لمجموعة البحث التركية متروبول أن الشعب
التركي يعارض بشكل كبير صراعا عسكريا في شرق المتوسط، بحسب أدار.
وبين النخبة الحاكمة هناك خلاف مركزي بين
التركيز على الدبلوماسية مع اليونان أم الاعتماد على القوة العسكرية.
وتشكل علاقة تركيا بمصر نقطة خلاف أخرى حيث يقول
البعض – بمن فيهم غوردينيز – إنه يجب على تركيا إصلاح العلاقات مع الحكومة المصرية.
الغارديان: بومبيو يزور اليونان وسط تحضيرات ضد تركيا
WP: مساع أمريكية ألمانية دفعت للتفاوض بين تركيا واليونان
FP: هل يستطيع ماكرون لعب دور القوة العظمى بالشرق الأوسط؟