* كل الضغوط فشلت في مجرد الكشف عن مصير المعتقلين ولا يوجد حل لهذه القضية إلا برحيل النظام
* سجناء تنظيم "داعش" قنابل موقوتة ولا بد من محاكمتهم ومحاسبتهم وتفريقهم لا تجميعهم في مكان واحد
* النظام يتحمل كامل المسؤولية عن حرائق غابات سوريا وإهماله لها يجعله متورطا فيها
* الشعب السوري وصل لمستوى فقر عالمي كبير وصار من أكثر شعوب الأرض فقرا
* لا يوجد أي تحرك أو ضغوطات حقيقية لإنجاح الانتقال السياسي وهناك عرقلة واضحة من قِبل النظام
* الانتخابات التشريعية عملية صورية وشكلية تخالف القانون الدولي وتُعد نسفا للعملية الدستورية
* موجة التغيير قادمة رغم التعرض لانتكاسات كبيرة ونأمل وجود مستقبل أفضل لبلادنا
تحدث رئيس الشبكة السورية
لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، عن تأثر البلاد بانتشار وباء فيروس كورونا المستجد
"كوفيد-19"، وتعاطي النظام مع الجائحة، وانتهاكاته المتواصلة لمنع
المساعدات عن المناطق الأكثر تضررا، وتحديدا في الشمال السوري.
وتطرق "عبد الغني"،
في مقابلة مُصورة مع "ضيف عربي21"، إلى قضية المعتقلين والمختفين قسريا
في مراكز الاحتجاز المختلفة في سوريا، إلى جانب الدور الدولي في مواجهة انتهاكات
نظام بشار الأسد، وآثار الانتخابات الأمريكية على الملف السوري.
وتاليا نص المقابلة مع "ضيف عربي21":
كيف تأثرت سوريا حتى الآن بتفشي جائحة كوفيد-19؟ وكيف تقيمون تعاطي النظام السوري مع جائحة كورونا؟
تأثرت سوريا بشكل كبير، وهي من
أكثر دول العالم تأثرا بـ"كوفيد-19"، لأسباب عدة، منها أنه منذ بداية
الثورة السورية استهدف النظام وحليفه الروسي بشكل متوحش المراكز الطبية، فقد
استهدف أكثر من 200 مستشفى وعشرات النقاط الطبية الإضافية، إلى جانب قتل العديد من
الكوادر الطبية، بخلاف هجرة الآلاف من الكوادر الطبية بين نازح أو لاجئ بالخارج.
بالتالي هذا أدى إلى أن يكون
الأثر أكثر فداحة على المجتمع السوري، إلى جانب أن هناك 3200 شخص من الكوادر الطبية
ما زالوا قيد الاعتقال ولم يتم إطلاق سراحهم حتى الآن رغم أن النظام في أمس الحاجة
لهم، لأنه لا يكترث على الإطلاق بما يحصل مع الشعب السوري.
وتعامل النظام مع الوباء بشكل
لا مبال ومستهتر جدا، حينما أنكر الإصابات في البداية، ولم تكن هناك أي شفافية
على الإطلاق، ولم يوفر مسحات وفحوصات كافية، وتحجج بأن عليه عقوبات، ولكن بالحقيقة
أنه يسخر موارد الدولة للعمليات العسكرية، والأجهزة الأمنية التي تمتص قدرا كبيرا من
ميزانية الدولة، وليس القطاع الطبي.
ما أوضاع سكان شمال غرب سوريا والأماكن التي تسيطر عليها المعارضة؟ وكيف تصلها المساعدات الإنسانية؟
فيما يتعلق بمناطق شمال غرب
سوريا، والتي تسيطر عليها المعارضة وهيئة تحرير الشام، فإن الأوضاع الإنسانية فيها
سيئة جدا، لأن أغلب سكان هذه المناطق نازحون ومُشردون، وبالتالي المياه المتوفرة
لغسل اليدين والقضاء على الفيروس محدودة جدا.
أيضا النظام والروس قصفوا بشكل
كثيف جدا المراكز الطبية في هذه المناطق، إلى جانب إغلاقهم لمعبر "باب
السلامة" وأبقوا على معبر وحيد وهو "باب الهوى"، وبالتالي
المساعدات أصبحت تدخل من معبر واحد فقط، وهذا أثر كثيرا على تدفق المساعدات لشمال
غرب سوريا.
بينما في مناطق شمال شرق سوريا
والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، يوجد بها نازحون والإدارة المدنية بها
ضعيفة جدا، لأنها منبثقة عن قوات عسكرية، وبالتالي السكان المقيمون في مناطق دير
الزور، والحسكة، والرقة، تأثروا بشكل كبير من "كوفيد-19" نتيجة إغلاق
المعبر، وأصبحت المساعدات تأتي فقط عن طريق النظام.
وزراء خارجية 7 دول عربية وغربية حثوا على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري شمالي وجنوبي سوريا في ظل تفاقم إصابات كورونا.. فهل هناك عراقيل تحول دون إيصال هذه المساعدات الإنسانية؟
هناك بعض العراقيل، لكن المنظمات
الدولية غير الأممية مسموح لها بالدخول من جميع المعابر، ولديها مرونة في دعم أماكن
تخدم السوريين حتى في المناطق الخاضعة تحت سيطرة التنظيمات المتشددة، وبالتالي
بالإمكان تجاوز هذه العراقيل بسهولة، لذلك لا بد من تكثيف المساعدات الإنسانية،
وهذا الأمر متاح للدول من خلال التعامل مع المؤسسات السورية المحلية التي أثبتت
فاعلية في هذا الصدد، ونحن نتحدث عن ضرورة إيصال المساعدات للأماكن الأكثر تضررا.
هناك تقارير حقوقية اتهمت النظام السوري بسرقة قسم كبير من المساعدات الإنسانية التي كانت تصل إلى دمشق، وأنه يتحكم بالكميات التي يراد إرسالها إلى المناطق الخارجة عن سيطرته، ويؤخر عن عمد إعطاء تصاريح لانطلاق قوافل المساعدات.. إلى أي مدى هذا الكلام دقيق؟
بكل تأكيد التحكم بالمساعدات
مُثبت بشكل كبير جدا وقاطع عبر العديد من الوثائق والتقارير الدولية والمحلية منذ
عام 2015 وحتى الآن؛ فالنظام يؤخر المساعدات ويتحكم بكمياتها، ويقوم بإرجاع
مساعدات طبية، وتسخيرها للمناطق الداعمة له أو نهبها وإعادة بيعها، وذلك عبر
المنظمات التابعة له.
كيف تنظرون لقضية المعتقلين والمختفين قسريا في مراكز الاحتجاز المختلفة في سوريا؟ وكيف يمكن حلّها برأيكم؟
أكثر من 90% من المعتقلين
والمختفين قسريا موجودون عند النظام الذي لم يقدم أي تنازل على الإطلاق في تلك
القضية، وكل الضغوط فشلت في مجرد الكشف عن مصيرهم، وبالتالي لا يوجد حل لهذه
القضية إلا برحيل النظام، فمن المستحيل أن يكون هناك أي حل ببقاء هذا النظام الذي
يفاوض بالمعتقلين كورقة ضمن مفاوضات الحل السياسي، والمجتمع الدولي فشل للأسف في
الإفراج عن المعتقلين، وفي حمايتهم من التعذيب الممنهج الذي يتعرضون له والذي
يُمثل جرائم ضد الإنسانية.
ما رؤيتكم للتعامل الأمثل مع قضية سجناء تنظيم "داعش"؟ وهل يمثلون قنبلة موقوتة بالفعل؟
من حقهم أن يحظوا بمحاكمة
عادلة، ويجب على دول هؤلاء السجناء استعادتهم ومحاكمتهم، ونعتقد أن التعامل معهم
لم يتم على النحو الصحيح، خاصة أنه تتم معاملتهم بشكل سيء من قِبل قوات سوريا
الديمقراطية.
وبكل تأكيد هؤلاء المعتقلون
قنابل موقوتة، لذلك لا بد من محاكمتهم ومحاسبتهم وتفريقهم، وليس تجميعهم في مكان
واحد، لضمان عدم عودتهم مرة أخرى للتنظيم.
هناك جدل واتهامات متبادلة بشأن المسؤولية عن نشوب عدد كبير من الحرائق في الغابات بسوريا.. كيف تابعتم هذا الجدل؟ ومَن المسؤول عنه برأيكم؟
تحديد الفاعل أمر صعب، لكن
للأسف لم نسمع أن النظام قام بفتح أي تحقيق، ولا يوجد لديه أدنى اهتمام بهذه
الحرائق، وتأخرت طائراته في إطفائها، وجاءت بشكل محدود جدا، ومجرد إهمال النظام
لها يجعله متورطا فيها، ولذلك فالنظام يتحمل كامل المسؤولية عن هذه الحرائق، لأنه
يسيطر على هذه المناطق.
وما تداعيات تلك الحرائق؟
تداعيات الحرائق ساهمت في
زيادة الفقر لأصحاب هذه المحاصيل، والشعب السوري وصل تحت قيادة هذا النظام إلى
مستوى فقر عالمي كبير، وصار من أكثر شعوب الأرض فقرا.
هناك تقرير حقوقي تحدث عن 11 دولة صوتت ضد قرارات مجلس حقوق الإنسان التي تدين الانتهاكات بحق الشعب السوري منذ آذار/ مارس 2011 حتى الآن.. فكيف تنظرون لهذا التصويت الداعم للنظام السوري لدى مجلس حقوق الإنسان الأممي؟
هذه الدول شمولية مارقة وليست
ديمقراطية، وهي روسيا والصين والجزائر ومصر وفنزويلا وكوبا والعراق، لكن في كثير
من الأحيان تصدر القرارات الأممية بأغلبية ساحقة لصالح الشعب السوري.
وهذه الدول تحكمها أنظمة
استبدادية، لذلك صوّتت لصالح النظام السوري، ولذلك قمنا بتعريتها وفضحها،
وبالمقابل نهدف لمعرفة الدول التي صوّتت لصالح شعبنا المكلوم ومن أجل إيقاف تلك
الانتهاكات المأساوية، وهذا أمر مهم جدا لتاريخ سوريا.
هل انتخاب روسيا والصين لعضوية مجلس حقوق الإنسان في دورته المقبلة يُشكِّل دعما للنظام السوري وانتهاكاته المستمرة؟
بكل تأكيد ذلك سيشكّل دعما
للنظام السوري، لكني متأكد أن الدول الأخرى الداعمة لنا أكثر بكثير من الدول المارقة
الشمولية الداعمة لنظام بشار.
كيف تنظرون لإعادة صياغة الدستور السوري، والتي تجري من خلال هيئة مكونة من 150 عضوا مقسمين بالتساوي بين المعارضة والنظام ومنظمات المجتمع المدني؟ وهل اللجنة الدستورية ستمهد بالفعل لانتخابات رئاسية حرة أم لا؟
موقفنا واضح من العملية
السياسية، أنه لا بد من وجود انتقال سياسي وفقا لقرارات مجلس الأمن، لكن هذا
الانتقال لا يحدث، وما زلنا في مرحلة ما قبل المفاوضات، ولا يوجد أي تحرك أو ضغوطات
حقيقية لإنجاح الانتقال السياسي، وهناك عرقلة واضحة من قِبل النظام،
لأنه يشعر أنه في موضع قوة.
أصبح هناك تقزيم للعملية
السياسية وحصرها وتجسيدها في اللجنة الدستورية، إلى جانب غياب المرجعية لهذه
اللجنة، وعلى مدار سنة ونصف لم يحدث أي تقدم.
كيف تابعتم الانتخابات التشريعية في سوريا التي جرت قبل أشهر والتي فاز بها حزب البعث الحاكم وحلفاؤه بغالبية مقاعد مجلس الشعب وسط غياب المعارضة؟
الانتخابات التي جرت هي عملية
صورية وشكلية، وتُعد نسفا للعملية الدستورية، نظرا لأنها تمت تزامنا مع مسار
اللجنة الدستورية، وبالتالي النظام لا يعترف بمخرجات هذه اللجنة.
وهذه الانتخابات غير شرعية
وليست نزيهة، وتخالف القانون الدولي لحقوق الإنسان، فقد تمت تحت إشراف الأجهزة
الأمنية، وفاز بها حزب البعث مُجددا.
بشار الأسد وصف محادثات جنيف بأنها "لعبة سياسية"، مؤكدا أنه سيحسم خلال شهور قليلة موقفه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2021.. ما تعقيبكم بشأن موقف "الأسد" من محادثات جنيف ومن الانتخابات الرئاسية؟
الأسد يماطل فيها لأنه يعلم أن
نهايتها رحيله، والتخلص من حكمه، لذلك هو غير معني بها، وللأسف الشديد المجتمع
الدولي يساعده في هذا الأمر، ولذلك نجح الأسد في ذلك لأنه لا توجد أي ضغوط حقيقية
ضده.
كيف تنظرون للآثار والنتائج التي حققها قانون "حماية المدنيين في سوريا"، المعروف اختصارا باسم "قانون قيصر" الذي أقرته الولايات المتحدة لفرض عقوبات على سوريا؟ وهل كان هدفه إسقاط النظام السوري كما يقول البعض؟ وهل سينجح في ذلك أم أنه سيفشل في إنهاء حكم بشار الأسد؟
قانون حماية المدنيين حقق
الهدف الأساسي المرجو منه، فقد كانت الكثير من الدول تجهز لإعادة إنتاج النظام
وتدعمه، مثل إيطاليا واليونان ومصر، لكن قانون "قيصر" دمر هذا الشيء،
وقال بشكل واضح إن مَن يتعامل مع النظام سيتعرض للعقوبات الأمريكية.
وزراء خارجية ما يُسمّى بالمجموعة المصغرة حول سوريا عقدوا اجتماعا قبل أيام أكدوا خلاله دعمهم للحل السياسي في سوريا، فيما حث وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو النظام السوري على "إنهاء حربه الوحشية أو مواجهة العزلة المستمرة".. فما فرص الوصول لحل سياسي بسوريا في الوقت الراهن؟
نعتقد أنه لا يوجد حل سياسي
حاليا في سوريا، ولا مفاوضات جدية حول الانتقال السياسي، وتم تقزيم هذا المسار في
اللجنة الدستورية، والسبب الأساسي أنه لا توجد ضغوطات على النظام السوري، لأن نجاح
هذا المسار يعني انتهاء النظام.
وانتهاء النظام يُمثل خسارة
لروسيا وإيران، ومن المتوقع أن تعرقل هاتان الدولتان الحل السياسي، وإذا لم تكن
هناك إرادة أمريكية لإنهاء الكارثة السورية لن تُحل الأزمة، وستستمر لسنوات قادمة.
مجلة "إيكونوميست" قالت إن ما وصفته بانتصار بشار الأسد فاقم معاناة السوريين ونظامه يزداد ضراوة.. هل تتفقون مع ما ذهبت إليه المجلة البريطانية؟
بكل تأكيد هذا في الواقع الذي
حصل، وعشرات القرى والمدن التي يسيطر عليها النظام تبقى فارغة من سكانها بعد
تهجيرهم، ما يفاقم معاناتهم، وانتصار النظام عسكريا وسيطرته على المزيد من المناطق
يعني أن هذه المناطق سيُشرد سكانها بزعم أن هؤلاء "إرهابيون"، وهذا غير
صحيح على الإطلاق، بل أن بشار هو أكبر إرهابي في سوريا.
كيف تنظرون لانعكاس نتائج الانتخابات الأمريكية على أوضاع حقوق الإنسان بسوريا؟
الديمقراطيون في أمريكا بعهد
الرئيس السابق باراك أوباما باعوا سوريا لصالح الاتفاق النووي مع إيران، رغم أن
شعاراتهم كانت تقول إنهم مع حقوق الإنسان، لكن في التطبيق العملي خذلوا سوريا بشكل
كبير، وفشلوا في إجراء أي مساءلة للملف السوري، وتخليص الشعب من النظام.
لذلك، كان هناك ميل أكثر لصالح
الجمهوريين الذين فرضوا عقوبات قاسية على النظام الإيراني، وأيضا عقوبات على
النظام السوري وتفعيل قانون "قيصر".
ما مستقبل حقوق الإنسان بسوريا حسب رأيكم؟
نأمل أن يكون مستقبل حقوق
الإنسان في سوريا أفضل، لأن التوعية التي حدثت لم تكن موجودة، وهذه خطوة أولى
للمطالبة بهذه الحقوق، وموجة التغيير قادمة رغم التعرض لانتكاسات كبيرة.
والمستقبل للحركة الحقوقية على
المدى المتوسط والبعيد، وإن كان مسار المحاسبة طويلا، ومسار تحقيق العدالة طويل
جدا، لكن هناك إيمان بالوصول إلى هذا الهدف، رغم قتامة المشهد القريب.
ضيف "عربي21": مقابلة مع طفلة سورية مرشحة لجائزة دولية