مرت الساعات الأخيرة على إغلاق أبواب الترشح للانتخابات التشريعية الفلسطينية ثقيلة على الفلسطينيين؛ والسبب تأخر حركة "فتح" في تقديم قائمتها الرسمية للانتخابات التشريعية؛ تأخير فتح الباب لتكهنات بإمكانية تأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر في 22 أيار (مايو) المقبل؛ تأجيل كان سيسجل باعتباره انتكاسة لجهود المصالحة الفلسطينيية.
تكهنات سرعان ما بددها تقديم حركة "فتح" قائمتها الرسمية قبيل منتصف ليلة الخميس لتغلق بذلك أبواب الترشح معلنة عن 29 قائمة تقدمت للمشاركة في السباق الانتخابي الفلسطيني؛ من ضمنها ثلاث قوائم تتبع لقيادات سابقة وحالية في حركة "فتح"؛ تعود إحداها للأسير مروان البرغوثي وناصر القدوة تحت مسمى قائمة الحرية؛ وقائمة القيادي المفصول محمد دحلان المعنونة بالإصلاح.
حالة الترقب والقلق الذي غذاه الانقسام داخل حركة "فتح" والارتباك والتأخر في تقديم القائمة الرسمية للحركة كشف عن انقسام وشقاق كبير داخل حركة "فتح"؛ عبر عنه القيادي في الحركة جبريل الرجوب الذي رقي في الساعات الأخيرة السابقة لإعلان قائمة "فتح" بكتاب رسمي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى رتبة فريق تبعه تقاعده استعدادا للانتخابات بالقول: إن "حركة فتح قوية ومتماسكة والمرتدين موجودين حتى في زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم".
ثقة عبر عنها رئيس الوزراء محمد اشتية قبل ذلك بتأكيده استقرار النية على إجراء الانتخابات رغم المعيقات؛ ثقة لم تمنع بعض المراقبين من طرح سيناريو 2006 على خلفية التشرذم والانقسام في حركة "فتح"؛ ذات السيناريو الذي قاد إلى فوز حركة "حماس" وفتح الباب للانقسام الفلسطيني في العام 2006؛ سيناريو رغم رواجه لدى الكثير من الوسائل الإعلامية إلا أنه بعيد كل البعد عن الواقع؛ فالانتخابات التشريعية تعقد على قاعدة إنهاء الانقسام الفلسطيني والتخلص من تداعياته؛ وليس على قاعدة المغالبة بين حركتي "فتح" و"حماس"؛ كما كان الحال في العام 2006.
الانتخابات التشريعية تحولت من مجرد وسيلة للاحتكام للشارع لتحديد أوزان القوى الفلسطينية إلى وسيلة لتحديد الأوزان الفعلية الأقطاب والتيارات السياسية المتنافسة والمتصارعة داخل حركة "فتح"؛ والتي باتت ممثلة بثلاث قوائم رئيسة إلى جانب قوائم أقل أهمية وأقل ارتباطا بالحركة كقائمة رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض.
الانتخابات في المحصلة النهائية ستفضي إلى حكومة وحدة فلسطينية تعكس الأوزان الفعلية للقوى المشاركة في الانتخابات؛ وتفتح الباب لمساومات طويلة وتفاهمات جديدة تسبق الانتخابات الرئاسية وتشكيل المجلس الوطني الفلسطيني في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) على التوالي؛ ورغم أنها لن تغير الواقع الأمني والسياسي الذي ترسخ على الأرض في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بين ليلة وضحاها؛ إلا أنها ستفتج الباب لمزيد من الحوار والتحسن في الآداء الاقتصادي والإداري للسلطة؛ كما تعزز أدوات الرقابة والتشريع الفلسطينية؛ وتعد لمرحلة ما بعد الرئيس الفلسطيني المسن محمود عباس ؛ وتعزز وتقوي التمثيل الفلسطيني في المحافل العربية والدولية؛ لمواجهة الاحتلال ووضع استراتيجيات المواجهة.
الأهم من ذلك أن خلافات حركة "فتح" التي خرجت للعلن وشكلت المشهد الانتخابي منذ اللحظة الأولى للإعلان عن موعد الانتخابات التشريعية لم تكن وليدة اللحظة بل نتاج واقع تخلق بعيد رحيل الشهيد ياسر عرفات على هيئة تيارات وقيادات متنافسة؛ انقسام لم يعالج داخل مؤسسات وأطر الحركة ما يجعل من الانتخابات فرصة لمعالجة هذا الخلل؛ ما يجعل من الانتخابات فرصة ثمينة لتحديد الأوزان الفعلية لتلك التيارات داخل حركة "فتح" بعيدا عن المناكفات وعمليات الإقصاء الداخلية.
الانتخابات التشريعية تحولت من مجرد وسيلة للاحتكام للشارع لتحديد أوزان القوى الفلسطينية إلى وسيلة لتحديد الأوزان الفعلية الأقطاب والتيارات السياسية المتنافسة والمتصارعة داخل حركة "فتح"؛ والتي باتت ممثلة بثلاث قوائم رئيسة إلى جانب قوائم أقل أهمية وأقل ارتباطا بالحركة كقائمة رئيس الوزراء الأسبق سلام فياض.
ختاما.. الانتخابات التشريعية تزداد أهميتها يوما بعد يوم باعتبارها بوابة حقيقة لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي على قاعدة الحوار والمصالحة لا على قاعدة المغالبة ليس فقط بين "فتح" و"حماس"، بل وبين التيارات المتنافسة في حركة "فتح"؛ فهي تفتح الأبواب لمزيد من الحوار والمفاوضات بين الأقطاب السياسية في حركة "فتح" قبيل الانتخابات التشريعية فإمكانية انسحاب بعض الرموز ودعم بعض القوائم وإجراء تحالفات سيبقى قائم إلى حين فتح صناديق الاقتراع؛ عملية طويلة ستستهم في هندسة المشهد الداخلي الفلسطيني وستجدد دماء القيادة الفلسطينية استعدادا لجولات قادمة من الصراع مع الكيان الإسرائيلي.
hazem ayyad
@hma36
حالم في صحراء الفصائل الفلسطينية
دور الإعلام في كشف الفساد وفضح المستبدين