نقلت وكالة رويترز عن مصادر مقربة من رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أن الأخير أبلغ مجموعة من الشخصيات اجتمعت معه بأنه يعتزم الاستقالة من منصبه.
وأشار مصدران للوكالة إلى أن الشخصيات السياسية والفكرية الوطنية التي اجتمعت مع حمدوك دعت الأخير للعدول عن قراره، إلا أنه أكد إصراره على هذه الخطوة خلال الساعات المقبلة.
ولفتت الوكالة إلى أن حمدوك خلال الساعات المقبلة لن يبقى في منصبه، إلا إذا حصل على دعم سياسي مع تنفيذ الاتفاق.
ولم تؤكد أو تنفي مصادر رسمية ما أفادت به وكالة رويترز.
وكان حمدوك ذكر، في وقت سابق، أن السودان يتجه ببطء نحو "الهاوية"، ملقيا باللوم على التعنت السياسي، وعدم وجود توافق في الآراء بشأن اتفاق سياسي جديد.
اقرأ أيضا: قتيل بالسودان ودعوات للتصعيد.. والجيش: لن نفرط بالأمن
ويحتج السودانيون على "الانقلاب" الذي أدى إلى وضع حمدوك في الإقامة الجبرية، وكذلك على الاتفاقية بين رئيس الوزراء والجيش التي أعادت حمدوك إلى منصبه.
ويقول الجيش إن الانقلاب كان من أجل "تصحيح المسار" والإعداد لانتخابات يفترض أن تقام في 2023.
وقال حمدوك، الذي لم يعلق على أحداث الأحد، إنه وقع الاتفاقية من أجل وضع حد لإراقة الدماء والحفاظ على الإنجازات الاقتصادية.
وقال كاميرون هدسون، الدبلوماسي الأمريكي السابق، وزميل أول في مركز أفريقيا بالمجلس الأطلسي، "يبدو أن هناك بعض الخلاف حول ما إذا كان هذا الخبر صحيحًا أم لا، وما هو توقيت القرار إذا تم".
وتابع هدسون خلال حديثه لـ"عربي21": "ولكن عندما عاد حمدوك إلى المنصب مرة أخرى، أوضح أنه بحاجة إلى تعاون من كل من الجيش والأحزاب السياسية، لدعمه ومساعدته في حل العديد من القضايا العالقة، ولكننا حين نشاهد الوضع من الخارج، يبدو أن أيا من هذين الجانبين لم يكن مفيدا، خاصة في هذا الوقت".
وأوضح بأن "الطريقة التي سيؤطر بها حمدوك رحيله، ستفعل الكثير لتحديد الطريق إلى الأمام، وما إذا كان المجتمع الدولي سيتمكن من إعادة المشاركة بسرعة".
وحول الأسباب التي قد تدفع حمدوك لتقديم استقالته، قال هدسون: "في أعقاب المسيرة الاحتجاجية التاريخية التي نظمت في 19 كانون الأول/ديسمبر، من الواضح جدا أن اتفاق 21 تشرين الثاني/نوفمبر، والذي وقع عليه حمدوك لا زال لا يحظى بالشعبية والقبول لدى غالبية المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية".
وأضاف: "كذلك كان عليه أن يفكر فيما إذا كانت لديه الإرادة السياسية لإقناع الناس بأن اتفاقه مع البرهان هو أفضل طريقة للمضي قدمًا، على الرغم من عدم حدوث تقدم حقيقي على الجبهة السياسية بعد شهر كامل من توقيع الاتفاق".
اقرأ أيضا: حمدوك يعيد مدير الإذاعة والتلفزيون السوداني.. أقاله البرهان
ويبقى السؤال الأهم، في حال استقال حمدوك فعلا، من سيخلفه، ومن هي الشخصية التي يمكن أن يتفق عليها العسكر والشعب في ذات الوقت؟
يرى هدسون أن "اختيار الشخص البديل وكذلك معرفة من هو، سيحدد مستقبل السودان"، مضيفا: "فمثلا إذا نصب الجيش شخصا يعتقد أنه قادر على السيطرة عليه، أو أنه معروف بالانتماء إلى المنظومة العسكرية أو النظام السابق، فسنعلم أن الجيش ليس جادًا في مواصلة الانتقال أو إعادة الانخراط مع المجتمع الدولي".
وأردف: "لكن إذا اختار العسكر شخصًا يُنظر إليه على أنه مستقل عن الجيش، فستكون هذه علامة على أنهم يحاولون إعادة ضبط "السرد" الوضع، وربما إعادة التزامهم بإقامة انتقال ديمقراطي".
وعبر عن اعتقاده بأن "العسكر سيحاولون القيام بالأمرين، عن طريق اختيار شخص مثل جبريل إبراهيم، الذي سيقولون أنه تكنوقراط مدني وكان جزءًا من حكومة حمدوك وموقع على اتفاق جوبا، ومع ذلك، ونظراً لتأييده القوي للانقلاب العسكري، أعتقد أن غالبية الناس سيرفضونه كرئيس للوزراء".
من جهتها أشارت سارة عبد الجليل، النقيب السابق لأطباء السودان بالمملكة المتحدة، إلى أن "هنالك اخبار ما بين تأكيد و نفي لهذا الخبر".
وحول أسباب الاستقالة إذا كان الخبر صحيح، أوضحت عبد الجليل، خلال حديثها لـ"عربي21"، أن "السبب هو عدم التوافق السياسي الذي عم البلاد، فهناك رفض لحمدوك من قبل القوى الوطنية الرافضة للانقلاب، وهنالك معلومات عن تحديات تواجهه من القوي السياسية الداعمة للانقلاب".
وأكدت أنه "رغم كل المحاولات إلا أن القوى السياسية الوطنية المعارضة للانقلاب العسكري رفضت اتفاق 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، الذي وقعه البرهان وحمدوك"، مضيفة: "أي اتفاق مع انقلابين قاموا بتقويض الديمقراطية و قتل وسجن المواطنين السلميين، مرفوض".
وتابعت: "كذلك قام الاتحاد الأفريقي بتجميد عضوية السودان لأن ما تم من تغيير للسلطة هو غير دستوري، و عليه لا يمكن لقوى وطنية تسعى لانتقال ديمقراطي، قبول الانقلاب العسكري".
وأردفت: "أيضا هناك غضب عارم في الشارع السوداني، على آثر عمليات الاغتصاب التي حدثت في مليونية 19 كانون الأول/ديسمبر، علما أن حمدوك مسؤول عن حماية المتظاهرين، وهو ذكر أنها قبل بالعودة لحماية المتظاهرين".
وأكملت: "ولكن تم قتل شابين واغتصاب 13 فتاة، وأصيب العشرات وسجن أخرين، لذلك يقول الشارع لحمدوك، تم التوقيع على اتفاق و لكنك لم تحمي الشارع".
ولفتت إلى "أنها لا تعلم منه هو بديل حمدوك في حال قدم استقالته"، مضيفة: "لكنه بالتأكيد سيكون شخص داعم للانقلاب العسكري، وبالتالي لن يجد الدعم الشعبي، فالشارع يردد، الثورة مستمرة والردة مستحيلة"
اقرأ أيضا: دعوة أممية للتحقيق في اغتصاب 13 سودانية بالاحتجاجات
بدورها عبرت خلود خير، الشريك الإداري في مركز "إنسايت ستراتيجي بارتنرز "، عن اعتقادها بأن "رئيس الوزراء حمدوك يدرك جيدا أن نفوذه ضئيل جدا، ولا يملك سوى التهديد بالاستقالة".
وتابعت: "ومن غير المعروف إذا كان
تهديده بالاستقالة سيؤدي إلى أي تنازل من قبل العسكريين".
وأوضحت خير خلال حديثها
لـ"عربي21"، بأن "المشكلة في اتفاق ٢١ تشرين الثاني/نوفمبر،
واتفاقية جوبا هي كالتالي: البرهان لا يستطيع إرضاء رئيس الوزراء والموقعين على
اتفاقية السلام معا".
وختمت حديثها بالقول: "على أي حال،
إذا بقي رئيس الوزراء، فسوف يحتاج إلى تأكيدات بأن لديه مساحة تنفيذية للقيام بما
يحتاج إليه، أو فرض اتفاق سياسي جديد، بعد ذلك، ستبقى قضايا أخرى، مثل اتفاقية
السلام ودور قوى الحرية والتغيير وغيرها".
هذا ما قاله البرهان في أول مقابلة مع صحيفة غربية بمكتبه
قوى "التغيير" تنفي لقاء حمدوك وترفض التفاوض مع "الانقلاب"
بلينكن يهاتف البرهان وحمدوك.. وقوى تواصل رفض الاتفاق