أثار التقرير الذي أصدرته "بعثة تقصي
الحقائق" التابعة لـ"منظمة حظر الأسلحة الكيميائية"، والذي أكد وقوع هجمات بالسلاح الكيميائي في بلدة كفر زيتا شمالي
حماة بتاريخ الأول من تشرين
الأول/أكتوبر من عام 2016، تساؤلات عن الخطوات اللاحقة، وخصوصاً أن التقرير لم
يحدد مسؤولية
النظام السوري عن القصف، رغم أن البلدة كانت خاضعة لسيطرة المعارضة
في حينه.
وأوضحت البعثة في تقريرها الذي نشرته الثلاثاء
1 شباط/فبراير الحالي، أنها حصلت على معلومات بشأن حادثة كفر زيتا من خلال أنشطة
ومن مصادر مختلفة، مؤكدة أنها "تمكنت من إجراء مقابلات مع شهود والحصول على
أدلة رقمية، حيث حصلت البعثة على إحدى أسطوانات الكلور الصناعية التي تم استردادها
من موقع الحادث في كفر زيتا".
وأضافت أنها "لاحظت أن الأسطوانة الصناعية
منقوشة بعلامات كتب عليها (CL 2)، وهي الصيغة الجزيئية لغاز الكلور
السام".
وقالت البعثة، إنها "شاركت التقرير مع
الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية"، مبينة أن "التقرير
سيُرفع إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن طريق الأمين العام".
وعن الخطوات اللاحقة، وعن سبب عدم تحديد البعثة
لمسؤولية النظام، قال عضو "هيئة القانونيين السوريين" المحامي عبد
الناصر حوشان، وهو من بلدة كفر زيتا، التي تعرضت للهجوم، إنه "ليس من مهام
البعثة تحديد الجهة المسؤولة، وإنما يقتصر دورها على تأكيد استخدام أسلحة محظورة
من عدمه".
وأضاف لـ"عربي21"، أن البعثة أثبتت أن
السلاح المستخدم في استهداف مشفى المغارة في كفر زيتا، يعتبر انتهاكا لقرار
مجلس الأمن الدولي رقم "2118" لعام 2013، لعدم التزام النظام بوجوب عدم استخدام الأسلحة الكيميائية أو
استحداثها أو إنتاجها أو حيازتها بأي طريقة أخرى أو تخزينها أو الاحتفاظ بها.
وتابع حوشان بالإشارة إلى قرار مجلس الأمن رقم
2209 لعام 2015، الذي اعتبر أن استخدام الكلور يأتي في إطار استخدام الأسلحة
الكيميائية في
سوريا، ويعد انتهاكاً للقرار "2118" وأوجب محاسبة
المسؤولين عن أي استخدام للمواد الكيميائية، بما في ذلك الكلور، وفي حال عدم
الامتثال لأحكام القرار يجب فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم
المتحدة.
وقال إن كل ذلك يوجب على منظمة "حظر
الأسلحة الكيميائية" تكليف فريق التحقيق والتعرف (IIT)،
بتولي مهمة تحديد المسؤول عن الاستهداف، استناداً لما ورد في هذا التقرير وفق
الآلية التي اتبعها حيال التقارير السابقة مثل تقرير استهداف مدينة اللطامنة،
والغوطة، وخان شيخون، وسراقب، التي انتهت إلى اتهام النظام السوري بالمسؤولية
عنها.
ورأى أن روسيا ستجهض كما عملت سابقاً أي تحرك
من جانب "مجلس الأمن"، مختتماً: "هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم،
الأمر الذي لا يمكن معه إفلات المجرمين من العقاب مهما طال الزمن أو قصُر".
الباحث بالشأن السوري، أحمد السعيد، قال
لـ"عربي21" إن ما يبعث على الشك والريبة في الوقت ذاته، أنه رغم امتلاك
المجتمع الدولي للأدلة على استخدام النظام السوري للأسلحة المحرمة، إلا أن
المحاسبة لا زالت غائبة.
وأضاف السعيد أن فريق تحديد المسؤولية (IIT)
التابع للأمم المتحدة، حدد مسؤولية النظام بشكل صريح عن هجوم اللطامنة بريف حماة،
لكن مع ذلك لم نشاهد أي تحرك ضد النظام السوري، ما يعني – من وجهة نظره- أن هذا
التقرير "لن يضيف شيئاً، على الأقل في المدى القريب والمتوسط".
"المؤقتة" ترحب
من جانبها، رحبت "الحكومة السورية
المؤقتة" بالنتائج الصادرة عن بعثة تقصي الحقائق، مؤكدة في بيان وصل
لـ"عربي21" الأربعاء، أن نتائج التقرير تؤكد مجددا، استخدام النظام
السوري للأسلحة المحرمة دوليا، وقبلها في الغوطة بدمشق، وخان شيخون بإدلب.
وانتقدت الحكومة ما وصفته بـ"تهاون
المجتمع الدولي"، وقالت إنه رغم كل هذه الإثباتات لا يزال المجرم (النظام السوري)
خارج قبضة العدالة.
وختمت "المؤقتة" بيانها، معتبرة أن
التقرير يشكل خطوة نحو إدانة النظام السوري، داعية إلى ضرورة أن يعقب التقرير
خطوات جادة تضمن عدم الإفلات من العقاب.