هل انتهت العملية التركية في سوريا بعد عودة الدوريات بين واشنطن و"قسد"؟

استأنفت القوات الأمريكية المنتشرة في شمال شرقي سوريا الدوريات المشتركة مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بعد أن قلصتها نتيجة إطلاق تركيا عملية "المخلب السيف" ضد مواقع "وحدات حماية الشعب الكردية" وحزب "العمال الكردستاني" على الشريط الحدودي مع سوريا.

وقالت الدفاع الأمريكية في بيان إنها استأنفت تنظيم الدوريات بشكل كامل مع "قسد" في شمالي سوريا، موضحة أن عملها مع "الشركاء المحليين" يتمثل بعدم السماح لتنظيم الدولة بإعادة تنظيم صفوفه.

وربط محللون عسكريون عودة الدوريات المشتركة بين القوات الأمريكية ضمن التحالف الدولي و"قسد" بعودة الهدوء في شمال شرق سوريا، رغم أن التهديدات التركية بشن عملية برية لا تزال حاضرة.

المحلل العسكري فايز الأسمر، أشار إلى أن عودة الدوريات إلى سابق عهدها أتى بعد التهديد بوقف التنسيق العملياتي مع التحالف، وامتعاض "قسد" من الموقف الأمريكي الضعيف وردود فعلها حيال العملية التركية.

وانطلقت عملية المخلب السيف في 20 تشرين الثاني / نوفمبر، وترافقت مع استهدافات الجيش التركي بالمدفعية لمواقع ومقرات "قسد" المنتشرة بين جيب تل رفعت وصولا إلى القامشلي وعين ديوار على المثلث السوري العراقي التركي.

واستبعد الأسمر أن يؤثر إعادة تفعيل الدوريات المشتركة، على نية تركيا في بدء عملية برية شمال شرقي سوريا، وتنفيذ أنقرة لتهديداتها بإبعاد "قسد" عن الحدود لمسافة 30 كم، وهو ما أيده المحلل العسكري أسعد الزعبي، الذي استبعد أن تكون عودة الدوريات بمثابة نهاية للعملية التركية المتوقعة.

وتوقع الزعبي أن تكون مسألة عودة الدوريات بين التحالف الدولي و"قسد"، مناورة أمريكية من أجل إعطاء رسالة طمأنة لـ"قسد"، بتخفيض التصعيد في المنطقة، لأن مصلحة واشنطن خاصة في هذا الوقت هي مع تركيا وليست مع "الوحدات الكردية".

الباحث السوري، أنس الشواخ، أكد لـ"عربي21" أن عودة العمليات ترتبط بمؤشر واحد، يدل على وجود وعود أمريكية بخفض التصعيد في مناطق سيطرة "قسد"، لكنه استبعد في الوقت نفسه أن هذا يعني إلغاء العملية التركية.

ولفت إلى أن واشنطن واضحة تماما في تبرير وجودها داخل الأراضي السورية، ودعمها لـ"قسد" من خلال ربط الأمر بمحاربة تنظيم الدولة، عبر شريكها المحلي "قسد".

بدوره، رأى المحلل العسكري، عبد الله الأسعد، أن عودة التنسيق بشكل كامل بين أمريكا وقسد، هي رسالة إلى تركيا مفادها أن التعاون والتنسيق بين أمريكا وقسد لن يتغير.

وأعرب عن اعتقاده بأن تكون عودة الدوريات مؤشرا كبيرا لتأجيل العملية التركية المتوقعة، خاصة أن هناك ضغوطا كبيرة من روسيا وأمريكا على تركيا للتراجع عن العملية.

وأضاف لـ"عربي21": "العملية يمكن أن تتأجل في الوقت الحالي لكن لا يمكن توقع إلغائها من قبل أنقرة".

وحول أسباب عودة الدوريات المشتركة، أوضح الأسمر أن إعادة التنسيق هو إجراء ميداني طبيعي بعد أن أعطت أنقرة مهلة للقوات الأمريكية والروسية لتنفيذ تعهداتهما ونجاح مساعيهما بإبعاد "قسد" المسافة المطلوبة لنزع فتيل العملية البرية.

الدعم الأمريكي


ورغم أن تركيا والولايات المتحدة، عضوان في حلف شمال الأطلسي الناتو، إلا أن الأخيرة تصر على دعم "قسد" التي تصنفها أنقرة على قوائم الإرهاب، وتعتبرها خطرا على أمنها القومي في ظل وجودها على الحدود السورية التركية.

وفيما يتعلق بأسباب إصرار الولايات المتحدة في دعم "قسد"، قال الأسمر إن دعم واشنطن يأتي في إطار حرب الوكالة وذلك لحفاظ القوات الأمريكية على وجودها في سوريا وتجنب وقوع خسائر بشرية في صفوفها خلال مواجهة خلايا تنظيم الدولة، موضحا أن البنتاغون اتخذ من "قسد" وكيلا وذراعا لتنفيذ استراتيجيته وأهدافه المرحلية.

ورجح إمكانية استغناء الولايات المتحدة عن قسد وتركها لمواجهة مصيرها المحتوم مع تركيا والنظام السوري، كما تركت المتعاونين معها لمصيرهم في أفغانستان.

من جهته رأى الزعبي أن عودة الدوريات يأتي لرغبة الولايات المتحدة في البقاء ضمن مناطق النفط السوري، موضحا أنها تعتمد بذلك على حجة مساعدة "قسد" في محاربة تنظيم الدولة، إضافة إلى أن الوجود الأمريكي يمنع توسع روسيا في المنطقة.