مع بداية العام 2013 وزيادة
وتيرة التصعيد ضد الرئيس المنتخب محمد
مرسي عليه رحمة الله تمت تسمية مجموعة من
المتحدثين باسم حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، كنت متحدثا باسم
الحزب وكان على رأس المتحدثين باسم الجماعة الدكتور النبيل أحمد عارف، وهو عارف
بالله ومتصل بالقرآن وحافظ له وشخص جميل حقا وطبيب أسنان بارع ولطالما كانت عيادته
مزدحمة بالمشاهير، ومع اقتراب شهر حزيران/ يونيو قرر الحزب أن يتجمع المتحدثون في
مكان واحد قريب من القنوات الفضائية الموجودة في مدينة الإنتاج الإعلامي لسرعة
التجاوب والحضور بدلا من أن يأتي كل واحد من بيته، وبالفعل تم الأمر. وكان شهر حزيران/
يونيو 2013 هو أكثر الشهور من حيث اللقاءات التي كانت عبارة عن أفخاخ مدبرة، نجا
منها من نجا وسقط فيها البعض بحسن نية مفرطة.
كانت القنوات الفضائية أشبه
بمعسكرات الجيش من حيث الحراسة المفرطة على الأستوديوهات وعلى مقدمي البرامج، وقد
رأيت بنفسي وتحدثت مع طاقم حراسة من الجيش للميس الحديدي، وكان الضباط الذين قالوا
لي إنهم متقاعدون يتفاخرون بأنهم ضد الرئيس مرسي وبأنهم هنا لحماية "رجالتهم".
جاءت اللحظة التي أعلن فيها
الجيش عن
مهلته الشهيرة للقوى السياسية في يوم الاثنين، الأول من تموز/ يوليو
2013، لكي تجد لها حلا للخروج من المأزق، وكنا مجتمعين كمتحدثين في إحدى الفيلات وساعتها
اختلفت آراؤنا؛ فقائل بأن هذا البيان يعني أن الجيش قد انحاز للشرعية، وهذا ما
عنونت له صحيفة الحرية والعدالة على ما أذكر وأن الإنذار موجه إلى مثيري الشغب
والفتنة، والبعض الآخر تمهل في التفاعل لحين وصول أي معلومات لتوضيح الموقف من
الحزب أو الجماعة، وثالث وهو الدكتور أحمد عارف الذي وقف بعد سماع البيان وصرخ
بأعلى صوته وهو الهادئ الوقور جدا: "انقلاب.. انقلاب"، وقالها بطريقة
مثيرة للانتباه وباللغة العربية مع قلقلة حرف الباء في آخر كلمة انقلاب، مما أثار
فضولي فبادرته: وهل لديك معلومة؟ قال: لا ولكنه واضح من مفردات البيان، فكيف يتدخل
الجيش ويمنح مهلة للعاملين في السياسة!
وصدق العارف بالله أحمد عارف
في حدسه ولكننا قررنا أن نستجمع قوانا لأننا متحدثون إعلاميون وأمامنا مهمة ويجب أن
نتماسك، وبالفعل تمكنا من احتواء الموقف وكلنا يقين اللهم إلا قليل منا، وكنت من
بين هؤلاء غير المصدقين لحكاية الانقلاب معتقدا بأن ما جرى هو مرحلة من مراحل
محاولة الجنرالات الحصول على المزيد من كل شيء، مع تخوفي الكبير وتوجسي خيفة من
عبد الفتاح
السيسي منذ إعلانه، كما ذكرت في الجزء السابق عن رغبته في جمع الأطراف
السياسية حول مائدة الجيش.
عموما اتفقنا على النقاط
الرئيسية للحديث (Talking
Points) مع الإعلام،
ثم انتقلنا إلى ميدان رابعة لنتواصل عن قرب مع الإعلام المحلي والدولي.
مما جاء في بيان الجيش الذي
صوحب بأغنيات وطنية على شاشات التلفزة المصرية:
"إذا لم تتحقق مطالب الشعب
خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاما عليها (القوات المسلحة) أن تعلن عن خارطة
المستقبل". وأضاف أن "الجيش سيشرف على خارطة الطريق بمشاركة جميع
الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجرا لثورته
الجديدة، لكنه -أي الجيش- لن يكون له شأن مباشر بالسياسة أو الحكم" (راجع التفاصيل في
تقرير وكالة أنباء
رويترز والذي جاء
بعنوان الجيش المصري يمهل مرسي 48 ساعة لتقاسم السلطة).
كانت طبخة البيان الرئيس الذي يجري الاستعداد له تتم في الخفاء وفي منزل حسب الله الكفراوي، الوزير الأسبق في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبطلب من قائد الانقلاب وزير الدفاع وقتئذ، حسب شهادة منى مكرم عبيد
سبق ذلك البيان الرسمي تصريح
للسيسي عقب
ندوة تثقيفية للقوات المسلحة في 23 حزيران/
يونيو 2013، أي قبل أسبوع من مظاهرات 30 حزيران/ يونيو وجاء فيه:
"لدينا من الوقت
أسبوع يمكن أن يتحقق من خلاله الكثير، وهي دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضره
ومستقبله". وقال إن
"مسؤولية الجيش تحتم عليه التدخل لمنع انزلاق
مصر في نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلي أو الفتنة الطائفية وانهيار مؤسسات
الدولة". وفي إضافة لا تخطئها العين قال:
"القوات المسلحة لا تفكر في
النزول إلى الشارع، والجيش ليس حلا، والوقوف أمام صناديق الاقتراع أفضل من تدمير
البلاد". وهذه الإشارة تلقفناها كمتحدثين وساسة على أن الجيش جاد في دعم
الديمقراطية والانتخابات التي أفرزت رئيسا مدنيا منتخبا، وللأسف ابتلع الجميع
الطعم قبل
30 يونيو التي جاءت بترتيبات محكمة في إطار تدبير محكم متصاعد على النحو
الذي بدأ مع وزير الدفاع طنطاوي بعد مجزرة رفح المصرية بداية حكم الرئيس مرسي عليه
رحمة الله.
كانت طبخة البيان الرئيس الذي
يجري الاستعداد له تتم في الخفاء وفي منزل حسب الله الكفراوي، الوزير الأسبق في
عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وبطلب من قائد الانقلاب وزير الدفاع وقتئذ، حسب
شهادة منى مكرم عبيد، وهي سياسية وكانت عضوا بمجلس الشورى والمفارقة أن الإخوان
المسلمين أخلوا لها المقعد كي تصل إلى الشورى بسلام؛ كما أنها أكاديمية معروفة وتنتسب
لعائلة وفدية معروفة وكانت ضمن حزب الوفد أيضا ومن معارضي الرئيس مرسي، ولكنها ظلت
في الخفاء كونها مسيحية مثلها مثل نجيب ساويرس، وقد استخدمهما الجنرال مع قيادة
الكنيسة للتسويق الخارجي للانقلاب.
اعترفت منى مكرم عبيد
في كلمة
لها في معهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن بعد
شهر من الانقلاب؛ أنه تم استدعاؤها مع أحد عشر شخصا من التيار العلماني في منزل
الوزير حسب الله الكفراوي، وكان من بين الحضور وكيل جهاز المخابرات السابق
والمعروف بمواقفه المعادية للإخوان منذ أيام عبد الناصر، إضافة إلى الكاتب فؤاد
هجرس وجابر نصار. وقالت في كلمتها إنه طُلب من المجتمعين كتابة مناشدة للجيش قبل
الثالثة من عصر يوم الأربعاء 3 تموز/ يوليو، يوم الانقلاب، وأنها حصلت على توقيع
خمسين شخصية أخرى بعد الاتصال بهذه الشخصيات وموافقتها تلفونيا. وذكرت عبيد أن من
بين هؤلاء عضو المحكمة الدستورية تهاني الجبالي ورئيس جامعة القاهرة جابر نصار. (
طالع تقرير الجزيرة وشاهد الفيديو).
السيسي خشي من أن يحدث الانقلاب بدون سند أو مستند سياسي، مثل توقيع من بعض الرموز السياسية على قلتها، ولم تكن مظاهرات 30 يونيو كافية بالنسبة له ولا حركة تمرد ولا جبهة الإنقاذ؛ لأنه كان على يقين بأن كل هذه الأوراق ليست كافية للانقلاب، فأراد مسوغا من هؤلاء الذين لا يمكن بأي حال أن يكونوا عوضا عن الشعب الذي خرج بالملايين لانتخاب الرئيس مرسي
وتفسيري أن السيسي خشي من أن
يحدث الانقلاب بدون سند أو مستند سياسي، مثل توقيع من بعض الرموز السياسية على
قلتها، ولم تكن مظاهرات 30 يونيو كافية بالنسبة له ولا حركة تمرد ولا جبهة الإنقاذ؛
لأنه كان على يقين بأن كل هذه الأوراق ليست كافية للانقلاب، فأراد مسوغا من هؤلاء
الذين لا يمكن بأي حال أن يكونوا عوضا عن الشعب الذي خرج بالملايين لانتخاب الرئيس
مرسي عليه رحمة الله.
بعد المهلة التقى الرئيس مرسي
عليه رحمة الله بالسيسي وعرض عليه في حضور رئيس الوزراء وقتئذ د. هشام قنديل؛ خطة
التغيير والتعديلات التي طالبت بها المعارضة باعتبارها خارطة طريق، ووعد السيسي
الرئيس مرسي بنقلها إلى المعارضة. وحسب شهادة بعض مساعدي الرئيس مرسي كانت الخطة
وافية وكافية وأعلن السيسي تفهمه ورضاه عنها، ولكن المفاجأة أن السيسي ذهب وعاد
برفض المعارضة التي لم يقل أحد منها إن هذه الخطة عُرضت عليه، ولكن العالم فوجئ
بالخطة كما هي تعرض في بيان الانقلاب يوم الأربعاء 3 تموز/ يوليو 2013، الذي
تابعته من منزلي في التجمع بالقرب من مكان الاعتصام في رابعة العدوية بمدينة نصر. كنت
شغوفا لمعرفة ماذا سيقول السيسي بعد أن تواترت الأنباء عن احتجاز الرئيس مرسي،
وصدقت نبوءة العارف بالله أحمد عارف، المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان، ولا تزال
كلمته تتردد في أذني بعد بيان المهلة: "انقلاب.. انقلاب".
كان بيان الانقلاب من حيث
الشكل واضحا وضوح الشمس في كبد السماء، لولا بعض المغيبين ممن يُعدون من المثقفين،
الذين تبين للجميع أنهم ليسوا سوى مجموعة من معارضي التيار الإسلامي ومناوئيه ومن غير
الراغبين في رؤية أي من أعضائه في أي موقع رسمي فما بالك بهم يرون رئيس مصر من هذا
التيار. وهنا أتوقف بعد مرور عشر سنوات على الانقلاب لكي أفهم ما جرى ولماذا كانت
قلوبهم غليظة بهذا الشكل وعباراتهم قاسية وخارجة عن المألوف وحدود الأدب والخلاف..
لماذا كانوا يكرهون الرئيس مرسي بهذه الطريقة؟ ولماذا كل هذا الشحن النفسي
والمعنوي واستخدام وسائل الإعلام للانتقام، رغم أن بعضهم كان لديه من الخيال
السياسي الذي يجعله يفهم أن نزول الدبابات إلى الشوارع يعني نهاية المسار السياسي
لفترة غير محدودة؟
حاولت أن أفهم كيف يطلق
المؤلف بلال فضل التهم على من قالوا إن بيان 3 تموز/ يوليو هو انقلاب أنهم لا
يفهمون، وهنا أنقل ما قاله ونشرته
صحيفة الوطن المصرية يوم 3 تموز/ يوليو 2013:
"بيان الجيش واضح ولا
مجال للحديث عن انقلاب عسكري إلا من كذابي الإخوان، مرسي استهان بشعبه وقرر أن
يكون رئيسا لعشيرته فقط فأسقطه الشعب. إنجاز ثورة يناير الأهم كان استرداد الشعب
لحقه في تقرير مصيره، وهذا ما لم يفهمه مبارك ولا طنطاوي ولا مرسي وكل من لا يفهم
ذلك سيسقطه الشعب".
هذه عيّنة من تغييب الوعي رغم
أن مسلسلات ومؤلفات بلال فضل على سبيل المثال لا حصر لها، ومع ذلك فقد قرر بجرة
قلم أن ما جرى ليس انقلابا وأن كذابي الإخوان هم من يشيعون ذلك. واليوم وبعد مرور
عشر سنوات ينطق واقع الحال بأن ما جرى منذ اليوم التالي لتسلم الرئيس مرسي السلطة
منقوصة هو أن الانقلاب كان الخطة الاستراتيجية للجيش ولكل مؤسسات الدولة العميقة،
وأن الجنرالات لا يمكن أن يصدقوا شعبهم، ولا يؤمنون البتة بقيمة الشعب ولا بالحياة
المدنية، وأن من وقعوا تمرد وشاركوا في جبهة الإنقاذ، ومن رقصوا في الندوة
التثقيفية للجيش في 23 حزيران/ يونيو 2013، ومن شاركوا في البرامج الحوارية ضدنا..
لم يكونوا -وإن ارتدوا البدلات وربطات العنق الإيطالية- ممثلين عن الشعب بل ممثلين
عليه، وكانوا في رأيي مندوبين معتمدين للمخابرات والجيش والإمارات والسعودية؛ الآباء
المؤسسين للانقلاب في مصر وتونس وليبيا والسودان.
أما
بيان الانقلاب في 3 تموز/ يوليو 2013 فمن حيث الشكل يعبر عن نفسه، فوزير الدفاع يلقي البيان
وفي الخلفية الأذرع الرسمية العسكرية والأذرع شبه المدنية التابعة للدولة العميقة،
سواء تلك المعلنة مثل تمرد والإنقاذ، وسكينة فؤاد؛ الكاتبة المعروفة التي استقالت
من منصبها في رئاسة الجمهورية وقت الرئيس مرسي عليه رحمة الله، ومحمد البرادعي
الذي سنفرد له فصلا كاملا في هذه السلسلة، أو الأذرع غير المعلنة من قبل مثل شيخ
الأزهر وبابا الكنيسة وقادة حزب النور (السلفي).
من ناحية المضمون، فهي أقل
أهمية لأنه لا يحمل جديدا سوى الوعود الكاذبة والعهود التي نقضت والأماني التي
ذهبت أدراج الرياح تماما كما حدث مع انقلاب عبد الناصر في 23 تموز/ يوليو 1952، الذي
جاء لإقامة حياة ديمقراطية سليمة فوصلنا إلى القاع، وكان من بين الأهداف بناء جيش
وطني انتهى به الأمر بالهزيمة المؤلمة التي دفع الشعب وحده ثمنها في حزيران/ يونيو
1967، وعبر عقود تالية إلى تسليم تيران وصنافير والعجز عن فعل أي شيء في ملف سد
النهضة الإثيوبي المهدد لوجودنا في مصر.
نعود إلى بيان الانقلاب وسوف
نجد في بداياته ينص على:
"إن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم
آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب، التي استدعت دورها الوطني وليس
دورها السياسي، على أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف
تظل بعيدة عن العمل السياسي". فمن الذي استدعاها سوى خمسين نفرا من بينهم
11 تم جمعهم حضورا والبقية عبر الهاتف، كما جاء في كلمة منى مكرم عبيد والمشار إليها
أعلاه في هذا الفصل؟ ولو نظرنا إلى رقم الخمسين فهو رقم لا يُلتفت إليه ولا يُعتد
به، والجماهير التي خرجت في 30 حزيران/ يونيو لم تخرج لتطالب الجيش بالتدخل أصلا،
وحتى تمرد طالبت بإجراء انتخابات مبكرة.
ثم نجد في نفس الفقرة إعلان
السيسي أن القوات المسلحة لا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي، فماذا عن
الواقع الحالي بعد عشر سنوات؟ وسنأتي على ذلك بالتفصيل، ولكنني هنا أعيد تكرار
العبارة حتى نفهمها في سياق مسلسلات الكذب والتمويه والضحك على الشعوب.
يدعي كذبا أن مؤسسة الرئاسة رفضت الحوار ورفضت الانتخابات المبكرة، وهي التي سعت إليه وأفشله السيسي وعملاؤه شبه المدنيين في الطيف السياسي. ويعلم السيسي قبل غيره أن الرئيس تشاور معه في كافة الأمور وكان يضعه موضع ثقة خانها نتيجة طمعه في السلطة وحقده على الرئيس
وفي الفقرة التالية يقول قائد
الانقلاب بصفته متحدثا عن القوات المسلحة:
"ولقد استشعرت القوات المسلحة -انطلاقاً
من رؤيتها الثاقبة- أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما
يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته"، وهذا تكرار لادعاءات
لا يسندها في الواقع سوى طموحات الجيش ونظرته للبلاد على أنها إرث له منذ 1952،
ومع ذلك يكرر أن الشعب دعا القوات المسلحة لنصرته ولم يدعها لسلطة أو حكم. وهذا
أيضا ادعاء كذبته الأيام التالية للانقلاب، فقد تصرف السيسي بعيدا عن السلطة
المدنية التي أجلسها مكان الرئيس المنتخب محمد مرسي؛ حين أعلن بنفسه عن
طلب تفويض الشعب له في 24 تموز/ يوليو
2013 لمواجهة "الإرهاب المحتمل".
وهنا يثور سؤال: من الذي منحه السلطة بعيدا عن سلطة الرئيس المؤقت لكي يطلب تفويضا
من الشعب سوى رغبته القاتلة في الوصول إلى السلطة، ولو عبر حمامات الدم التي ستحدث
في الأسابيع التالية للبيان الكارثي الذي كان يتحدث فيه عن ابتعاد الجيش عن السلطة
والحكم؛ فإذا به في قلب السلطة مستخدما قوات الشعب المسلحة لقتل معارضي الانقلاب؟
وفي فقرة أخرى من البيان يدعي
كذبا أن مؤسسة الرئاسة رفضت الحوار ورفضت الانتخابات المبكرة، وهي التي سعت إليه
وأفشله السيسي وعملاؤه شبه المدنيين في الطيف السياسي. ويعلم السيسي قبل غيره أن
الرئيس تشاور معه في كافة الأمور وكان يضعه موضع ثقة خانها نتيجة طمعه في السلطة
وحقده على الرئيس عليه رحمة الله. يقول في البيان:
"لقد بذلت القوات
المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف
الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة، منذ
شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، بدأت بالدعوة لحوار وطني استجابت له كل القوى
السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة في اللحظات الأخيرة". ويمكنكم مراجعة
شهادات الشهود في هذا
الأمر.
وسنناقش بقية البنود وردات
الفعل التي صُنعت في أقبية المخابرات حتى يبدو الأمر كما لو كان ثورة، وما هو بذلك
ولو أقسموا بالأيمان المغلظة، بل خيانة شارك فيها الجميع؛ حتى الذين صمتوا شركاء
في الجريمة، وأعني بها الانقلاب وتوابعه من قتل وتشريد واعتقالات واختفاء قسري وتدمير
اقتصادي لاحقا.