زار وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، العاصمة
المصرية
القاهرة للمرة الأولى منذ قطع الروابط بين البلدين قبل 11 عاما وأجرى محادثات مع
نظيره المصري، سامح شكري، بحثا خلالها العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.
ونشر موقع إندبندنت التركي تقريرا، ترجمته "عربي 21"، قال
فيه إن الزيارة التي سيقوم بها الوزير التركي تعتبر بداية حقبة جديدة في العلاقات
التركية المصرية، وستكون الحلقة الأخيرة في جهود أنقرة لإعادة العلاقات مع
منافسيها الإقليميين في الشرق الأوسط.
ونقل الموقع عن شفق جوك تورك، السفير التركي في القاهرة بين عامي
2005 و2009، قوله إن "لقاء رئيسي البلدين في حفل افتتاح المونديال، ثم زيارة وزير الخارجية المصري بسبب الزلزال لطفا من الأجواء".
وأضاف: "في هذه المرحلة لم تكن لديه توقعات كبيرة من
تركيا. ومع
ذلك، فلا داعي لمصر للوقوف ضد تطبيع العلاقات في الوقت الحالي".
العلاقات التركية المصرية قبل 2013
وأفاد الموقع بأن العلاقات بين تركيا ومصر اتبعت مسارا تاريخيا
شكله ميزان القوى في العالم؛ حيث تأثرت العلاقات بين البلدين بشدة بالتنافس بين
الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة، وبينما قام جمال عبد
الناصر، الذي قاد الانقلاب العسكري في مصر عام 1952، بنقل البلاد من محور المملكة
المتحدة إلى محور الاتحاد السوفييتي، كانت تركيا تحاول التغلب على مخاوفها الأمنية
بالتحالف مع الناتو، كما تسبب ميثاق بغداد - الذي تأسس تحت قيادة المملكة المتحدة
للحد من النفوذ السوفييتي في الشرق الأوسط - في بقاء العلاقات التركية المصرية عند
مستوى منخفض للغاية خلال الخمسينيات؛ حيث رفضه جادل عبد الناصر باعتباره نتاجا
للإمبريالية الغربية.
وتابع الموقع مستعرضًا مسار العلاقات بين البلدين؛ مبينا أنه بعد
تأميم قناة السويس؛ دخلت العلاقات في مرحلة تليين مرة أخرى حيث اتخذت تركيا موقفًا
هادئًا ومحبذًا في مصر، وبعد هزيمة حرب 1967؛ ضعفت مطالبة مصر بالقيادة الإقليمية،
واستعادت العلاقات المصرية التركية مسارها الهادئ الذي كان يستمر لسنوات.
ولفت الموقع إلى أن القضية الفلسطينية كانت من أهم القضايا التي
تشترك فيها الدولتان في سياستهما الخارجية، فعلى الرغم من علاقات تركيا مع
إسرائيل، إلا أنها قامت باتباع سياسة قريبة من العالم العربي في العديد من
القضايا، وخلال الفترة الممتدة من نهاية الحرب الباردة حتى عام 2013، لم تكن هناك
مشكلة كبيرة أو تغيير في العلاقات بين تركيا ومصر.
لماذا تدهورت العلاقات مع مصر؟
وأفاد الموقع بأن احتجاجات الربيع العربي أثرت على مصر في فبراير
2011، وأنهت حكم حسني مبارك الذي دام 29 عاما، وجلبت حزب الحرية والعدالة المنتمي
للإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر وجعلت محمد مرسي أول رئيس منتخب لمصر، حيث
كانت تلك الفترة نقطة فاصلة للعلاقات التركية المصرية، فبعد خمسة أشهر من تولي
مرسي منصبه في حزيران/ يونيو 2012؛ ذهب رئيس الوزراء رجب طيب
أردوغان إلى القاهرة
برفقة 10 وزراء و350 رجل أعمال، واستقبله آلاف الأشخاص في العاصمة المصرية، وقال
إن البلدين يريدان حل المشاكل في فلسطين وسوريا، وأبدى بوادر على قدرتهما على
العمل معًا.
وأضاف الموقع أنه بعد أن أطيح بسلطة محمد مرسي في مصر بانقلاب عسكري
في 3 تموز/ يوليو 2013؛ حدث توتر سريع في خط أنقرة - القاهرة؛ حيث أعلنت مصر في
تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، أن السفير التركي شخص غير مرغوب فيه، وانقطعت العلاقات
بين البلدين لسنوات عديدة.
واعتبر الموقع أن دعم تركيا القوي لجماعة الإخوان المسلمين في تمزق
العلاقات بين البلدين؛ حيث اعتبر شفق جوك تورك، السفير المتقاعد، أن القطيعة في
العلاقات كان اختيار الحكومات؛ وأن المواقف التي توصل فيها البلدان إلى نتيجة
مفادها أنهما كانا متحفزان ضد بعضهما كانت نتيجة إدراكهما للمصالح.
كيف حدث التقارب؟
أوضح الموقع أن القطيعة استمرت حتى عام 2020؛ حيث كانت اتفاقية منطقة
الولاية البحرية الموقعة بين اليونان ومصر في أغسطس 2020 من أولى الإشارات
المتعلقة بالبحث عن التقارب على خط أنقرة - القاهرة؛ رحبت أنقرة بقبول مصر للحدود
الجنوبية للجرف القاري التي حددتها تركيا في الاتفاقية التي وقعتها مع أثينا،
وأعقب هذا التطور لقاءات عقدت بين مخابرات البلدين، ولقاءات استكشافية لمسؤولي
وزارة الخارجية في أنقرة والقاهرة، والاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية البلدين،
وأخيراً صورة أردوغان والسيسي، والمصافحة خلال المباراة الافتتاحية لكأس العالم
2022 التي أقيمت في قطر.
ووفق الموقع؛ فقد قيم أردوغان الصورة التي أعطاها مع
السيسي لدى
عودته إلى قطر قائلا: "قلنا إن العملية يمكن أن تبدأ، ولقد تم اتخاذ خطوة هنا
لبدء مثل هذه العملية وقد أجرينا محادثات جيدة، وآمل أن ننتقل بالعملية التي بدأت
بوزرائنا إلى نقطة جيدة لاحقًا، ونأمل أن تكون هناك اجتماعات رفيعة المستوى، لأن
هذه هي الطريقة التي أنظر بها إلى الحدث، فالعلاقة بين تركيا ومصر ليست اجتماعًا
للقادة، والتكاتف الماضي للأمة التركية والشعب المصري مهم جدًا بالنسبة لنا.
فلماذا لا يحدث مرة أخرى، لماذا لا تبدأ من جديد؟".
وتابع الموقع مع سفير شفق جوك تورك؛ شرحه للتقارب بين البلدين قائلا:
"كان هناك عاملان اهتمت بهما مصر هنا؛ أولهما وجود الإخوان المسلمين في تركيا
أي: هيكل قيادتها ومنشوراتها، والثاني هو الوضع في ليبيا؛ حيث لوحظ أن بعض التقدم
قد تم إحرازه فيما يتعلق بالإخوان المسلمين والمشكلة الرئيسية النابعة من ليبيا في
العام أو العامين الماضيين".
وأضاف: "قضايا التوتر بين تركيا ومصر لم تعد مفيدة للحكومة في
هذه المرحلة؛ حيث نحتاج إلى فهم هذا جيدًا، فالعلاقات الطبيعية لا تعني علاقات
جيدة، فعلاقاتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية واليونان طبيعية، لكن هل هم
جيدون؟"
ما الموضوعات المطروحة على الطاولة؟
ونوه الموقع إلى أن زيارة وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو إلى
القاهرة تأتي في وقت تسعى فيه تركيا إلى تحسين العلاقات مع السعودية وإسرائيل
والإمارات وتسعى للحصول على فرصة للقاء الأسد.
واختتم الموقع التقرير بالقول إنه ومن المتوقع أن تكون ليبيا أهم
قضية مطروحة على الطاولة خلال الاجتماع، والتي كثيرا ما تصفها مصر بـ"الخط
الأحمر"، وكما هو معروف؛ تدعم تركيا ومصر أطرافا مختلفة لسنوات عديدة في
الحرب الأهلية المستمرة في ليبيا.
ورغم حقيقة أن القضية الليبية لم تكن محط اهتمام كل من الإمارات
وروسيا في السنوات الأخيرة فقد تم عزل القاهرة، التي تدعم الإدارة التي تتخذ من طبرق
مقراً لها، إلا أن أولوية مصر في المحادثات مع تركيا من المتوقع أن تركز على
"تقليص وجود الجيش التركي في ليبيا".