في الوقت الذي تواصل فيه دولة الاحتلال تحريضها على المناهج الدراسية الفلسطينية بزعم تشجيعها للمقاومة، وتنفيذ العمليات الفدائية، فإنها أشادت بالمناهج الدراسية
المصرية بسبب اختفاء الصور النمطية المعادية للسامية، وأوصاف "الجشع" الموجهة لليهود، ولأول مرة في بعض الكتب المدرسية الموجهة للمسيحيين المقيمين في مصر هناك اعتراف بالعلاقة
اليهودية بأرض فلسطين المحتلة.
مناسبة هذا الحديث أن دراسة إسرائيلية جديدة فحصت لأول مرة المناهج الدراسية في مصر في الصفين الأول والثاني، وزعمت أنها وجدت تحسنًا كبيرًا في النظرة لليهود التي أعيدت كتابتها كجزء من الإصلاح الذي وصل حتى الآن للصف الخامس، وتم تقديم العديد من المحتويات التي تعزز السلام والتسامح وقبول الآخر.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "
يديعوت أحرونوت" العبرية، ذكر أن "الدراسة أجراها معهد الأبحاث IMPACT-se، بإشراف أوفير فينتر باحث الشؤون المصرية بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، وشملت 271 كتابًا دراسيًا نشرت بين 2018-2023 من وزارة التعليم المصرية التي تدير أكبر تعليم النظام في العالم العربي بأسره، ويضم 25 مليون طالبا، وظهر لديه أن الكتب الجديدة للسنوات الأخيرة لا تتضمن الصور النمطية المعادية للسامية، أو الأفكار العنيفة تجاه اليهود وإسرائيل، كالموجودة في الكتب القديمة".
وأضاف، في تقرير ترجمته "
عربي21"، أن "الكتب المصرية الجديدة تخلو من وصف اليهود بالصفات السلبية مثل الغش والجشع والغدر، واستبدلت هذه المضامين بقيم التسامح والتعايش التي تؤكد على الأسس المشتركة بين الإسلام واليهودية، مثل كتاب التربية الإسلامية للصف الخامس الذي ربط بين حرب يوم الغفران وحروب النبي محمد ضد اليهود باعتبارها حربًا دينية بين المسلمين واليهود، ووصف اليهود بأنهم خونة بطبيعتهم، والبحث عن آيات قرآنية حول غدرهم".
وأوضح أن "المناهج المصرية الجديدة تضمنت محتوى جديدا حول تأكيد العيش مع اليهود على أساس السلام والعدالة والتعاون، مع الإشارة إلى أن النبي محمد سعى للعلاقات السلمية والتعايش والرحمة مع اليهود، ويُطلب من الطلاب تصميم كتيب بعنوان "دليل التعاون مع الآخرين"، والإشارة لأمثلة تعكس الاحترام والتسامح والتعاون تجاه اليهود استنادًا إلى قصص النبي محمد في المدينة المنورة، وتطبيق هذه القيم في الحياة اليومية في الوقت الحاضر".
وكشف أنه "بطريقة غير مسبوقة بالنسبة لبلد عربي مسلم، نشرت وزارة التعليم المصرية كتبًا جديدة موجهة للطلاب المسيحيين في فصول الدين في جميع أنحاء البلاد، تحمل اعترافا بالصلة الدينية اليهودية بأرض فلسطين التاريخية، ووجود الهيكل المزعوم الذي بناه الملك سليمان في القدس المحتلة".
واستدرك بالقول إن "الطلاب المصريين في الصفوف العليا يستمرون بالتعرض لمعاداة السامية في السياقات الدينية والتاريخية في الكتب المدرسية، وتشمل إلقاء اللوم على اليهود في التسبب بمعاداة السامية في أوروبا، ووصفهم بمجموعة عرقية تتعامل مع المال وكراهية المسلمين، دون وجود محتوى يحكي عن الهولوكوست، ويتهم الصهاينة باستغلال الادعاء بأن ستة ملايين يهودي قتلوا أو أحرقهم النازيون لتبرير هجرة اليهود إلى فلسطين على حساب الفلسطينيين المقيمين هناك".
وأوضح أنه "فيما يتعلق بإسرائيل، تكشف الكتب المدرسية مواقف متناقضة، فقد طرأت تغييرات إيجابية مهمة للغاية في دراسة اتفاقية السلام بين الدولتين، مقارنة بما كتب بعهد الرئيس الراحل حسني مبارك، حيث يتعلم الطلاب المصريون حاليًا عن فوائد الاتفاقية، ويتم التركيز بشكل أكبر على شرعية إسرائيل كشريك في السلام، ويطلب من الطلاب حفظ بنودها، ووصف فوائد السلام لمصر والدول العربية، كما يتضمن صورة مناحيم بيغن رئيس الوزراء الراحل خلال توقيع الاتفاق بالبيت الأبيض، والحديث عن علاقات ودية بدل الطبيعية".
وأكد أنه "غالبًا ما يتم تقديم إسرائيل على أنها "كيان صهيوني" غير شرعي، تدعمه القوى الاستعمارية الغربية، ويقودها استمرار طموح للتوسع على حساب الفلسطينيين والعرب، ويتم تقديم تحرير فلسطين والقدس من
الاحتلال الإسرائيلي، ليس فقط كهدف سياسي، بل كواجب إسلامي، وفي الخرائط تجنبوا تسمية إسرائيل باسمها، وأشاروا بدلاً منها باسم "فلسطين"، لكن بعض الخرائط أصبحت أكثر حيادية في النسخ الجديدة، بحذف اسم فلسطين على الخريطة، وتركه دون ذكر اسم الدولة".
وزعم أن "المناهج المصرية الجديدة تظهر تغييراً إيجابياً للغاية تجاه إسرائيل، حيث تقدم حبّ السلام كمفهوم عام وروح وطنية وقيمة إسلامية مدعومة بآيات قرآنية وتقاليد، وإدخال موضوع "القيم واحترام الآخرين" منذ الصف الأول، والتأكيد على الحريات الدينية، ونبذ الكراهية والعنف في المجتمع، وأهمية الانفتاح على الثقافات الأخرى".
ماركوس شيف الرئيس التنفيذي لمعهد IMPACT-SE زعم أن "الرئيس السيسي أوفى بوعده لإصلاح المناهج الدراسية في مصر، التي لديها أكبر نظام تعليمي في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن عملية إزالة معاداة السامية وغيرها من أشكال التعبير عن الكراهية من الكتب المدرسية مساهمة كبيرة في نمو مجتمع مصري أكثر تسامحًا من شأنه تعزيز الاستقرار الإقليمي ومحاربة التطرف".
إريك أغاسي نائب رئيس المعهد زعم أن "مصر تثبت أنها تدرك قوة الكتب المدرسية باعتبارها حاجزًا حاسمًا أمام التطرف منذ مرحلة الصغر، وتنضم إلى اتجاه قامت فيه سلسلة من الدول التي درسناها في السنوات الأخيرة مثل السعودية، والمغرب، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، بحذف التحريض والكراهية من الكتب المدرسية".