بعد مرور أكثر من عشرين عاما على فشل مباحثات
كامب ديفيد بين رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر
عرفات ورئيس الحكومة
الإسرائيلي الأسبق إيهود
باراك، نشر أرشيف دولة
الاحتلال ردّها على مخطط الرئيس
الأمريكي الأسبق بيل كلينتون للحل، وتم تقديمه في عام 2000، وتضمن تنازلا
فلسطينياً عن حق العودة، ومطالبة الاحتلال بأن يكون الحي الأرمني في القدس بأيدي
الفلسطينيين.
وكشفت الوثيقة أن دولة الاحتلال وافقت على
التنازل عن جزء من سيطرتها في البلدة القديمة ومنطقة الحرم، وطالبت بالحصول على
ثمانية في المائة من الضفة الغربية دون تبادل الأراضي، وفقا لما كشفه أرشيف ناخ
كينراتي، المستشار الراحل لوزير الحرب لشؤون المستوطنات، وتظهر الوثيقة أن إسرائيل
وافقت على إعطاء تعزيز سيطرتها على جزء من البلدة القديمة، وساحة المسجد الأقصى.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة
يديعوت
أحرونوت، أكد أن "مقترحات كلينتون تضمنت أن تكون الأجزاء العربية من القدس
المحتلة جزءًا من الدولة الفلسطينية، والأجزاء اليهودية جزءًا من دولة الاحتلال،
التي اعترضت على اقتراح أن يكون الحي الأرمني جزءًا من الدولة الفلسطينية، بزعم أن
الأرمن ليسوا عربًا".
وجاء الاقتراح بأن "كل شيء على يسار ويمين باب يافا، يكون
فلسطينيًا، وكل شيء على اليمين كالحي اليهودي والأرمني سيكون إسرائيليا، أما
في ما يتعلق بالمسجد الأقصى فقد وافق الاحتلال على التنازل عن سيطرته عليه، مقابل
السيطرة على حائط البراق، والمناطق المجاورة".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن
"الوثيقة تكشف أن دولة الاحتلال أبدت تحفظات على أن كلينتون لم يقبل مبدأ أن
هذه الأجزاء ستكون تحت سيطرتها، مشيرة إلى عدم الاعتراف الفلسطيني بالرواية اليهودية
بشأن المسجد الأقصى، وطالبت بالحصول على ثمانية بالمائة من أراضي الضفة الغربية،
بما في ذلك عقد إيجار دون تبادل للأراضي، وأن تبادل الأراضي في غزة لا يتجاوز الـ2٪،
لكن مطلبه بتأجيل تطبيق السيادة الفلسطينية في غور الأردن حتى نهاية الإعداد
النهائي كان "ميؤوسًا منه".
وأكد أن "دولة الاحتلال زعمت بأن نقل
الأجزاء العربية في القدس للفلسطينيين يخلق مشاكل خطيرة ومستمرة، بعد أن تخلت عن
مطلبها بأن تقتصر السيادة الفلسطينية على الأحياء القريبة من البلدة القديمة، وعدم
قبول طلبها بنشر القوة الدولية في غور الأردن وحدود غزة مع مصر فقط، وأن الاقتراح
الأمريكي تركز على نشر القوة في الجزء الغربي من الدولة الفلسطينية".
وأوضح أن "الوثيقة تضمنت خطابًا أرسله في
يناير 2001 رئيس ديوان رئيس الوزراء غلعاد شير إلى مستشار كلينتون للأمن القومي،
ساندي بيرغر، اعتبر فيه أن الحكومة ترى في أفكار كلينتون أساسا للمفاوضات طالما
أنها مقبولة من الفلسطينيين، وأن هدف الاحتلال هو إبقاء 80٪ من المستوطنين تحت
سيطرته، ما يعني احتفاظه بثمانية بالمائة من الأراضي، بما في ذلك غزة والضفة
الغربية، وأن تنفيذ المخطط يستغرق من ثلاث إلى خمس سنوات، وسعى الفلسطينيون لتقصير هذه
الفترة".
وأشار إلى أن "مخطط كلينتون وافق على مبدأ أن
الانتقال الآمن بين الضفة وغزة سيكون تحت السيطرة الإسرائيلية، لكن كلينتون لم
يقبل اقتراح الاحتلال بأن تكون الخليل وقبة راحيل وقبر يوسف وغيرها من الأماكن
المقدسة تحت سيطرته، لكن التعليقات الإسرائيلية للخطوط العريضة لكلينتون تنص على
أن اقتراحه يتضمن تنازلًا فلسطينيًا عن حق عودة اللاجئين، واشتراط أن يكون الدخول
لإسرائيل على أساس إنساني فقط، وطالبت بتحديد عدد اللاجئين المسموح لهم بالدخول
على أساس إنساني، وتحديده مسبقًا".
وكشف أن "حكومة باراك اعتبرت بالإجماع
أن أفكار كلينتون تعد أساسا لمواصلة المفاوضات نحو اتفاق إطاري لتسوية دائمة بين
الجانبين، ليس كاتفاق، وليس كإطار عمل بحد ذاته، كما وصفها كلينتون نفسه، وبموجبها
ستتم مواصلة المفاوضات نحو إنهاء تدريجي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في اتفاقية
إطارية لتسوية دائمة، والجزء المهم من قرار الحكومة استعدادها للتفاوض على أساس
أفكار كلينتون، شرط موافقة الفلسطينيين".
وتتكشف الكثير من التفاصيل عن قمة كامب ديفيد،
لكن بعد مرور ثلاثة وعشرين عاما منها، قضى ممثلو الجانبين أياما وأسابيع طويلة من
العزلة في المجمّع الأمريكي، أملا بدفع عملية التسوية قدما بينهما، لكن المباحثات
جاءت فاشلة، رغم أنها شهدت توافقا حول الخطوط العريضة لأي مبادرة سياسية باتت تعرض
حتى الآن، وانتهت بعد أسبوعين.
ويسعى الاحتلال لتسويق فرضية أساسية لجمهوره
مفادها أن مسؤولية فشل المفاوضات تقع على الفلسطينيين.