بعد مرور أكثر من أسبوعين على توقف دخول
المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر الحدود مع
تركيا، تسود مخاوف من زيادة صعوبة الوضع المعيشي، وظهور آثار توقف المساعدات جراء توقف التفويض الأممي وفق القرار 2672.
ابتزاز روسيا
وكان مجلس الأمن الدولي قد فشل حتى الآن في تجديد التفويض الخاص بمعبر باب الهوى الحدودي بين
سوريا وتركيا، والذي يؤمن دخول المساعدات للسوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، بسبب شروط النظام وعرقلة روسيا.
ويقول المنسق الطبي والإنساني في الشمال السوري الدكتور مأمون سيد عيسى، إن المفاوضات لا زالت مستمرة بين الدول الغربية وروسيا، مضيفاً لـ"عربي21" أن "الروس يفاوضون و يعملون على ابتزاز الغرب ربما على ملفات في سوريا أو خارجها".
ويعرب عن توقعه أن يتم التوصل إلى اتفاق في النهاية، مستدركاً بأن "لدى الغرب بديلا عن صندوق التمويل الإنساني، وهو صندوق "إنصاف" (صندوق إنساني مشترك متعدد المانحين تم إنشاؤه من قبل المانحين الدوليين نهاية العام الماضي لتلبية الاحتياجات ذات الأولوية في شمال سوريا)".
وبحسب سيد عيسى فإن هدف الدول الغربية من إنشاء الصندوق هو "تحرير المساعدات الإنسانية القادمة للمنطقة عن قرار مجلس الأمن والتحرر من ضغوطات الروس المتكررة والتهديد برفع الفيتو على قرار التمديد".
من جانبها، شددت منظمة "الدفاع المدني/الخوذ البيض" على قانونية دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بدون إذن مجلس الأمن أو النظام السوري، داعية في بيان تسلمت "عربي21" نسخة منه إلى "توسيع إدخال المساعدات المنقذة للحياة عبر الحدود وتلبية الاحتياجات الإنسانية ودعم صمود المجتمعات الهشة بعد 12 عاماً من الحرب وكارثة الزلزال، وليس توقف إدخال المساعدات من معبر باب الهوى بشكل كلي".
واعتبرت أن "أي خضوع أو موافقة من قبل الأمم المتحدة هو شرعنة واضحة لاستخدام المساعدات كسلاح من قبل نظام الأسد، والعمل الإنساني يجب أن يسترشد دائما بمبادئ عدم التحيز والحياد والاستقلال، ولا يمكن أبدا أن تكون المساعدات الإنسانية الفعالة رهينة أي ابتزاز سياسي".
استهلاك المخزون الاستراتيجي
وقبل منظمة "الدفاع المدني" حذر فريق "منسقو استجابة سوريا" من خطورة توجه المنظمات نحو استهلاك المخزون الاستراتيجي الموجود في الداخل السوري.
وقال الفريق إن استنزافاً كبيراً بدأ لعمل المنظمات الإنسانية، وسط غياب أي حلول من قبل المجتمع الدولي، مع مخاوف كبيرة من استهلاك كل المخزون، والدخول في مراحل جديدة من العجز الإنساني في المنطقة.
وحذّر "منسقو استجابة سوريا" كل الجهات من استمرار توقف دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، والتي ستبدأ ظهور آثارها خلال الأسبوعين المقبلين، وخاصة مع ارتفاع أسعار الغذاء إلى مستويات غير مقبولة، وتزايد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المدنيون في المنطقة.
تداعيات اقتصادية ومجتمعية
وعن التداعيات المحتملة لتوقف المساعدات، يشير الباحث الاقتصادي يونس الكريم لـ"عربي21" إلى تأثيرات كبيرة وخاصة أن نحو 70 في المئة من سكان الشمال السوري يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
ويضيف الكريم، أن مناطق سيطرة المعارضة تعاني من حالة اقتصادية صعبة، يزيد من حدتها الاكتظاظ السكاني، وخاصة في الفترة الأخيرة، حيث يتم ترحيل أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في تركيا إلى المنطقة.
ويرى أن توقف المساعدات وزيادة عدد السكان يعني حكماً زيادة التضخم، وتدني مستوى الخدمات حيث تعتمد المنطقة على المساعدات لتوفير المياه والخبز وغيرها من الخدمات الضرورية.
إلى جانب ذلك، يلفت الكريم إلى التأثير المجتمعي لتوقف المساعدات، موضحاً أن "توقف دخول المساعدات يولد الاعتقاد بأن المجتمع الدولي تخلى عن سكان الشمال السوري، وتركهم للنظام وروسيا وإيران، وهو ما يزيد من محاولات الهجرة غير الشرعية".