ارتفعت نسبة التبخر على المخزون المائي، فيما انخفضت نسبة ملء عدد من السدود الرئيسة في
المغرب إلى حد وصف بـ"التراجع المقلق للغاية"، وذلك مع ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة في جل المناطق المغربية في الأشهر الماضية.
وبحسب البيانات التي نشرتها وزارة التجهيز والماء على موقعها الإلكتروني الرسمي، الاثنين، فإن نسبة ملء السدود الرئيسية في المغرب، "بلغت حتى هذا اليوم، أزيد من 4.37 مليارات متر مكعب، بمعدل ملء يقدر بـ27.2 في المئة فقط، فيما بلغت حقينة السدود، خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، ما يناهز 4.19 مليارات متر مكعب، بمعدل ملء بلغ 26 في المئة"، حسب الوضعية اليومية للسدود الصادرة عن المديرية العامة للماء التابعة للوزارة الوصية.
وتراجعت نسبة ملء السدود إلى 27.45 في المئة، أي ما يعادل تقريبا 4.425 مليارات متر مكعب، في حين كانت في نهاية شهر مايو الماضي عند مستوى 32.52 في المئة، وهو ما يعادل حوالي 5.246 مليارات متر مكعب، بحسب المعطيات التي أدلت بها الوزارة الوصية، الجمعة الماضي.
وتبرز هذه المعطيات "المقلقة"، أن حقينة (نسبة ملء) السدود خلال العام الجاري، وحتى يوم الاثنين، في مستوى أعلى بقليل عن مستويات العام الماضي، بحيث سجل سد الوحدة أهم حقينة والتي بلغت 1.69 مليار متر مكعب، بمعدل ملء يصل إلى 48.1 في المئة، مقابل 44.3 في المئة قبل عام، فيما يأتي سد واد المخازن في المركز الثاني بمعدل ملء يتجاوز 63.4 في المئة، بحقينة تناهز 426.9 مليون متر مكعب.
إلى ذلك، يحتل سد إدريس الأول المرتبة الثالثة بنسبة تبلغ 229.7 مليون متر مكعب، بمعدل ملء يقدر بـ20.3 في المئة مقابل 29.3 في المئة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
أي إجراءات لمواجهة التحذيرات "الجدّية"؟
ووسط ارتفاع عدد التحذيرات "الجدّية" من تفاقم أزمة العطش، الصادرة من المهتمين بالشأن المائي للمملكة، سبق لوزير التجهيز والماء، نزار بركة، أن قال إن "المغرب يسعى إلى توفير ما يناهز 24 مليار مكعب من المياه كسعة تخزين، عن طريق إنجاز 20 سدا جديدا، مقابل 19 مليار متر مكعب التي توفرها السدود الحالية في المواسم الماطرة العادية".
وأشار الوزير المغربي، إلى رفع الحكومة من حجم الإمكانيات المادية الموجهة لحل مشكلة ندرة المياه بالنسبة لبرنامج 2020-2027 بحيث وصلت إلى 150 مليار درهم.
وأكد الوزير، أنه "يتم حاليا الاشتغال مع الوزارات المعنية، على تعاقدات من أجل النجاعة المائية وتجاوز الإشكاليات المطروحة، وذلك في إطار رؤية بعيدة المدى تروم تجاوز إشكال الماء في أفق سنة 2050 بشكل نهائي".
وفي السياق ذاته، يقول الخبير في الماء والبيئة، حكيم الفيلالي، إن "نسبة ملء السدود المغربية، في الفترة الراهنة، ضعيفة جدا، مقارنة مع السنوات الماضية، بالإضافة إلى كونها للأسف، تتوزع بشكل متفاوت، حيث يتركز أكثر من 70 بالمئة منها في حوض سبو، وحوض اللوكوس، بينما تتقاسم الأحواض الأخرى ما يناهز 1 مليار مكعب، أي حوالي 30 بالمئة من المياه المتواجدة في السدود".
وأوضح الفيلالي، في حديثه لـ"عربي21" بأن المغرب حاليا "في وضع حرج، حيث يتجه الأمل إلى أن تتساقط الأمطار في فصل الخريف المرتقب" مشيرا إلى أن "المتخصصين في المناخ حاليا لا يمكنهم التنبؤ بالوضعية المناخية لفصلي الخريف والشتاء، لكن هناك قاعدة، وهي أنه حين تكون الحرارة مرتفعة جدا لأيام طويلة في
فصل الصيف، هذا يعني أن نسبة بخار الماء كبيرة جدا في الغطاء الجوي، مما يعني أنه ينتظر فقط الظروف المناسبة لتكون هناك تساقطات مهمة".
وتابع الخبير في الماء والبيئة، بأنه "في بعض الحالات، رغم أن الحرارة تكون مرتفعة صيفا، فإن السنة تكون جافة، على غرار ما حصل العام الماضي" مبرزا أن التدابير الممكنة التي من شأنها الحد من تداعيات
الجفاف هي "إقامة ما يسمى بالطريق السيار المائي، بين الأحواض التي تعرف فائضا والأحواض التي يعتريها الجفاف، وهو ما يقوم به المغرب حاليا في سياق التدابير الاستباقية".
تجدر الإشارة، إلى أن المغرب شهد خلال السنة الماضية، جفافا حادا، حيث وصل عجز التساقطات إلى 50 بالمئة كمعدل سنوي، الشيء الذي أدّى إلى تسجيل ضعف حاد بالموارد المائية السطحية، أثر على مخزون السدود الذي لم يتجاوز 26 بالمئة في صيف 2022.