أشعل مقتل اليوتيوبر
العراقية طيبة العلي، على يد والدها، احتجاجات واسعة في أنحاء العراق، بخصوص قوانين تتعلق بما يسمى "
جرائم الشرف"، فيما سلطت قضيتها الضوء على كيفية معاملة النساء في بلد لا تزال الأعراف المحافظة هي السائدة فيه.
الشابة التي كانت حياتها مفعمة بالحيوية، واستطاعت بناء قاعدة متابعين عبر الإنترنت تضم أكثر من 20 ألف مشترك، عادت في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، من
تركيا إلى العراق من أجل زيارة عائلتها، وحينها قُتلت على يد والدها.
وتفيد التقارير بأن الطيب علي، والد طيبة، خنقها بتاريخ 31 كانون الثاني/ يناير 2023، حتى الموت، وذلك أثناء نومها؛ ثم سلّم نفسه بعدها للشرطة. إلا أن القتل لم يعتبر "قتلا مع سبق الإصرار" وحُكم على والدها بالسجن ستة أشهر فقط.
من البداية
أسست طيبة العلي قناتها على منصة "
اليوتيوب" مباشرة بعد انتقالها في عام 2017، من موطنها العراق إلى تركيا في سن الـ17 عاما، حيث جذبت عشرات الآلاف من المشتركين، عبر نشرها فيديوهات عن حياتها اليومية، وعن استقلاليتها وخطيبها والمكياج وأشياء أخرى.
خلال سنوات عيشها في تركيا، نشرت العلي عددا من مقاطع الفيديو عن استمتاعها بأسلوب الحياة الذي اختارته بعيدا عن العراق. وفي أول فيديو لها نشرته على قناتها قي "اليوتيوب" في تاريخ تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2021، قالت طيبة: "إنها انتقلت لتحسين تعليمها، لكنها اختارت البقاء لأنها استمتعت بالحياة هناك".
وبعد مرور خمسة أيام على وفاة طيبة، احتج 20 ناشطاً أمام مجلس القضاء الأعلى في بغداد، حاملين عددا من اللافتات من قبيل تلك التي كتب عليها: "أوقفوا قتل النساء" و"أوقفوا (المادة) 409"، وهتفوا: "لا شرف في جريمة قتل النساء"، على الرغم من منعهم من طرف قوات الأمن العراقية.
وبمجرد الكشف عن الحكم الذي صدر في حق والدها، ووصفه بـ"المخفف"، اشتعل غضب النساء العراقيات وناشطات حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم حول افتقار الحماية من العنف المنزلي للنساء والفتيات بموجب القانون العراقي.
وطالبت النساء العراقيات، بتعديل عدد من المواد القانونية المتضمن عليها قانون العقوبات العراقي، من قبيل المادة 41، حيث تعد "معاقبة الزوجة من قبل زوجها" و"تأديب الوالدين... للأطفال الخاضعين لسلطتهم في حدود معينة" حقوقاً قانونية.
كذلك، المادة 409 التي تنص على أن "من فوجئ بزوجته متلبسة بممارسة الزنا أو وجد صديقته في فراش مع عشيقها فقتلهما في الحال أو قتل أحدهما أو اعتدى على أحدهما حتى الموت أو تسبب لأي منهما في عاهة مستديمة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على الثلاث سنوات".
وفي هذا السياق، نقل موقع "بي بي سي" قول الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة، ليلى حسين، "إن عمليات القتل هذه غالبا ما تكون متجذرة في كراهية النساء والرغبة في السيطرة على أجسادهن وسلوكهن".
وأضافت: "إن استخدام مصطلح "جرائم الشرف" يمكن أن يكون ضارًا بالضحايا وعائلاتهم؛ إنه يعزز فكرة أنهم مسؤولون بطريقة أو بأخرى عن وفاتهم، وأنهم جلبوا ذلك على عاتقهم من خلال القيام بشيء خاطئ أو مخزٍ".
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، اللواء سعد معن: "لقد وقع حادث لطيبة العلي، من منظور القانون، هو حادث إجرامي، ومن وجهة نظر أخرى، فهو حادث قتل للدفاع عن الشرف" مشيرا إلى أن "طيبة ووالدها دار بينهما نقاش محتدم أثناء إقامتها في العراق".
وأضاف اللواء معن، في تصريحه لـ"بي بي سي"، أن "الشرطة حاولت التدخل في اليوم السابق لمقتلها؛ حيث تعاملت القوات الأمنية مع القضية بأعلى معايير المهنية وطبقت القانون"، موضحا أنهم "باشروا تحقيقاً أولياً وقضائياً وجمعوا كل الأدلة وأحالوا الملف إلى القضاء لإصدار الحكم".
أي حل للحد مع "جرائم الشرف"؟
قالت رئيسة الجبهة الوطنية للكتلة الكردية في البرلمان العراقي، آلاء طالباني، إن "النساء في مجتمعاتنا رهينة للعادات الرجعية بسبب غياب الرادع القانوني والإجراءات الحكومية التي لا تتناسب حاليا مع حجم العنف الأسري".
ودعت طالباني، زملاءها من النواب والنائبات، إلى "إقرار مشروع قانون لمكافحة العنف الأسري، الذي يحمي بوضوح أفراد الأسرة من أعمال العنف، بما في ذلك جرائم القتل والأذى الجسدي الجسيم".
وطالبت طالباني، الحكومة العراقية كذلك، بـ"دعم القوانين والسياسات الرامية إلى منع العنف ضد النساء والفتيات، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمعالجة الإفلات من العقاب من خلال ضمان تقديم جميع مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة وحماية حقوق النساء والفتيات".
كذلك، كشفت بعثة الأمم المتحدة في العراق أن ما وصفته بـ"المقتل البغيض لطيبة" كان "تذكيرا مؤسفا بالعنف والظلم اللذين لا يزالان قائمين ضد النساء والفتيات في العراق اليوم".
تجدر الإشارة إلى أن تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن 5000 امرأة وفتاة في جميع أنحاء العالم يُقتلن على أيدي أفراد أسرهن كل عام في حوادث "جرائم الشرف".