قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن قوات
الاحتلال تنفذ نهج تهجير المدنيين، بارتكاب المجازر المروعة في مدينة
غزة
وشمالها، من خلال عمليات قتل ميداني واعتقالات عشوائية تعسفية تطال النساء، والتنكيل بهن.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في تقرير له
اليوم الاثنين، أرسل نسخة منه لـ
"عربي21"، أن الجيش الإسرائيلي صعد
حملات التنكيل المتعمدة والاعتقالات التي تطال مئات المدنيين منذ عدة أيام لنازحين
في مراكز إيواء، ومن داخل منازل سكنية، وسط انتهاكات مروعة ترافق ذلك.
وأشار إلى أن المعتقلين يتم تجريدهم من
ملابسهم وتقييد أيديهم، والتنكيل بهم، بما في ذلك إجبارهم على الجلوس على ركبهم في
مناطق مفتوحة، وتعرضهم للضرب المبرح، والمضايقة، والطقس القاسي، والحرمان من
الضروريات الأساسية.
ووثق المرصد الأورومتوسطي استخدام قوات
الجيش الإسرائيلي معتقلين كدروع بشرية لاقتحام المنازل السكنية والفتحات التي
يعتقد أنها أنفاق أرضية في عدة مناطق يتوغل فيها بريا.
وقال إن القوات الإسرائيلية فجرت
منازل سكنية في أطراف أحياء (الزيتون) و(التفاح) و(الشجاعية) في مدينة غزة، بعد
اقتحامها بوحشية، والاعتداء بالضرب على الذكور فيها، وتعريتهم من ملابسهم.
كما تلقى المرصد إفادات عن اعتقالات
لفتية وشبان وهم ينزفون وجرحى؛ بفعل استهدافهم بإطلاق الرصاص الحي بشكل مباشر
وعمليات التعذيب والضرب المبرح، إلى جانب عمليات سرقة للممتلكات في المنازل المستهدفة.
ووثقت إفادات لفريق الأورومتوسطي اقتحاما وحشيا نفذه الجيش الإسرائيلي لمنزل عائلة (أبو زور) في حي (الزيتون) جنوب
مدينة غزة يوم الجمعة الماضي 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بعد حصار العشرات منهم
لأيام.
وقالت السيدة "غصون أبو زور"
لفريق الأورومتوسطي، إن القوات الإسرائيلية حاصرتهم داخل المنزل لمدة 12 يوما، ثم
باغتتهم بإطلاق قذائف على باب منزلهم واقتحامه بإطلاق الرصاص، ما أوقع عدة إصابات
في صفوف المتواجدين فيه.
وذكرت أنه تم إطلاق النار على الرجال، وتعريتهم، واعتقالهم جميعا مع النساء والأطفال، وفي أثناء إخراجهم بالشاحنات قاموا
بدهس عدد من القتلى كانوا ملقين في محيط المنازل.
وأضافت أن جنديا إسرائيليا هدد الفتاة
"ريم أبو زور" بالاغتصاب أمام مرأى أفراد عائلتها، لكنها صرخت في وجهه، قائلة إنها "تفضل قتلها بالرصاص على ألّا يقترب منها أحد".
وذكرت "غصون أبو زور" أنه تم
الإفراج عن النساء بعد ساعة من احتجازهن وتركهن حفاة تنزف الدماء من أقدامهن، وإجبارهن على النزوح باتجاه مستشفى (الأقصى) في دير البلح وسط قطاع غزة مشيا على
الأقدام، حيث يمكثن هناك دون مأكل أو مأوى، وسط قلق على مصير أزواجهن وأبنائهن
المعتقلين.
فقد اعتقلت القوات الإسرائيلية جميع
الذكور من العائلة، بما في ذلك أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و13 عاما، ولاحقا تم
الأفراج عن الأطفال بعد يومين، بعد تعرضهم للتعذيب الشديد، بينما ما يزال طفلان من
العائلة معتقلين هما "أنس زهير أبو زور" و"أحمد نبيل أبو زور"
(17 عاما)، إضافة إلى 20 رجلا.
ومن بين المعتقلين حسب توثيق
الأورومتوسطي، "عماد عيد أبو زور"، وهو مريض مقعد، وشخص آخر من ذوي
الاحتياجات الخاصة "سامر إبراهيم أبو زور"، ومريض قلب هو "صخر أبو
زور"، الذي قتلت القوات الإسرائيلية أبناءه الاثنين، إضافة إلى "عماد
عيد أبو زور" الذي يعاني من إصابة بالجمجمة بفعل شظايا صاروخ إسرائيلي.
وفي السياق، تلقى المرصد إفادات باقتحام
قوات إسرائيلية منزل عائلة "أبو الخير" في حي (الزيتون) جنوب مدينة غزة، وإعدام المسن "صابر أبو الخير" (71 عاما) بإطلاق الرصاص الحي عليه وهو طريح
الفراش، واعتقال جميع الرجال من داخل المنزل بعد الاعتداء عليهم بالضرب.
كما أظهرت إفادات باقتحام مماثل من
القوات الإسرائيلية لمنزل "عودة" من حي (الزيتون) واعتقال 13 فردا من
داخله، واستجوابهم، وتعذيبهم أمام نسائهم، ومن ثم إخراج جميع أفراد العائلة بالقوة، ونسف المنزل بتفجيره.
وبحسب الإفادات، تم إجبار النساء على
المشي سيرا على الأقدام باتجاه جنوب قطاع غزة، فيما تم احتجاز الرجال على مدار
يومين، تعرضوا خلالها للتعذيب والتنكيل الشديدين، قبل أن يتم الإفراج عن اثنين منهم
وكلاهما مسنّ، وهما بحالة صحية شديدة السوء، بينما لا يزال مصير بقية المعتقلين
مجهولا.
وأدان المرصد الأورومتوسطي بشدة ما
يرافق اعتقالات الجيش الإسرائيلي العشوائية من انتهاكات مروعة بحق نساء وفتيات، عبر
الاعتداء عليهن بالضرب، وتهديدهن بالاغتصاب، واعتقال بعضهن.
ووثق المرصد اعتقال عدد كبير من النساء
من مناطق متفرقة في مدينة غزة وشمالها، من بينهن الفتاة "ف.ب" التي تم
رصد نقلها في ظروف غير آدمية على متن شاحنة مع رجال تم تعريتهم.
وقالت "ن.ب" لفريق
الأورومتوسطي بعد اعتقالها والإفراج عنها لاحقا، إن القوات الإسرائيلية اعتقلتها
مع شقيقتها بشكل وحشي من داخل منزلهما في حي الزيتون، وتعرضتا للضرب والتنكيل، قبل أن
يتم إطلاق سراحها، فيما لا يزال مصير شقيقتها مجهولا. كما تعرضت الشابة (إ.ح)
للتعذيب والإهانة من أطراف حي (التفاح) جنوب شرق مدينة غزة.
وأبرز المرصد أن مصير مئات المعتقلين، بما في ذلك نساء، لا يزال مجهولا، في ظل شهادات عن تعرضهم لعمليات تنكيل وحشية، وتعذيب جسدي ونفسي، ومخاوف من تعرضهم لعمليات إعدام ميدانية.
وفي خانيونس جنوب قطاع غزة، وثق
المرصد الأورومتوسطي إصابة نازح في مدرسة (الكرمي) في بلدة عبسان شرق المدينة؛ إثر
قنصه من قوات إسرائيلية تحاصر نحو 3 آلاف نازح داخل المدرسة، لدفعهم للنزوح إلى رفح
أقصى جنوب القطاع.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 1.9
مليون شخص في غزة، أو ما يقرب من 85% من السكان، أصبحوا نازحين داخليا، منهم حوالي
1.1 مسجلون في 97 ملجأ للأمم المتحدة في جنوب القطاع.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنه بينما
تعلن أطراف المجتمع الدولي رفضها سياسة التهجير بحق المدنيين في غزة، فإن إسرائيل
تطبقها عمليا بالقوة ،وتتعمد الانتقام من كل من رفض منهم إخلاء مناطق سكنهم، بما
يرقى إلى مستوى جريمة حرب تتمثل في الترحيل القسري.
وشدد على أن مثل هذا الإجراء يمثل
انتهاكا صارخا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على القوة القائمة
بالاحتلال من مباشرة نقل قسري (ترانسفير) للسكان، أو ترحيل أي من الأشخاص
المشمولين بالحماية في الإقليم الذي يقع تحت الاحتلال.
وتحظر قوانين الحرب "أعمال العنف
أو التهديد به، الرامية أساسا إلى بث الذعر بين السكان المدنيين"، وتندرج تحت
هذا الحظر البيانات الداعية إلى إخلاء مناطق، والتي لا تشكل تحذيرات حقيقية، بل
يُراد منها تخويف السكان المقيمين، أو بث الذعر في نفوسهم، أو إجبارهم على ترك
منازلهم.
ومنذ 7 أكتوبر/
تشرين الأول، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى مساء الأحد 17
ألفا و997 شهيدا، و49 ألفا و229 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في
البنية التحتية، و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية
فلسطينية
وأممية.