زادت
عمليات تبادل القصف بين قوات النظام السوري والجيش التركي في مناطق شمال غرب
سوريا
التي تشهد تصعيداً من جانب النظام السوري، وهو ما بدا جلياً خلال يوم الخميس، حيث قصف
الجيش التركي بالمدفعية الثقيلة بعض المواقع التابعة للنظام في ريف حلب الغربي، رداً
على استهداف محيط قاعدة تابعة له شرق مدينة الأتارب بريف حلب الغربي.
يأتي
ذلك، في وقت يواصل فيه النظام السوري استهداف مناطق إدلب وريفها وأرياف حلب المتصلة
بها بالقذائف الصاروخية والمدفعية منذ أكثر من شهر، وسط غارات من الطائرات الروسية.
وذكرت
مصادر ميدانية لـ"عربي21" أن قوات النظام استهدفت بصاروخ موجه القاعدة التركية
بمحيط الأتارب، ليرد الجيش التركي بقصف مدفعي على مواقع النظام القريبة من القاعدة.
وقبل
أيام، أكدت وسائل إعلام تركية أن مقاتلات تركية من طراز "F-16" كانت قد حلقت
في أجواء إدلب
بالتنسيق مع روسيا، بعد اقتراب طائرة "مسيرة" مجهولة من قواعدها
في المنطقة.
ويضع
محللون التصعيد الحاصل في إطار الرسائل بين النظام السوري وإيران من جهة وتركيا من
جهة أخرى، بسبب الخلافات و"توقف" مسار
التطبيع بين
تركيا والنظام السوري.
زيادة
الضغط على تركيا
ويؤكد
المسؤول السياسي في "الجيش الوطني" هشام اسكيف أن ما يجري من تسخين عسكري،
هو بهدف الضغط على تركيا في أكثر من ملف، وفي مقدمتها مسار التطبيع مع النظام السوري،
إلى جانب قطع الطريق على التفاهمات التركية الأمريكية في سوريا، التي تستهدف حكماً
الوجود الإيراني والروسي.
ويضيف
لـ"عربي21" أن ما يبدو من التصريحات التركية أن أنقرة لم تعد تعير أي اهتمام
لملف التطبيع مع النظام، وخاصة أن الأخير يشترط انسحاب الجيش التركي من سوريا.
وقال
اسكيف إن "مسار التطبيع تحول إلى موضوع للسجال السياسي، وتركيا غادرت هذا الملف،
في حين يحاول النظام بتنسيق مع إيران جر المنطقة إلى حرب أو مواجهة جديدة".
وحول
تبادل القصف، يرى أن تركيا تظهر قوة ردع كبير، حيث تم استهداف مواقع عسكرية "حساسة"
لقوات النظام وإيران في سراقب بريف إدلب.
من جهته،
يستبعد المحلل العسكري النقيب عبد السلام عبد الرزاق أن يكون تبادل القصف على صلة بمسار
التطبيع بين تركيا والنظام السوري.
اشتباكات
تفرضها الجبهات
ويضيف
لـ"عربي21" أن جبهات الشمال السوري تشهد بشكل دائم اشتباكات وعمليات قصف
متبادل، وهذه التطورات تفرضها ظروف الجبهات العسكرية، ولا علاقة لها بالشق السياسي.
ويوضح
عبد الرزاق أنه "نتيجة وجود القوات على طرفي خطوط التماس، فإنها تُسجل اشتباكات بصرف
النظر عن محاولات ضبط النفس".
وتتوزع
نقاط انتشار الجيش التركي في الشمال السوري على نحو 130 قاعدة عسكرية متوزعة في مناطق
إدلب وريفها، وأرياف حلب الشمالية والشرقية، فضلاً عن ريفي الرقة والحسكة.
في أواخر
العام 2022 توجهت تركيا بشكل رسمي نحو تطبيع علاقتها مع النظام السوري بدعم من روسيا،
لكن نتيجة المحطات الخلافية يبدو أن هذا المسار لم يُثمر، بدلالة عدم حصول لقاء مباشر
بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد للآن.
والواضح
أن الوجود العسكري التركي في الشمال السوري يعد أبرز النقاط الخلافية، حيث يطالب النظام
أنقرة بسحب قواتها من سوريا، وترد تركيا بأن تحقيق ذلك هو رهن الانتهاء من خطر التنظيمات
"الإرهابية" وتوافق النظام والمعارضة على دستور جديد ينهي حالة الصراع.
وفي
مطلع العام 2024، قال وزير الخارجية التركية هاكان فيدان، إن أولوية بلاده في سوريا
هي إنهاء الصراع القائم بين النظام والمعارضة ومنع نشوب صراع جديد بين الجانبين، مؤكداً
أنه يمكن "نسيان الكراهية بينهما (النظام والمعارضة)".
وتعليقاً،
يقول عبد السلام عبد الرزاق إن تركيا ما زالت راغبة في تطبيع علاقتها مع النظام السوري
بأي ثمن، "لكن دون أن يكون الثمن سحب قواتها من سوريا".
أما
الكاتب والمحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو، فيقول لـ"عربي21" إن القصف
المتبادل يؤكد استحالة استمرار مسار التطبيع بين تركيا والنظام في ظل استمرار التهديدات
للأمن القومي التركي، وفي ظل الخروقات للاتفاقات المبرمة بين تركيا والقوى الفاعلة
على الأرض السورية.
ويضيف
أنه في ظل دعم وتعاون النظام مع المجموعات التي تعتبرها تركيا "إرهابية"،
فإن أنقرة لن تتوانى عن التعامل مع التهديدات، مشدداً على أن بلاده عازمة على المضي في
استهداف مصادر تهديد أمنها القومي.
وتابع
كاتب أوغلو، بأن التطبيع بين تركيا والنظام السوري لن يكون على حساب أمن بلاده القومي،
مختتماً بقوله: "تعرض الشمال السوري للتصعيد يتعارض مع تفاهمات تركيا في سوريا".