تكثيف
الاغتيالات الصهيونية المستهدفة للجنرالات
الإيرانيين في
سوريا، دفعت المسؤولين الإيرانيين والمقربين من الدوائر السلطوية
فيها إلى كسر الصمت، وتوجيه اتهامات مباشرة إلى النظام السوري في الضلوع بهذه
الاغتيالات. فمقتل رئيس مخابرات فيلق القدس حاج صادق أميد زاده، ومساعده غلام، المعروف
باسم الحاج محروم، بالإضافة إلى ثلاثة من الجنرالات الإيرانيين، كشف عن نقطة ضعف
خطيرة في قيادة الحرس الثوري الإيراني، فإن كان رئيس وحدة المخابرات عاجزا عن
حماية نفسه، فكيف سيكون مسؤولا عن حماية غيره، فضلا عن حماية فيلقه المختص
بالعمليات الخارجية؟
اتهام عضو اللجنة الأمنية في البرلمان الإيراني إسماعيل
كوثري لجهات سورية محلية بالتعاون مع
إسرائيل في اغتيال مستشاري الحرس الثوري
الإيراني على الأراضي السورية؛ لم يكن نشازا، فقد ترافق مع تصريح مسؤول القسم
السياسي والإخباري في الإذاعة الإيرانية باللغة العربية مصدق بور، حين اتهم أجنحة
في المخابرات السورية بتسريب مواقع المستشارين الإيرانيين الذين قتلوا في الغارة
الأخيرة، مضيفا أن هذا العمل يحصل فقط على الأراضي السورية.
استهداف الشخصيات الإيرانية على الأراضي السورية ليس
وليد اللحظة، ولا وليد الثورة السورية، وإنما سبقها استهداف عماد مغنية وسط
العاصمة دمشق في الثاني من شباط/ فبراير 2008، ليبدأ مسلسل اغتيالات ما بعد
الثورة، فقتلُ مصطفى بدر الدين في أيار/ مايو عام 2016، وهو الذي تسلم العمل
العسكري بعد مقتل مغنية، أكد على أن هذه الاختراقات مستمرة. وقبل هذا بعام تم
اغتيال جهاد مغنية، ابن عماد، في حزيران/ يونيو من عام 2015 على الحدود مع الجولان
السورية، وخلال الأسبوع الماضي قتل المستشار الإيراني رضي موسوي وسط دمشق، ومن قبل
تم اغتيال قاسم سليماني بعد مغادرته مطار دمشق بساعات متوجها إلى بغداد.
إيران باتت تعتقد أن النظام السوري لم يعد راغبا في
توريد السلاح لحزب الله عن طريقه، وتحديدا باستخدام مطار دمشق، لأن المطار غدا
هدفا للطيران الصهيوني تحت هذه الذريعة، ولذا قد يكون الحديث الإيراني عن إنشاء
قاعدة عسكرية قرب المطار من أجل تفادي التململ السوري، وتجنيب مطار دمشق القصف
المتواصل والمستمر، وإغلاقه بالتالي أمام حركة المسافرين.
لعل مهاجمة رأس النظام السوري بشار الأسد لحركة
المقاومة الإسلامية حماس، في مقابلته التلفزيونية قبل طوفان الأقصى، يصبُّ في هذا
السياق، إذ إنه منذ البداية وحتى النهاية لم يكن راغبا بإعادة العلاقات مع حماس،
لكن الضغط الإيراني أجبره على ما يبدو على ذلك، ولكن وعلى الرغم من إعادتها ظاهريا
العلاقة، ظل يعمل ضدها.
ولا يُستبعد أن يكون التقارب السعودي الأخير مع النظام
السوري؛ إن كان بالاستعداد لإعادة ملف الحج للنظام بدلا عن المعارضة، والاستعداد
لفتح السفارة السعودية في دمشق، له علاقة بما يجري من تسريب إحداثيات المستشارين
الإيرانيين للطرف الإسرائيلي.
فالنظام السوري المعروف ببراعة في التجارة، لجأ اليوم
إلى الاتجار بتجارة الإحداثيات، بعد تجارته المعروفة بالمخدرات والكبتاغون والتي
جلبت له دعما ماليا، ولكن بالمقابل جلبت له غضبا دوليا وحتى من الدول التي دعت إلى
التقارب معه وتطبيع العلاقات معه، كما حصل أخيرا مع الأردن.