قضايا وآراء

سامح شكري.. لا سمح الله!!

تصريحات شكري، لم تخرج ما بداخله وحده، بل دلت على نظرة هذا النظام لأهل غزة ومقاومتها، وجعلت الشعوب تشعر بريبة شديدة تجاه هذا الجار الكبير، هل يؤتمن نظامه في أن يكون طرفا في مفاوضات بين أهل غزة والكيان الصهيوني؟ الأناضول
تعيش مصر ـ كسلطة الآن ـ مرحلة من أسوأ مراحلها من حيث السياسة، ومن حيث التصريحات التي تهيل التراب على تاريخ عريق للدبلوماسية المصرية، فقد كان في جلسة ضمن مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث تداخلت تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل السابقة، وتكلمت عن حماس، كلاما من الطبيعي خروجه منها، بحكم وظيفتها السابقة، وموقفها كشخصية سياسية في الكيان الصهيوني.

لكن من غير الطبيعي ما قام به سامح شكري وزير خارجية مصر بالتعقيب عليها، بتأييدها في كل ما قالته، وكأنها تمثل السلام والبراءة، بينما أعداؤها يمثلون العنف، ثم يخرج ما بداخله ويمثله ويمثل نظامه، بأن كان الأولى حساب من أعطى هذه القوة والتمويل لحماس، وهو ما لم يحدث للأسف، حسب قوله.

الملاحظ أن التصريحات السياسية، والأخبار التي تخرج منذ طوفان الأقصى، لا تمثل تاريخ مصر المعروفة باتزان كبير في هذه التصريحات، والتي كانت مصر تحرص لفترة على أن يكون منصب وزير الخارجية يشغله شخص يليق بالمكان والمكانة لمصر، حيث ارتبطت مصر لفترة طويلة بوضع أشخاص في هذا المنصب الخطير يليقون به.

وتكون تصريحاته منضبطة إلى حد كبير فيما يتعلق بسياق القضية الفلسطينية، لكن شكري أخرج ما يعبر عنه وعن نظامه في الموقف الحقيقي من غزة وأهلها، ولم يكن منتظرا منه مناصرتهم، أو مناصرة مقاومتهم، لا سمح الله، على حد قول أبي عبيدة، الذي أصبحت كلمته نموذجا يستدعى لمثل هذه المواقف المخزية.

إذا كان الكيان سعيدا بتصريحات سامح شكري، وبات ليلتها قرير العين، أن هناك صوتا يخرج من كبرى العواصم العربية، يؤيد إجرامه، ويقف إلى جانبه في محافل دولية، وهو كيان غير محتاج لمثل هذه الوقفة، فقد وقفت معه كبرى الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا، بالمال والسلاح والفيتو.
هذا الموقع السيادي المهم، منصب وزير الخارجية المصري، سبقه إليه أشخاص في مختلف العهود، كانوا يضعون نصب أعينهم القضية الفلسطينية، بل رأينا وزير خارجية مصر وقت السادات، يقدم استقالته، لإقدام السادات على معاهدة كامب ديفيد. وظل خطاب الخارجية المصرية متوازنا إلى حد ما، إلى أن جاء أحمد أبو الغيط وبدأت التصريحات تخرج عن إطار العروبة والمصرية المعروفة، حتى صرح تصريحه الخائب، حين قال: من سيخطو خطوة من أهل غزة نحو مصر، سنقطع رجله. وصار المصريون يتندرون على أقواله، ويطلقون على اسمه: أبو الغائط، لا الغيط.

تصريحات شكري، لم تخرج ما بداخله وحده، بل دلت على نظرة هذا النظام لأهل غزة ومقاومتها، وجعلت الشعوب تشعر بريبة شديدة تجاه هذا الجار الكبير، هل يؤتمن نظامه في أن يكون طرفا في مفاوضات بين أهل غزة والكيان الصهيوني، وإلى أي جهة سيميل، إذا كان وزير خارجيته يلقى تسيبي ليفني بالابتسامات، بينما التجهم والغلظة تكون لأهل غزة.

وفي ظل هذه التصريحات وغيرها مما علقنا عليه من قبل، يخرج معدن الشعب المصري الأصيل، في رجل عامي مصري على فطرته، بائع فاكهة، يرى شاحنات تحمل بعض ما يستحق أهل غزة من إغاثة، فيجري مسرعا، يلقي بعض حبات اليوسفي (البرتقال) على الشاحنة، ورغم أنه ربما لا تصل هذه الحبات من البرتقال لأهل غزة، إلا أن مضمون الرسالة وصل، وعبر تعبيرا كبيرا، أهاج المشاعر الجياشة، من الشعبين: المصري والفلسطيني.

إذا كان الكيان سعيدا بتصريحات سامح شكري، وبات ليلتها قرير العين، أن هناك صوتا يخرج من كبرى العواصم العربية، يؤيد إجرامه، ويقف إلى جانبه في محافل دولية، وهو كيان غير محتاج لمثل هذه الوقفة، فقد وقفت معه كبرى الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا، بالمال والسلاح والفيتو.

فإن كان للكيان هذه الوقفات الرسمية، فإن موقف عم ربيع الصعيدي البسيط، كانت رسالته أبلغ وأقوى، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يقارن الناس بين الموقفين، ولا بين الشخصين، لأنها لم تكن رسالة تحمل الشوق والحب لأهل غزة فقط، بل كانت تعلن على الدوام، أن مستقبل التطبيع بين بلادنا والكيان، مستقبل ضائع، بل هو سراب، وأن مجرد وضع سامح شكري وعم ربيع في سياق مقارنة لا سمح الله، لن ترجح فيه إلا كفة هذا المصري البسيط، بحبات برتقاله الرمزية والمعبرة عن الموقف الذي ينبغي أن تقوم به الدول نحو غزة وأهلها، لا الموقف المخزي الذي عبر عنه سامح شكري.

Essamt74@hotmail.com