بعد مرور ما
يقرب من 20 يوما على أداء رئيس النظام عبد الفتاح
السيسي، اليمين الدستورية في 2
نيسان/ أبريل الجاري، تتجه الأنظار في ترقب إلى حكومة
مصطفى مدبولي، وهل سيتم
اتخاذ أي قرار بتغيير في
الحكومة المصرية أو في حركة المحافظين، أو الهيئات
الحكومية، خاصة في ظل معاناة ملايين المصريين من وضع معيشي صعب؟
وبحسب الأعراف
السياسية المتبعة فإنه كان من المحتمل أن تقدم حكومة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي استقالتها،
كما أنه كان يتوجب على السيسي كرئيس للسلطة التنفيذية الإعلان عن تعديل في تشكيل الحكومة
ورئيسها، أو تغييرها بالكلية، أو تجديد الثقة فيها.
لكنه حتى الآن،
وبالمخالفة للأعراف السياسية؛ ما زال السيسي، يُبقي على حكومة مدبولي، قائمة دون
قرار رسمي بمستقبلها، كما أنه لم يقم بتعيين محافظين جدد، أو يصدر قرارا رسميا
بالإبقاء عليهم.
ووفق الدستور
المصري فإن 26 محافظا يعدون في حكم المنتهية ولايتهم مع حلف السيسي اليمين الدستورية،
ومن آن إلى آخر تظهر بعض التكهنات الصحفية التي تعرض لأسماء محافظين جدد من
القيادات العسكرية والشرطية.
الإعلامي
والبرلماني المقرب من جهات أمنية مصطفى بكري، أكد عبر فضائية "صدى
البلد" المحلية مساء الجمعة، أن كافة المؤشرات تشير إلى بقاء الدكتور مصطفى
مدبولي في منصبه، مع تعديل نحو 15 حقيبة وزارية.
ونقل بكري، عن
مصادره، أن عددا من الوزراء طلبوا إعفاءهم من مناصبهم نظرا لظروفهم الصحية، وأن
هناك عددا من وزراء المجموعة الاقتصادية والخدمية سيبقون في مناصبهم، وبعضهم سوف
يتم تغييره.
مدبولي، الذي
رأس وزراء مصر مدة 6 سنوات، يعد أكثر رؤساء حكومات عهد السيسي بقاء في منصبه، حيث إنه يرأس الحكومة منذ حزيران/ يونيو 2018، وأجرى السيسي تعديلات متتابعة على تشكيل
حكومته، كان أوسعها منتصف 2022، بتعديل شمل 12 حقيبة وزارية.
وفي الوقت الذي
لم يحدد فيه مصطفى بكري، موعدا لتلك التعديلات التي أشار إليها، إلا أن الإعلامي
محمد الباز، توقع التعديل الوزاري في حزيران/ يونيو المقبل، مشيرا إلى أنه من
المنتظر تغيير في وجوه قوية في الوزارة.
لكن المتحدث
الرسمي باسم مجلس الوزراء محمد الحمصاني، لم يستطيع تحديد موعد للتعديل الوزاري،
نافيا علمه بوجود تعديل وزاري قريب، معتبرا أن هذه تكهنات، والأمر
يعود لمؤسسة الرئاسة.
وفي قراءته للمشهد
السياسي قال السياسي المصري مجدي حمدان موسى، إن "هناك اعتقادا خاطئا بوجود نص
دستوري بتغيير الوزارة"، وأوضح لـ"
عربي21"، أن "العرف
السياسي المتعارف عليه أنه عند حلف الرئيس اليمين الدستورية أو حصوله على مدة
رئاسية جديدة أن تتقدم الوزارة بالاستقالة، والأمر مجرد عرف سياسي، وليس نص قانون
أو مواد دستور".
"ماذا عن مدبولي؟"
ورد السياسي
المصري، على سؤال الشارع المصري والإعلام، حول احتمالات الإبقاء على حكومة مصطفى
مدبولي منفذة أغلب قرارات السيسي بالسنوات الأخيرة، حتى استكمال استلام قروض صندوق
النقد الدولي والبنك الدولي والدعم الأوروبي، وتنفيذ خطط البيع للشركات العامة.
وتوقع
"الإبقاء على رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، كونه رجلا يقوم بتنفيذ السياسات
المرسومة له، ولا يخالف رئيس السلطة التنفيذية، وبينهما توازنات، خاصة أن السيسي
يرى فيه رجلا يؤدي بمنهجية الأدوار المرسومة له"،
مضيفا أنه رغم ذلك فإن
تغيير الوزارة يخدم السيسي بشكل أكبر خاصة في ظل تفاقم حالة الغضب الشعبي من تلك
الحكومة بفعل الأسعار والغلاء والفقر.
وأكد أنه
"لا بد من تغيير الوجوه البالية بأي شكل، حتى مؤيدي السيسي يرون ذلك"،
معتقدا أنه "سيكون هناك تغيير وبلا جدال بالوزارة، متوقعا أن يتم تغير بعض الوزراء
"ليس من الضرورة الإبقاء عليهم، مثل الصحة، والآثار، والسياحة، والاتصالات،
والتموين التي عليها لغط كبير، بجانب التعليم، والبيئة، والهجرة، وكلها وزارات ليس
لها مردود إيجابي أو وزراء لم يكن لهم مردود شعر به المواطن"، وفق قوله.
يرى موسى، أن
"الإبقاء على مدبولي رسالة مهمة للخارج ورسالة للداخل"، في ظل ما يثار عن أن الإبقاء على مدبولي يعطي
رسالة للخارج (دول وحكومات ومستثمرين وهيئات دولية) باستكمال نفس السياسات
الاقتصادية ومنها بيع الأصول وطمأنة المقرضين على أموالهم.
وأضاف: "هي
للخارج أكثر؛ لأن هذه الفترة التي تمر بها مصر هناك تفاهمات ومراجعات مع صندوق
النقد الدولي وإجراءات يطالب بتنفيذها لا تحتاج تغيير الوجوه بقدر ما تحتاج إلى
شخص ينفذ تلك الالتزامات التي تم الاتفاق عليها".
وبشأن الجدل
المثار إثر نقل وزير النقل الفريق كامل الوزير، بعض صلاحيته لأحد نوابه، وما فهمه
البعض أنها قد تكون مقدمة لتغيير الوزير القريب من السيسي، لا يعتقد السياسي
المصري، بتغيير كامل الوزير.
وأكد أنه
"رجل يعمل من وجهة نظر السلطة التنفيذية في سياسات مرسومة مقدما"، موضحا
أن "نقل صلاحيات أي وزير لنائبه أو مسؤول بوزارته نص لائحي متعارف عليه وفقا
للمادة (970 من اللائحة)، ولذا فإن تغيير كامل الوزير، أمر بعيد تماما عن الواقع".
أما بخصوص حركة
المحافظين فأكد موسى، أن "هناك نصا دستوريا صريحا ينص على أن يكون هناك تغيير
شامل للمحافظين إثر حلف الرئيس اليمين الدستورية، وأعتقد أن حركة المحافظين لم
تتأخر وأنها قد تصدر خلال أسبوع".
ولفت إلى أن
"السيسي حلف اليمين الدستورية بداية الشهر الجاري ولم تمر فترة كبيرة، ولذا
فالأمر ما زال في إطار الدستورية ولا توجد مخالفة هنا، وأعتقد أنه ينتظر تقارير
الجهات الرقابية بشأن المحافظين الحاليين للإبقاء على البعض أو تغييره".
وألمح موسى، إلى
بعض الأنباء الصحفية المنشورة السبت، بموقع "مصر تايمز" المحلي، عن
احتمالات تعيين اللواء أشرف الجندي كمحافظ للقاهرة أو الجيزة، واللواء هشام
أبو النصر لأسيوط، واللواء حسام الباز لسوهاج، وهي الأنباء التي لم تتأكد حتى كتابة
هذه السطور.
"مدبولي.. نموذج أمثل"
وفي قراءته، قال
السياسي المصري وليد مصطفى: "لتوضيح الصورة فإن التغييرات الوزارية أو
تعديلات المحافظين والهيئات عندما يكون المطالبين بها أصحاب قوة يتم تنفيذها".
عضو حزب
"الوسط" المصري المعارض، أوضح فكرته لـ"
عربي21"، مبينا أنه
"لو كانت الانتخابات المصرية (رئاسية أو برلمانية) انتخابات حقيقية وكانت
تمثل الشعب المصري ومطالباته ورؤيته لكيفية إدارة الدولة، فالسلطة الموجودة سيكون
شغلها الشاغل إرضاء هذا الناخب حتى تستمر في السلطة، وهذا لم يحدث".
وتابع:
"ومع عدم وجود دور للشعب في الانتخابات ولا إرادة له، هنا تكون النتيجة
الطبيعية أن يصبح من صنع المشهد هو صاحب القرار، يقوم بتغييرات في الوزارات
والحكومة أو المحافظين، أو لا، فهذا أمر خاص به".
ويرى مصطفى، أن
"حكومة مدبولي، نموذج ممتاز للسلطة الحالية؛ فهو مدني من عائلة عسكرية، وهذا
أمر جيد من الناحية الأمنية، وفي ذات الوقت مدني ليس لديه طموح الشخصية القيادية
أو الظهور وهو راض بوضعه الحالي، وهذا مرض كثيرا للسلطة التي لا تريد لشخصية أن تظهر".
وتساءل:
"على سبيل المثال، هل يصلح السيد عمرو موسى وزير الخارجية المصري الأسبق في
عهد حسني مبارك، أن يكون رئيسا للوزراء في الوقت الحالي؟ أو هل يصلح أن يكون
نائبا للرئيس؟ أو مستشارا له؟ أو في أي منصب رفيع مع هذه السلطة؟"، مجيبا:
"بالطبع: لا".
وعاد للتساؤل:
"هل ذلك لأن عمرو موسى ليس لديه الكفاءة؟"، ليجيب مجددا بذات الإجابة: "بالطبع: لا"، مؤكدا أن "لديه الكثير من الخبرات، ولكن لديه شخصية
وتلك الشخصية ستظهر، وبالتالي ستطغى على الشخصية الموجودة وتكون النتيجة كارثية،
ولذلك فإن مدبولي في مكانه المناسب بحسب رؤية السلطة".
وتابع:
"الظهور والحضور شيء كارثي عند السلطة، وهو ما تكرر في 2012، مع حكومة
الإخوان المسلمين خلال عام حكم حزب (الحرية والعدالة) والذي أتى بطريقة
ديمقراطية"، مشيرا إلى أن "توقيت وجودهم في السلطة لم يكن مناسبا وقتها،
فكانت النتيجة كارثية".
ولفت إلى أنه
"ليس معنى ذلك أن النتيجة الآن ليست كارثية؛ بل هي كارثية، فلم يتغير نظام
أهدر موارد الشعب، وحقوقه، وكرامته، وقدرته على الحياة، وبقي له التفكير في الغد،
فهو غير مطمئن لمستقبل أولاده، وتقلصت أفكار وطموحات الشعب في كيفية إنهاء يومه
وسداد بعض ما عليه، أو ألا يطالبه أحد بدفع ديونه".
وعن توقعاته
لبقاء مدبولي، من عدمه، يرى مصطفى أن "الإبقاء عليه أو إبعاده أمر لا يمكن
توقعه، ولا بد أن تكون هناك معطيات، فالنظام ليس له خطوات معروفة يمكن القياس
عليها، فنتوقعها".
وأكد أن
"حكومة مدبولي ليست شريكة في أية قرارات ولكنها فقط تنفذ الأوامر"،
مشيرا إلى أن "مصر بالكامل محكومة بـ3 أشخاص، ولا صوت لأحد في الدولة ولا
حكومة ولا وزراء ولا محافظين ولا قيادات عسكرية أو أمنية".
وبشأن ما يثار
عن مخالفة السيسي، الدستور، بتأخير تغييرات المحافظين الذي يعتبرون في حكم
المنتهية ولايتهم، قال مصطفى: "الدستور لم يُحترم نهائيا، ولا أتكلم هنا عن
دستور 2012، ولكن عن دستور 2014، الذي وضعوه هم، وتم تعديله أكثر من مرة، واحدة
منها أثناء الاحتفال بتدشينه، حسب تصريح تليفزيوني شهير ومؤسف، للسياسي المصري
الدكتور محمد أبو الغار".
وختم مؤكدا أن
"هذا الدستور يتم انتهاكه يوميا، وكافة حقوق الشعب، ومنها حقوق المواطن في
طريقة التحقيق معه، وفي سير الإجراءات القضائية، واستمرار الحبس الاحتياطي، وفي
الشفافية والكشف عن المعلومات حول موارد الدولة وسيادتها على أراضيها".