حللت ضيفا ببرنامج "حوار الليلة" على قناة
ليبيا الأحرار
ناقش الدور الليبي في دعم غزة، وكان من بين ضيوف الحلقة ممثل ليبيا في محكمة العدل
الدولية، الدكتور أحمد الجهاني، الذي أنيطت به مهمة تقديم ملف انضمام ليبيا إلى
الدعوة التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد القيادات الإسرائيلية المتورطين في جرائم حرب،
والذي قدم معلومات مهمة في هذا الصدد.
ما ركزت عليه في الحوارية ابتداء هو أنه لا تشكيك في التأييد المطلق
لليبيين لحق
الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال والتنديد الكامل بالجرائم التي
ارتكبها المحتل في مدينة غزة وأهلها منذ شهر أكتوبر الماضي، وأن هناك حبا وتعاطفا
وتأييدا يعود إلى أسباب عقدية واجتماعية وتاريخية، غير أن هذا التعاطف والتأييد
يفتقد إلى قناوات التصريف وأوعية التفعيل التي تجعل منه فعلا مؤثرا على صعيدين:
داخلي يزيد من فعالية وحراك السلطة الحاكمة في البلاد، وخارجي من
خلال الإضافة إلى ما تقوم به القوى الاجتماعية والسياسية العالمية التي أسهمت في
فضح الصهاينة وتجلية الغبار عن الموقف الفلسطيني المقاوم.
المقارنة التي أشرت إليها في الحوارية تدلل على ما ذهبت إليه من
تحليل، فالمقارنة لا تستقيم في حال نظرنا إلى تعاطف وتأييد الشعب الليبي والشعب
البريطاني، فإن كان التأييد الليبي للقضية الفلسطينية ولغزة يمكن أن يكون بنسبة
تصل إلى 100%، أو أقل من ذلك بقليل، فإن الشعب البريطاني منقسم في موقفه،
والمؤيدون لفسلطين وغزة ربما هم الأفلية، لكن تلك الأقلية صنعت ـ ولا زالت ـ حراكا
قويا كان أحد نماذج الدعم المميزة على مستوى العالم، إذ لا يكاد ينقضي أسبوعان إلا
والجموع الهائلة محتشدة تعد بمئات الآلاف في شوارع وميادين وسط لندن معربة عن
استنكارها الشديد للجرائم التي تقع ضد أهل غزة والوقوف الكامل خلف المطالب
الفلسطينية في تحرير البلاد من المحتل.
إن ليبيا كانت أول الدول التي انضمت لجنوب أفريقيا في رفع الدعوة ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، وهذا جيد، غير أن المساحة مهيئة لعمل أوسع، وقد كانت ليبيا سباقة على المستوى السياسي والدبلوماسي في دعم القضية الفلسطينية منذ استقلالها العام 1952م
الفارق الجوهري يعود إلى درجة الوعي والشعور بالمسؤولية وإلى ثقافة
الفعل والتأثير التي ترجع إلى المجتمعات الديمقراطية، وأيضا إلى أدوات التحريك
والتغيير في النظام الديمقراطي ألا وهي المجتمع المدني ومكوناته من أحزاب ومنظمات
وجمعيات تضم تشكيلات عديدة من المجتمع، لتكون من أهم وسائل الضغط على صناع القرار
ومن أبرز أليات استقطاب الفئات المنسحية من المجتمع.
في الوقت التي بُثت في الحوارية على قناة ليبيا الأحرار كان هناك
تجمعا في ميدان أبوشوشة بحي تاجورا بالعاصمة طرابلس، وهو جهد يشكر عليه منظموه، إذ
لم يكن الأول، وربما لن يكون الأخير، كما نظم نشطاء حملات دعم وإغاثة لغزة وجمعت
مبالغ كبيرة وتم إيصالها لمستحقيها هناك، ولا تزال جهود الإغاثة مستمرة، أيضا وقعت
فعاليات مماثلة في أحياء أخرى وفي مدن عدة عبر التظاهر والاحتجاج، إلا إنها كانت محدودة في العدد
والحيوية، وهذا عائد إلى ما سبق ذكره من ضعف في درجة الوعي بطريق الحركة والتأثير
والافتقار إلى أدوات التحرك والتأثير وهي الاحزاب الفاعلة والمنظمات والنشطة.
على المستوى الرسمي، فإن ليبيا كانت أول الدول التي انضمت لجنوب
أفريقيا في رفع الدعوة ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، وهذا جيد، غير أن
المساحة مهيئة لعمل أوسع، وقد كانت ليبيا سباقة على المستوى السياسي والدبلوماسي
في دعم القضية الفلسطينية منذ استقلالها العام 1952م، وقد كان للنظام السابق حضوره
القوي وريادته في جبهة الصمود والتصدي عقب توقيع مصر اتفاق سلام مع إسرائيل العام
1977م، غير أن الخلافات بين الأنظمة الثورية العربية والإشكاليات المعروفة في
المنتظم العربي الرسمي تسببت في تراجع زخمها، إلا أن المثال فيه ما يمكن أن يستدعي من خلال الاتجاه إلى تشكيل جبهة تضم الدول العربية التي لها موقف صريح وقوي من
الاحتلال في عدوانه على غزة واستعدادها لتقديم دعم سياسي أكبر للمقاومة.