قالت كييف إن الروس
يستطيعون الوصول إلى أحدث التقنيات العلمية في أوروبا، مدعية أن ذلك يوفر "بابا
خلفيا للجواسيس الروس".
وبحسب كييف، فإن المنظمة
الأوروبية للأبحاث النووية توفر ذلك الباب الخلفي للروس، وذلك على الرغم من أن أعضاء
المنظمة صوتوا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، لصالح طرد الأعضاء الروس
والبيلاروسيين ردا على الحرب في أوكرانيا.
مع ذلك، فإنه لا يزال
العشرات من العلماء الروس قادرين على الوصول إلى المنظمة الأوروبية للأبحاث
النووية من خلال تعاونها المستمر مع منظمة منفصلة يفترض أنها دولية تسمى المعهد
المشترك للبحوث النووية.
وتأسست المنظمة
الأوروبية للأبحاث النووية، التي تعد بريطانيا طرفاً فيها، في سنة 1954 تحت شعار
غير رسمي هو "العلم من أجل السلام". وهي واحدة من أكبر مراكز البحث
العلمي في العالم، وهي موطن لمصادم الهادرونات الكبير، أقوى مسرّع للجسيمات في
العالم.
وتم إنشاء المعهد
المشترك للبحوث النووية في سنة 1956 كرد فعل سوفياتي على تأسيس المنظمة الأوروبية
للأبحاث النووية. ويتكون المعهد بالكامل تقريبًا من دول حلف وارسو السابقة، وتهيمن
عليه
روسيا، التي تساهم بأكثر من 80 بالمئة من ميزانيته. وفي 20 حزيران/ يونيو، من
المقرر أن يصوت المجلس الدولي للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، والذي يضم 23
دولة عضوًا، على ما إذا كان سيتم تجديد اتفاقية التعاون الخاصة بالمعهد المشترك
للبحوث النووية أم لا.
وكتب البروفيسور بوريس
غرينيوف، ممثل الوفد الأوكراني، إلى أعضاء المجلس يحثهم على التصويت ضد القرار.
وسوف تكون هناك حاجة لأغلبية الثلثين من 17 دولة عضوا لنبذ المعهد المشترك للبحوث
النووية. وذكر غرينيوف أن "استمرار تعاون المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية
مع المعهد المشترك للبحوث النووية خلال الحرب المستمرة من شأنه أن يسمح لمؤسسات
الاتحاد الروسي التي تشارك في البرامج العسكرية بالاستفادة من الوصول المستمر إلى
أحدث التطورات التكنولوجية وتدريب الموظفين على التقنيات المتطورة في المنظمة
الأوروبية للأبحاث النووية، ما يزيد من تأجيج آلة الحرب الروسية".
ونقلت صحيفة
"
التايمز" البريطانية عن غرينيوف قوله إن الوصول إلى المنظمة مكن العلماء
الروس من مواكبة أحدث الأبحاث في مجال "المواد والكاشفات والموصلات"،
والتي يمكن إعادة استخدامها لتصميم وتطوير الأنظمة العسكرية. وقال غرينيوف إن
"المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية هي قبلة
الفيزياء الدولية والتكنولوجيا
الدولية. وكوننا أعضاء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، فإن هذا يوفر بالطبع
بابًا خلفيًا يمكن من خلاله للجواسيس الروس الوصول إلى أحدث التطورات في
العلوم".
يحظر ميثاق المعهد
المشترك للبحوث النووية استخدام أبحاثها لأغراض الحرب. مع ذلك، فإن لدى المعهد روابط
عديدة مع الشركات ومراكز الأبحاث العاملة في مشاريع التكنولوجيا العسكرية. ومن بين
195 جامعة ومؤسسة صناعية وشركات روسية في شراكة مع المعهد المشترك للبحوث النووية،
تخضع 77 منها لعقوبات دولية: 15 من قبل الاتحاد الأوروبي؛ 33 من قبل الولايات
المتحدة؛ ست من بريطانيا؛ و69 من أوكرانيا.
وتشمل هذه المؤسسات
معهد موسكو للفيزياء والتكنولوجيا، الذي يخضع لعقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي
والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوكرانيا بسبب تطويره طائرات مسيرة ومعدات
طائرات مقاتلة للجيش الروسي. ويقوم علماء المعهد المشترك للبحوث النووية بالتدريس في
الجامعة كجزء من برنامجها التعليمي، الذي يرسل 90 عالمًا للعمل في الجامعات في
جميع أنحاء البلاد. وشارك المعهد بشكل مباشر في تطوير تقنيات "ذات استخدام
مزدوج" مدنية وعسكرية، بما في ذلك خلية الوقود للمركبات الجوية المسيرة التي
تمكنها من الحصول على وزن إقلاع يبلغ 750 كيلوغراما والتحليق لمسافات أطول.
وبحسب الصحيفة، فإن مقر
المعهد المشترك للبحوث النووية يقع في "دوبنا"، وهي مدينة للابتكار العلمي خارج موسكو.
وتشارك العديد من الشركات العاملة هناك في مشاريع عسكرية وتخضع للعقوبات، بما في
ذلك مكتب التصميم الهندسي "رادوغا"، الذي يصمم وينتج الصواريخ
الباليستية المستخدمة في أوكرانيا وكان في السابق في شراكة مع المعهد.
وقد تأسست جامعة
المدينة ويديرها المعهد المشترك للبحوث النووية لتدريب العاملين في الشركات في
منطقة دوبنا. وفي السنة الماضية، أطلقت الجامعة برنامجًا مدته سنتان لتدريب 30
مهندسًا سنويًا لمصنع إنتاج الطائرات المسيرة في كرونشتادت في المدينة.
وقال غرينيوف إنه يعتقد
أن التصويت هذا الشهر يمكن أن يذهب في أي من الاتجاهين، وقد امتنع ستة أعضاء،
من بينهم صربيا و"إسرائيل" والمجر، عن التصويت في كانون الأول/ ديسمبر.
ولو أن دولتين أخريين فعلتا نفس الشيء، لكانت روسيا قد ظلت عضوا في المنظمة.
وأضافت الصحيفة أن منع
روسيا وبيلاروسيا لم يحظ بموافقة عالمية من جانب العلماء في المنظمة الأوروبية
للأبحاث النووية. وجاء في عريضة قدمتها مجموعة من الباحثين من مختلف البلدان أن
"هذه العقوبات لن تساعد في تحقيق وقف إطلاق النار أو حل النزاع بل على العكس
من ذلك، فإن هذه التدابير سوف تعزل العلماء الروس والبيلاروسيين وتفصلهم عن
المناقشات الدولية، في العلوم وفي أماكن أخرى.
وقبل شهر كانون الأول/
ديسمبر الماضي، لم تفرض المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية عقوبات على دولة عضو
إلا مرة واحدة، إذ علقت التعاون مع يوغوسلافيا خلال حرب البوسنة في التسعينيات. لكن
بعض العلماء تساءلوا عن سبب عدم فرض عقوبات ضد الاتحاد السوفياتي بعد غزوه
لأفغانستان أو ضد أمريكا وحلفائها خلال الحرب في العراق.
ونقلت الصحيفة عن متحدث
باسم المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية قوله إنه "بعد الغزو الروسي، أوقفنا
كل أشكال التعاون في تطوير تكنولوجيا أجهزة الكشف والمسرعات. ونحن نلتزم بدقة
بجميع العقوبات التي تفرضها دولنا الأعضاء. وتعد المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية
منظمة علمية دولية تقوم بالأبحاث الأساسية في فيزياء الجسيمات. وبموجب نظامها
الأساسي، تقوم المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية بإجراء أبحاث سلمية وعلم مفتوح، ما يعني أيضًا أن أي شيء نقوم به في متناول الجميع".