سلطت
صحيفة
"لوموند" الفرنسية الضوء على اعتراف جيش
الاحتلال، بفشله في الدفاع عن مستوطنة
بئيري، حيث قتل أكثر من مئة من الجنود والمستوطنين، في عملية طوفان الأقصى.
وقالت الصحيفة في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سكان مستوطنة بئيري يطالبون بتشكيل
لجنة تحقيق حكومية، الإجراء الذي عارضه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حتى الآن،
مؤكدًا أنه لا ينبغي أن يتم إلا بعد انتهاء العدوان في
غزة.
وأضافت الصحيفة أن
الحرب المستمرة في غزة منذ ما يقرب من عشرة أشهر أدت إلى تأخير دراسة مسؤولية القادة
الأمنيين والسياسيين الإسرائيليين عن انهيار دفاعات البلاد في مواجهة الهجوم الذي
نفذته حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وهذه القضية بالغة
الأهمية بالنسبة لمستقبل الاحتلال، المهدد على مدى الأشهر الماضية. ولهذا السبب
فإن الإعلان، يوم الجمعة 12 تموز/ يوليو، عن نتائج التحقيق الداخلي الأول الذي
أجراه الجيش، في ما يتعلق بواحدة فقط من المستوطنات الإسرائيلية التي تم اجتياحها
في ذلك اليوم، وهي مستوطنة بئيري، كان له تأثير كبير.
إن المحنة التي أصابت
بئيري في ذلك اليوم سابقة من نوعها؛ حيث قُتل هناك 101 من المستوطنين واحتجز 30
ونقلوا إلى غزة. في المجمل، تسبب الهجوم في مقتل ما يقرب من 1200 إسرائيلي وأسر
250 شخصا.
وتوصل المحققون إلى
سلسلة طويلة من الإخفاقات، تتراوح بين عدم استعداد القوات المتمركزة حول غزة
والرد المتأخر والفوضوي على هجوم حماس. فضلا عن تبرئة ضابط رفيع المستوى وهو
الجنرال باراك حيرام، والذي سمح للدبابة بإطلاق النار على منزل كان مقاومون
فلسطينيون يحتجزون فيه 14 مستوطنا من أي مسؤولية عن القتلى عن هذه الطلقة والهجوم
الذي أعقبها.
وفي مقابلة مع صحيفة
نيويورك تايمز، أكد حيرام، في كانون الأول/ ديسمبر 2023، أنه أمر قواته
"بدخول المنزل، حتى على حساب تسجيل خسائر في صفوف المدنيين"، مقدرا
أن نيران القذائف الخفيفة التي تطلقها الدبابة ستخترق جدارا خارجيا "دون أن
تقتل بالضرورة كل من بداخلها".
وبحسب الجيش، من
المحتمل أن يؤدي هذا التفجير إلى مقتل أسير واحد على الأقل وإصابة آخر.
نقاش
وأثارت هذه الحادثة جدلا
لدى الاحتلال، حول الجهود التي يبذلها الجيش لحماية المدنيين. ففي 7 تموز/ يوليو
زعمت صحيفة "هآرتس" اليسارية أن سلسلة من الأوامر الصادرة في ذلك اليوم،
بما في ذلك من قبل هيئة الأركان العامة، والتي تنطبق على العديد من مناطق القتال
حول غزة، كانت استجابة لـ "توجيهات هانيبال".
وقال المتحدث باسم
الجيش دانييل هاغاري مساء الخميس: "هذه بداية عملية طويلة لإصلاح وإعادة بناء
الثقة بين الجيش الإسرائيلي والرأي العام". وقد عُرضت هذه النتائج على سكان
بئيري في أحد فنادق البحر الميت، حيث لا يزال العديد منهم نازحين.
وستتولى عشرات
التحقيقات الأخرى النظر في أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ومع ذلك، فقد وجهت انتقادات
في ما يخص قدرة الجيش على إجراء تحقيق مستقل. وكان أحد الضباط الذين تولوا قضية
بئيري تولى في هذين اليومين منصب قائد عمليات الجنرال حيرام.
وتوصل المحققون إلى
أنه كان على السكان الدفاع عن أنفسهم بمفردهم تقريبًا لمدة سبع ساعات وأن الجنود
تواجدوا لساعات عند مدخل المستوطنة لكن لم يدخلوا لمساعدة السكان بسبب فشلهم في
تقييم الأحداث. وأشاروا أيضًا إلى أن القوات أعطت الأولوية لإجلاء جرحاها، بينما
قُتل مدنيون بالرصاص في منازلهم.
انهيارات متعددة
وأوردت الصحيفة أن هذه
الفوضى هي نتيجة انهيارات متعددة تشمل انهيار التنظيم العام للدفاعات حول غزة،
والذي تم تصميمه دون تصور أن مقاتلي حماس قد يتمكنون ذات يوم من عبور السياج الذي
يحيط بقطاع غزة بشكل جماعي ثم ضرب مواقع متعددة في وقت واحد.
ويوم الخميس؛ سرد سكان
المستوطنة الأسئلة التي يطرحها هذا التحقيق الأول، مع التأكيد على الأهمية القصوى
التي يعلقونها على "اعتراف الجيش بمسؤوليته في مثل هذا الفشل الذريع"،
مطالبين بتعيين لجنة تحقيق رسمية.
وفي ختام التقرير نوهت
الصحيفة إلى أن وزير الحرب يوآف غالانت دعا إلى إجراء مثل هذا التحقيق يوم الخميس،
وهو ما رفضه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، معتقدًا أنه لا ينبغي فتحه إلا بعد
انتهاء الحرب، لا سيما في ظل شك المسؤولين المنتخبين من حزبه الليكود في شرعية
مثل هذه اللجنة، وخاصة من خلال التشكيك في استقلال قضاة المحكمة السابقين الذين قد
يشاركون فيها.