أعلنت عائلة الطبيب البريطاني من أصول هندية،
عباس خان، أن النظام السوري طلب من العائلة استلام جثته، بعد نحو عام من احتجازه، فيما سبق لوالدته أن زارته مرتين خلال اعتقاله.
وأبلغت مصادر على صلة بالعائلة "عربي21"، نقلا عن شقيقه أفروز خان، أن السطات
السورية أبلغتهم للحضور إلى دمشق لاستلام جثمانه. وتعتقد العائلة أن ابنها قد تم
إعدامه.
وتقول السلطات السورية إن خان شنق نفسه بملابسه في زنزانته. لكن عائلته ومقربين منها يشككون في الرواية، ويقولون إن موته قبل أيام من الموعد المفترض لإطلاق سراحه بحسب ما كان قد أبلغ به النائب البريطاني جورج غالوي، إضافة إلى "إيمانه"، يدفع للاعتقاد بأنه تمت تصفيته على يد النظام السوري.
وكان خان قد سافر إلى سورية عبر تركيا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 مع قافلة لمنظمة "
هيومان إيد" (العون الإنساني) محملة بأدوية ومعدات طبية قيمتها 20 ألف جنيه استرليني. لكنه احتجز على إحدى نقاط التفتيش التابعة للنظام السوري في حلب في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، خلال عودته من مناطق محررة دخلها لمعالجة جرحى. واحتجز بداية في فرع للمخابرات العسكرية في دمشق قبل نقله إلى سجن عدرا.
وكانت عائلة خان قد شكت مرارا مما اعتبرته إهمالا لقضية إبنها من جانب السلطات البريطانية "لأنه مسلم". وقال شقيقه شاه لصحيفة التايمز البريطانية الشهر الماضي؛ إن العائلة "لم يعد أمامها خيار إلا نسبة البطء في التعامل مع قضية شقيقه لكونه مسلما، فلو كان اسمه جون سميث لاتخذت الحكومة إجراءات عاجلة وعملت على إطلاق سراحه". وقال: "هناك شعور لدى المسؤولين يتعلق بسفر هذا الرجل وإن كان حقيقة لاغراض إنسانية او لأغراض شريرة".
وكان عباس خان، المتزوج وله ولدان، وهو من جنوب لندن، يعمل كطبيب متدرب في طب العظام. وكان قد طلب إجازة من عملة لمدة ستة أشهر حيث اختفى خلال هذه الفترة. واعتقدت عائلته في البداية أنه قد مات، لكنها علمت فيما بعد أنه محتجز في سجن عسكري، حيث تعرض للتجويع والضرب فيه، ونقل بعدها إلى سجن في دمشق. وسافرت والدته فاطمة خان إلى سورية لزيارته في السجن والبحث عن طرق لإطلاق سراحه.
وتعرض الدكتور خان خلال اعتقاله للضرب والتعذيب بشكل متكرر، كما احتجز بعيدا عن العالم الخارجي ولم يُسمح بالاتصال به.
وقد تمكنت والدته بعدما دفعت مبالغ مالية كبيرة؛ من زيارته في فرع فلسطين للمخابرات العسكرية في دمشق بعد مرور نحو تسعة أشهر على احتجازه، وكان بحالة يرثى لها. ثم زارته في سجن عدرا المركزي وكانت حالته أفضل.
من جهته، قال سفير الائتلاف الوطني السوري في لندن، وليد سفور، إن النظام السوري "حاول أن يقايض عليه بزيارة أعضاء من البرلمان البريطاني من أجل الابتزاز وتلميع صورة النظام، ولما لم تتم العملية تمت تصفية عباس خان في السجن، وأُعلم أهله (الاثنين) ليتعرفوا على جثته ويأخذوها".
وعبرت الجمعية الطبية السورية البريطانية والجمعية الطبية الإسلامية البريطانية عن "حزنهما العميق لفقدان زميل شجاع وصاحب ضمير حي؛ دفع ثمنا باهظا مقابل تحقيق أمنيته بمساعدة أناس في ساعة العسرة".
ودعت الجمعيتان في بيان مشترك؛ الحكومة البريطانية للعمل على ضمان قيام النظام السوري بتسليم جثمان خان وإعادته إلى بريطانيا "دون تأخير".
كما دعا البيان "الحكومة البريطانية والمجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة الطبية الدولية؛ إلى إدانة المضايقات والاعتقالات والتعذيب والقتل الذي تتعرض له الطواقم الطبية العاملة على الأرض في مساعدة الجرحى" في سورية.
وشددت الجمعيتان على أن تصفية الدكتور خان "تذكّر بوحشية النظام السوري الذي لا يقيم وزنا للقوانين والمعاهدات الدولية"، كما اعتبرتا أن "الاستهداف الممنهج والمتواصل للأطقم والمنشآت الطبية من جانب النظام السوري، وهو ما أشارت إليه بوضوح العديد من التقارير الدولية" هو "نتيجة مباشرة للامبالاة المجتمع الدولي".
من جهتها، أعربت منظمة العفو الدولية في بريطانيا عن قلقها العميق بعد وفاة خان.
وقال كريستيان بنيديكت، مدير حملة سورية في المنظمة: "نحن لا نعرف الظروف الكاملة المحيطة بوفاة عباس خان حتى الآن، لكننا نعتبرها وفاة أخرى مقلقة للغاية في الحجز في سورية، ونعلم جيداً أن
تعذيب المعتقلين يجري هناك على نطاق واسع مع الإفلات من العقاب من قبل السلطات السورية، ويتم في الكثير من الأحيان احتجازهم في زنازين مزدحمة تنتشر فيها الحشرات، وحرمانهم من العلاج الطبي، وإساءة معاملتهم حتى من قبل الأطقم الطبية".
ودعا الحكومة البريطانية إلى "إدانة وفاة الطبيب خان بأشد العبارات الممكنة، وضمان تقديم المسؤول عنها للعدالة مهما طال الزمان".
وأضاف بنيديكت أن "الوفاة المأساوية للطبيب خان تعزز الحاجة إلى استمرار بريطانيا في الضغط على مجلس الأمن الدولي لإحالة الوضع في سورية إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية".
وأشارت منظمة العفو الدولية فرع المملكة المتحدة إلى أنها "تلقت أسماء أكثر من 1000 شخص لقوا حتفهم أثناء احتجازهم من قبل قوات الأمن السورية منذ بداية الأزمة في سورية في آذار/ مارس 2011، كما جرى احتجاز الآلاف من الناس بمعزل عن العالم الخارجي ومن دون تهم، وغالباً في أوضاع ترقى إلى الاختفاء القسري".